نماذج من عدل الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف

منذ 2014-03-13

الإسلام هو دين العدالة، وإنَّ أمة الإسلام هي أمة الحق والعدل، وقد أقام الرسول صلى الله عليه وسلم العدل، وكان نموذجًا في أعلى درجاته، وأقامه خلفاؤه من بعده...

نماذج من عدل الرسول صلى الله عليه وسلم

الإسلام هو دين العدالة، وإنَّ أمة الإسلام هي أمة الحق والعدل، وقد أقام الرسول صلى الله عليه وسلم العدل، وكان نموذجًا في أعلى درجاته، وأقامه خلفاؤه من بعده.

- فقد ورد "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يُعدِّل به القوم، فمرَّ بسواد بن غزيَّة حليف بني عدي ابن النجار قال: وهو مستنتل[1] من الصف، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه، وقال: «استوِ يا سواد». فقال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالعدل، فأقدني. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استقد». قال: يا رسول الله، إنَّك طعنتني، وليس عليَّ قميص. قال: فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: «استقد»[2]، قال: فاعتنقه، وقبَّل بطنه، وقال: «ما حملك على هذا يا سواد؟». قال: يا رسول الله، حضرني ما ترى، ولم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير" (رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة: [3/1404]، قال الألباني في السلسلة الصحيحة [6/808]: "إسناده حسن إن شاء الله تعالى").

- وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "أنَّ قريشًا أهمَّهم شأن المرأة التي سَرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلِّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟!». فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال «أما بعد: فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني -والذي نفسي بيده- لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (رواه البخاري: [3475]، ومسلم: [1688])، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقُطعت يدها.

نماذج من عدل الصحابة رضي الله عنهم

عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

- عن عطاء: قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر عماله أن يوافوه بالموسم، فإذا اجتمعوا قال:
"أيها الناس، إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم، إنما بعثتهم ليحجِزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم. فمن فعل به غير ذلك فليقم. فما قام أحد إلا رجل واحد قام، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ عاملك فلانا ضربني مائة سوط. قال: فيم ضربته؟ قم فاقتص منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين إنك إن فعلت هذا يكثر عليك ويكون سنة يأخذ بها من بعدك. فقال: أنا لا أُقيد وقد رأيت رسول الله يقيد من نفسه. قال: فدعنا فلنرضه. قال: دونكم فأرضوه. فافتدى منه بمائتي دينار. كل سوط بدينارين" (رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: [3/293] من حديث عطاء).

- ولما أُتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتاج كسرى وسواريه، قال: "إنَّ الذي أدَّى هذا لأمين! قال له رجل: يا أمير المؤمنين، أنت أمين الله يؤدون إليك ما أديت إلى الله تعالى، فإذا رتعت رتعوا" (رواه البيهقي في السنن الكبرى: [13033]).

عدل علي رضي الله عنه:

- افتقد علي رضي الله عنه درعًا له في يوم من الأيام، ووجده عند يهودي، فقال لليهودي: "الدرع درعي لم أبع ولم أهب. فقال اليهودي: درعي وفي يدي، فقال: نصير إلى القاضي، فتقدَّم علي فجلس إلى جنب شريح، وقال: لولا أنَّ خصمي يهودي لاستويت معه في المجلس، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وأصغروهم من حيث أصغرهم الله».

فقال شريح: قل يا أمير المؤمنين. فقال: نعم، هذه الدرع التي في يد هذا اليهودي درعي لم أبع ولم أهب، فقال شريح: إيش تقول يا يهودي؟ قال: درعي وفي يدي. فقال شريح: ألك بينة يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم؛ قَنْبَر والحسن يشهدان أنَّ الدرع درعي. فقال شريح: شهادة الابن لا تجوز للأب. فقال علي: رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة». فقال اليهودي: أمير المؤمنين قدَّمني إلى قاضيه، وقاضيه قضى عليه، أشهد أنَّ هذا هو الحقُّ، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله، وأنَّ الدرع درعك" (ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء: [142]، وقال: "أخرجه الدراج في جزئه المشهور بسند مجهول عن ميسرة عن شريح القاضي").

ـــــــــــــــــــــــــــ

المراجع والهوامش:

[1]- (استنتل من الصف: إذا تقدَّم أصحابه. لسان العرب؛ لابن منظور:  [11/644]).

[2]- (اقتص. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر؛ لابن الأثير: [4/ 119]).

 

 

المصدر: الدرر السنية