{وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}
هذه آية تخيف وترعب، وتنذر وتتوعد، وتهز القلب هزا، ويحتاج المسلم أن يطيل تردادها والتأمل في معانيها، لا سيما مع طول الأمد، وقسوة القلب وتوالي الغفلة، وإحسان الظن بالنفس، وامتلائها بأمراض القلوب المهلكة.
هذه آية تخيف وترعب، وتنذر وتتوعد، وتهز القلب هزا، ويحتاج المسلم أن يطيل تردادها والتأمل في معانيها، لا سيما مع طول الأمد، وقسوة القلب وتوالي الغفلة، وإحسان الظن بالنفس، وامتلائها بأمراض القلوب المهلكة.
فما هذا الذي بدا للعبد من الله رب العالمين؟
وأي هول وويل وعذاب يلاقيه؟
وأي خزي وحسرة وخيبة أمل ينتظره؟
ولماذا يفاجأ الإنسان بما لم يكن يتوقع قط فيخيب ظنه، ويضل سعيه، ويبدو له ما لم يكن قط في الحسبان؟
لعل السبب أنه عاش حياته في وهم كبير طويل عريض..! وهم أنه صالح مطيع، وأنه تقي نقي، وأن الله راض عنه ومتقبل لعمله، وأنه داخل الجنة ومنعم فيها.. وقد زين له هذا الوهم مكر النفس وتزيين الشيطان، وربما غره ستر الله لباطنه وخفايا عمله، وثناء الناس وإعجابهم بظاهره المتجمل، وسوء فهمه لمعنى حسن الظن بالله دون عمل.
ثم ماذا؟!
جاءت القيامة وبانت الخفايا، وبليت السرائر، وظهرت الحقيقة الصادمة في الآخرة {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47].
ورحمة الله على محمّد بْن الْمنْكدر والذي جزع عنْد موْته جزعا شديد، فقيل له: "ما هذا الجزع؟ قال: أخاف آية منْ كتاب اللّه: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} فأنا أخْشى أنْ يبْدو لي ما لمْ أكنْ أحْتسب".
فاللهم عفوك ومغفرتك وسترك، عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله، ولا تخيب ظننا فيك، ولا رجاءنا في رحمتك الواسعة.
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: