المرأة في قفص الاتهام

منذ 2014-02-24

عجيب أمر هذه المرأة، لا يعجبها شيء في الأرض ولا في السماء، فهي دائماً تناضل وتكافح من أجل نيل حقوقها وتشكو من سطوة الرجل وجبروته ومن الأعراف والعادات التي تكبّلها، ماذا تريد فعلاً أكثر مما أخذت؟ فهي كانت تحارب من أجل تغيير حالتها في عالمها العربي، وقد تغير وأصبحت في كل مكان بجانب الرجل ولكن رغم كل تلك التحولات ما زالت تطالب بحقها في الحياة والعيش بأمان.


عجيب أمر هذه المرأة، لا يعجبها شيء في الأرض ولا في السماء، فهي دائماً تناضل وتكافح من أجل نيل حقوقها وتشكو من سطوة الرجل وجبروته ومن الأعراف والعادات التي تكبّلها، ماذا تريد فعلاً أكثر مما أخذت؟ فهي كانت تحارب من أجل تغيير حالتها في عالمها العربي، وقد تغير وأصبحت في كل مكان بجانب الرجل ولكن رغم كل تلك التحولات ما زالت تطالب بحقها في الحياة والعيش بأمان.

أستغرب فعلاً عندما تتزيّن المرأة وهي في طريقها لعملها بأبهى زينة، وتكشف عن مفاتنها وتلبس ثياباً مغرية، ومع ذلك تشمئز من تحرشات الشباب في الشارع والعمل، أتحسب أنها تعيش بمفردها أم أن غريزة الشباب منطفئة! من الطبيعي جداً أن يتهيج وتهيج غريزته عندما يشاهد الفتاة أو المرأة أمامه وهي تتدلى بزينتها وتتمايل أمامه بخطى فيها إغراء كبير وتهييج لفطرة مغروسة في الرجل، وأستغرب من المنسقات أكثر اللائي يعملن عند كبراء القوم حينما يفرشن أثداءهن أمام عينيه ويلبسن لباساً لا يواري سوءاتهن، فلا شك أن مديرها سيعبث بجسدها ويحاول الوصول إليها بكل الوسائل والطرق، هي تغريه وتجلب المشكلة معها! ثم بعدها تصرخ وتستنجد بمنظمات ميتة في العالم لتنقذها من براثن الذئب في شكل إنسان..

وهي في الوقت نفسه تنبذ تعاليم الإسلام الذي يدعو إلى سترها وحفظ كرامتها، فعندما أمرها بالستر ولا تري من جسدها إلا الوجه والكفين ولا تلبس لباساً ضيقاً أو شفافاً يغري الناظرين إليه، ولا تتزين أمام الرجال بأنواع المساحيق التي تسحق جمالها، ولا تتطيب بطيب يجذب زبائنها إنما يريد أن يحفظها من عيون مرضى القلوب الذين لا يفتؤون يبحثون عن القذارة في كل مكان لإشباع غرائزهم، وهم لا يضبطونها متى دعتهم لذلك لبوا طلبها على وجه السرعة دون حساب أو عقاب أو رادع أو وازع، أراد أن يعلمها أن جسدها لا يمسه إلا زوجها شريك حياتها، ولا تهنأ بالعبث والكلام المنمق الذي لا يريد من خلاله صاحبه إلا التمتع بجسدها وهي تتلوّى وتتلون أمامه بنظرات وابتسامات يظن أنها قد صاحبته، ويمكن أن تهديه جزءا من جسدها ليستمتع به.

كفى المرأة شكوى وهي التي تزرع في نفسها الأشواك، وتوهم الآخرين بأنها مظلومة للأبد، وأن المنظمات العالمية لا بد أن تدافع عنها وتلزم الرجال بالابتعاد عنها، هي منظمات عاجزة ومعوقة لا تسعى لفائدة المرأة، منظمات تعكس رداءتها في الدفاع عن كيان المرأة فمرة تدافع عنها وأخرى تسمح بأن تجعلها سلعة تباع وتشترى، وتجعلها صورة لغلاف مجلة تبرز فيها ما خفي من جسدها، وبعد أن يراها العامة والخاصة تشكو من المتطفلين الذين يحومون حولها وتدعو لمحاكمتهم..

نعم يوجد رجال لا يحترمون المرأة في بعض البلدان وما زالت تجول في عقولهم فكرة الاعتداء على جسدها للتمتع بمفاتنها، ولا ننكر وجود رجال يتسلطون ويحجبون المرأة عن التعامل مع العالم الخارجي؛ لأنها عورة يجب أن تختفي من عيون الرجال، ولكن الإسلام وسط يعطي المرأة حقوقها كاملة ويمنحها الحق في أن تدافع عن شرفها، ويحذرها من التبرج؛ لأنه مفسدة وإهانة لكرامتها، والله أعلم بأحوالنا لأنه خالقنا، فهو يعلم أن الرجل لا يترك المرأة على حالها وغريزته أقوى من غريزة المرأة وأسرع في الانقضاض، لذلك شرع له أن يتزوج أربعة في إطار من العدل والمساواة بينهن وإلا فواحدة.

المرأة سر من الأسرار، سر يدعو إلى الحيرة أحياناً، وكفاها تباكياً وتشكياً من وضع صنعته أو اصطنعته بنفسها ولنفسها والحل أمامها قائم، فليس تحرير المرأة يقصد منه إخراجها من البيت لتسلي الرجل في الخارج، ولا حجزها في البيت خوفاً على اغتصابها، ولكن تحرير المرأة بتحرير فكرها من هذه الأوهام التي غرسها المستعمر، ولا زلنا نتلظى بنارها ونكتوي برمادها، ونعتصر ألما حينما نشاهد امرأة تبكي حالها وهي لا تعلم ما لها وما عليها، عليها أن تراجع نفسها وتقف عند حدودها وبعدئذ تتكلم عن حقوقها. 


فوزي بن يونس بن حديد