من معاني الرفق

منذ 2014-02-03

الرِّفق ضد العنْف، وهو لين الجانب، ويقال: رَفَق بالأَمر وله وعليه يَرْفُق رِفْقًا، ومرفقًا: لان له جانبه وحسن صنيعه. ورَفُقَ يَرْفُقُ ورَفِقَ لطف ورفَقَ بالرجل وأَرْفَقه بمعنى وكذلك تَرفَّق به.

 
معنى الرفق لغةً واصطلاحًا

معنى الرفق لغةً: الرِّفق ضد العنْف، وهو لين الجانب، ويقال: رَفَق بالأَمر وله وعليه يَرْفُق رِفْقًا، ومرفقًا: لان له جانبه وحسن صنيعه. ورَفُقَ يَرْفُقُ ورَفِقَ لطف ورفَقَ بالرجل وأَرْفَقه بمعنى وكذلك تَرفَّق به [1467] النهاية لابن الأثير (2/246)، لسان العرب لابن منظور (10/118)، المعجم الوسيط (1/362).

معنى الرِّفق اصطلاحًا: قال ابن حجر في تعريف الرِّفق: هو لين الجانب بالقول، والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف [1468] فتح الباري لابن حجر (10/449).

وقال القاري: هو المداراة مع الرفقاء، ولين الجانب، واللطف في أخذ الأمر بأحسن الوجوه، وأيسرها [1469] مرقاة المفاتيح للقاري (8/3170).
 
أولًا: في القرآن الكريم: قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
 
يقول تعالى مخاطبًا رسوله صلى الله عليه وسلم، ممتنًّا عليه وعلى المؤمنين فيما آلان به قلبه على أمته، المتبعين لأمره، التاركين لزجره، وأطاب لهم لفظه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ} أي: أي شيء جعلك لهم لينًا لولا رحمة الله بك وبهم [1470] تفسير القرآن   العظيم لابن كثير (2/148).

وقال سبحانه مخاطبًا الرسول: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215] أي: ارفق بهم وألن جانبك لهم [1471] معالم التنزيل للبغوي (6/207).

وقال سبحانه: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43-44].
 
فقوله تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا} أي: سهلًا لطيفًا، برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف [1472] الصلف: مجاوزة القدر في الظرف والبراعة والادعاء فوق ذلك تكبرا. انظر: لسان العرب لابن منظور (9/196)، ولا غلظة في المقال، أو فظاظة في الأفعال، لَّعَلَّهُ بسبب القول اللين يَتَذَكَّرُ ما ينفعه فيأتيه، أَوْ يَخْشَى ما يضره فيتركه، فإنَّ القول اللين داع لذلك، والقول الغليظ منفر عن صاحبه [1473] تيسير الكريم   الرحمن للسعدي (506).
 
ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أن يهود أتوا النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليكم. فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم. قال: مهلًا يا عائشة، عليك بالرِّفق وإياك والعنف والفحش. قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في»[1474] رواه البخاري (6030).

وعن جرير رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يحرم الرِّفق يحرم الخير» [1475] رواه مسلم (2592). يعني أنَّ الإنسان إذا حرم الرِّفق في الأمور فيما يتصرف فيه لنفسه، وفيما يتصرف فيه مع غيره، فإنَّه يحرم الخير كله، أي: فيما تصرَّف فيه، فإذا تصرَّف الإنسان بالعنف والشدة، فإنَّه يحرم الخير فيما فعل، وهذا شيء مجرَّبٌ ومشاهد، أنَّ الإنسان إذا صار يتعامل بالعنف والشِّدَّة؛ فإنَّه يحرم الخير ولا ينال الخير، وإذا كان يتعامل بالرِّفق والحلم والأناة وسعة الصدر؛ حصل على خيرٍ كثير، وعلى هذا فينبغي للإنسان الذي يريد الخير أن يكون دائمًا رفيقًا حتى ينال الخير [1476] شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (3/592).
 
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به» [1477] رواه مسلم (1828).
 
وقد يظن بعض النَّاس أنَّ معنى الرِّفق أن تأتي للناس على ما يشتهون ويريدون، وليس الأمر كذلك، بل الرِّفق أن تسير بالنَّاس حسب أوامر الله ورسوله، ولكن تسلك أقرب الطرق وأرفق الطرق بالنَّاس، ولا تشق عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله، فإن شققت عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله، فإنَّك تدخل في الطرف الثاني من الحديث، وهو الدعاء عليك بأن يشق الله عليك [1478] شرح رياض   الصالحين لابن عثيمين (3/634).
 
وعنها أيضًا رضي الله عنها عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الرِّفق لا يكون في شيء إلا زانه» [1479] الزين: ضد الشين. انظر: تاج العروس للزبيدي (35/162)، ولا ينزع من شيء إلا شانه [1480] شانه يشينه شينا: ضد زانه، أي عابه. انظر: تاج العروس للزبيدي (35/299). [1481] رواه مسلم (2594).

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أعطي حظه من الرِّفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرِّفق حرم حظه من الخير» [1482] رواه الترمذي (2013) واللفظ له، وأحمد (6/451) (27593)، والبخاري في الأدب المفرد (464). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع (6055). إذ به تنال المطالب الأخروية والدنيوية وبفوته يفوتان [1483] فيض القدير للمناوي (6/75).

وهذه النصوص التي مرت معنا تدل على أنَّ الرِّفق في الأمور، والرِّفق بالنَّاس، واللين، والتيسير، من جواهر عقود الأخلاق الإسلامية، وأنَّها من صفات الكمال، وأنَّ الله تعالى من صفاته أنَّه رفيق، وأنه يحب من عباده الرِّفق، فهو يوصيهم به ويرغبهم فيه، ويعدهم عليه عطاءً لا يعطيه على شيءٍ آخر. ويُفهم من النصوص أنَّ العنف شَيْن خلقي، وأنَّه ظاهرة قبيحة، وأنَّ الله لا يحبه من عباده [1484] الأخلاق الإسلامية لعبد الرحمن الميداني (2/339).

 
المصدر: الدرر السنية