التربية على الثقة بالنفس

منذ 2014-03-05

الفتاة العفيفة النظيفة القلب، السليمة الفطرة الثاقبة النظر، العميقة التربية تتأذي وتضيق من مزاحمة الرجال والاحتكاك الذي يفرضه العمل خارج البيت، فغايتها ألا تحتك بالرجال ولا تزاحمهم، بل تأوي إلى بيتها فتستقر فيه..

قال الله تعالى حكاية عن قول ابنة شعيب لأبيها: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا...} [القصص:26]: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ..}، الفتاة العفيفة النظيفة القلب، السليمة الفطرة الثاقبة النظر، العميقة التربية تتأذي وتضيق من مزاحمة الرجال والاحتكاك الذي يفرضه العمل خارج البيت، فغايتها ألا تحتك بالرجال ولا تزاحمهم، بل تأوي إلى بيتها فتستقر فيه، ومع ذلك إذا اضطرت إلى العمل والخروج من بيتها فهي تخرج فتنتظر الفرصة لكي تأوي إلى بيتها، فلنلتمس أيها المربي وأيتها المربية في هذه الفتاة القدوة الصالحة لفتياتكم، لا المغنيات الكاسيات العاريات..

{...إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص:26]، فمثل هذه الفتاة لم تتربى على العفة والطهارة وحسن الأدب فقط، بل تربت على الثقة بالنفس وعلى إعمال العقل والحكمة، فنراها تربط بين المواقف لتستخلص منها الأحكام، التي تحتاج إلى أن تُدرس للمربين قبل الأولاد في دور مؤسسات التعليم، فما فعلته الفتاة يسميه النفسيون والمختصون بالذكاء (التركيب) فهذا الأسلوب من أعلى مراتب الذكاء، فبالرغم من أنها كانت تعيش في بيئة صحراوية بدوية إلا أنها تربت تربية عقلية في أعلى المراتب والدرجات، فاعتبروا يا أولي الأبصار من القائمين على التربية بجميع مؤسساتها.

كما أن الفتاة وهي تعرض على أبيها رأيها لا تتلعثم ولا تضطرب، ولا تخشى من أبيها سوء الظن والتهمة، فهي تعلم من ثقة اأبيها فيها ومن إتاحته لها فرصة التعبير عن الرأي، ولذلك فهي تعرض رأيها في ثقة تامة وثبات منقطع النظير؛ لأنها قد تربت تربية قائمة تفتح العقل وتوسيع مداركه، لذلك أتت بهذه المقوله الشهيرة والحكيمة البليغة والقاعدة الأصيلة، والشروط التي لا بد أن تتوافر فيمن يتولى أمرًا من الأمور، وبه أخذ عمر بن الخطاب حين قال: "أشكو إلى الله ضعف الأمين وخيانة القوي"، فهو يسأل الله أن ييسر له القوي الأمين الذي يستعين به في إدارة شئون دولته. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

محمد سلامة الغنيمي

باحث بالأزهر الشريف