هل تقف ليبيا على أعتاب حرب أهلية ؟

منذ 2014-02-17

خلال الأيام الأخيرة شهدت ليبيا حالة متزايدة من التوتر الأمني والسياسي، أكثر من أي وقت آخر منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، وإذا كان التوتر الأمني أصبح معتادا في البلاد نتيجة لعدم إحكام الجيش والشرطة لقبضتهما على البلاد، والتهاون في التعامل مع بعض المليشيات المسلحة.

خلال الأيام الأخيرة شهدت ليبيا حالة متزايدة من التوتر الأمني والسياسي، أكثر من أي وقت آخر منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، وإذا كان التوتر الأمني أصبح معتادا في البلاد نتيجة لعدم إحكام الجيش والشرطة لقبضتهما على البلاد، والتهاون في التعامل مع بعض المليشيات المسلحة، إلا أن التوتر السياسي شهد حالة من التشنج بعد أن مد المؤتمر الوطني الليبي -البرلمان- ولايته بعد انتهائها ووضع خريطة طريق جديدة دون توافق مع بقية القوى السياسية، وهو ما أدى إلى احتجاجات واسعة خصوصا مع العجز الواضح في أداء المؤتمر والحكومة على مواجهة المشاكل الاقتصادية والأمنية التي تواجهها البلاد.

الأخطر أن السلطات الليبية أعلنت فجأة عن محاولة انقلاب خطط لها عسكريون ومدنيون، وأكدت أنها أحبطت العملية واعتقلت 35 ضابطا من المتورطين في المحاولة، وبعد يوم واحد من هذا الإعلان خرج قائد الجيش الليبي السابق على شاشات التلفزة ليعلن عن تجميد المؤتمر الليبي والحكومة! وتشكيل مجلس رئاسي يترأسه رئيس مجلس القضاء الأعلى لتسيير شؤون البلاد، وأطلق خريطة طريق جديدة وسط أنباء عن تأييد قطاع من الجيش له.

ورغم أن المحاولة تبدو كانقلاب عسكري إلا أنه أكد على: "ان زمن الانقلابات ولى، وأنه ينحاز إلى إرادة الشعب" -على حد قوله- وبعد قليل من بيان قائد الجيش السابق خرج رئيس الوزراء علي زيدان لكي يؤكد من جديد على: "أن هذا البيان ليس له  محل من الإعراب، وأن البرلمان والجيش مستمرين في عملهما، وأن الجيش يحمي النظام وسيعاقب القائد السابق للجيش على بيانه الانقلابي، وأن القرار بيد الشعب الليبي وحده..!".

حرب البيانات والبيانات المضادة لن تستمر طويلا، فعلى كل طرف أن يتحرك على الأرض من أجل فرض موقفه وهو ما حدث بالفعل، حيث بدأ كل طرف يزعم أنه سيطر على بعض المواقع، بينما الآخر ينفي ولن تلبث هذه المزاعم أن تتحول لاشتباكات وعنف وقتلى، من الواضح أن الحوار بين القوى المختلفة في ليبيا لم يصل إلى نتيجة خلال الفترة الماضية، وأن كل طرف قرر أن يستخدم ما يراه مناسبا من الأوراق، وهو ما ينذر باندلاع حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس في بلد قبلية تنتشر فيها المليشيات المسلحة والأسلحة من كل نوع، مع عدم وضوح ولاء الجيش الذي تم تشكيله على عجل بعد الثورة ويضم عناصر ذات توجهات مختلفة.

حزب العدالة والبناء الإسلامي -الذي يعد القوى الثانية في البرلمان ويعارض الحكومة الحالية وعارض فكرة التمديد للمؤتمر الوطني حيث رأى أنه فشل حتى الآن في تلبية طموحات الشعب- دعا إلى انتخابات مبكرة للخروج من الأزمة الحالية وهو حل جيد ويضمن الرجوع للشعب بطريقة واضحة دون ادعاءات، ومحاولة لحشد الأنصار في الشوارع مع ما في هذا من خطورة وتصعيد للعنف، ولكن هذه الدعوة لم تلق حتى الآن الاستجابة اللازمة..

يبدو أن القليل من القوى السياسية في عالمنا العربي هي من تتعلم من دروس التاريخ والحاضر، فلا الانقلابات العسكرية واستخدام القوة تبني أوطانا، ولا التعنت وتجاهل مطالب الشعوب تؤدي إلى استقرار، لقد فطنت القوى السياسية في تونس لهذا واستطاعت تجاوز أزمتها رغم كل السلبيات التي تحيط بتجربتها، وهي تجاوزت الدخول في مسنتقع من العنف لا يعلم مداه إلا الله، حدث هذا منذ سنوات في الجزائر والآن نراه في مصر، مع تصلب الأراء حول إمكانية الوصول لحل ينهي الأزمة المتفاقمة منذ عزل الرئيس مرسي.

لماذا لا يتفق الجميع على الرجوع للشعب بآلية واضحة وصريحة، وأمام العالم كله ليقرر ولو بفارق صوت واحد في أي طريق تسير البلاد؟ فهذا على الأقل أفضل من التناحر، إن ليبيا بدأت في الدخول في النفق ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى خروج وشيك.


خالد مصطفى