ذاكرة متعبة!

منذ 2014-03-13

لم أشأ أن أُوقِظ ذاتي؛ لأنها كانت الوحيدة التي نامت بيننا؛ ليس لأنها لا تُجيد الانتظار، بل لأنها قد تَعِبت من الانتظار، ففضَّلت أن تنام على أمل أن يَبزُغ ضوء القناديل ليَكسِر وحشة الليل الصمّاء...

إلى أين أمضي وقد تَعِبت خطواتي؟ هأنذا أسير ببطء شديد، لا أعلم إن كنت سأصِل في الوقت المحدَّد، أو قد لا أصل، بل قد لا أسير أبدًا!

على رصيف العَرَاء مكثتُ أتنفَّس أوجاعي، كنتُ أُراقِب الليلَ وهو يتنفَّس بين خلايا الشجر، والعُشْب وهو ينتظر قدوم الصباح حتى يتمكَّن من الاستيقاظ، كنت أنا مثله أنتظر قدوم هذا الصباح، بل كُنَّا جميعًا ننتظر، ما هذا؟ ما بال الجميع لا ينام؟! لِمَ نكتفي بالتأمُّل والترقُّب؟!

لم أشأ أن أُوقِظ ذاتي؛ لأنها كانت الوحيدة التي نامت بيننا؛ ليس لأنها لا تُجيد الانتظار، بل لأنها قد تَعِبت من الانتظار، ففضَّلت أن تنام على أمل أن يَبزُغ ضوء القناديل ليَكسِر وحشة الليل الصمّاء.

هأنذا أجلس مرةً أخرى على الرصيف أتنفَّس أوجاعي، تلك التي خلَّفها هذا الانتظار القاتل الذي لا يَرحم، لم أَعُد قادرة على التنفس فَرُحْت ألمس حرية النسيم على عتبة الهواء، استنشقت منه الكثير حتى خُيِّل لي أنني سأثْمَل، ورُحت أتساءل في داخلي: ماذا لو قُطِع عني هذا النسيم؟ ماذا لو أن الشجر حرمني من هذا النسيم؟! لكَمْ هو صعب أن تَفقِد الهواء! هذا ما استنتجته إن حُرِمت من النسيم.

لا زِلت أبحث عن الكلمات التي تروي تعبي، أبدو مشوَّشة الأفكار، تتضارب الحروف عندي والجُمل؛ فلم أَعُد أَقدِر على التفريق بين المبتدأ والخبر، ولا الفعل والفاعل، كل ما بتُّ أُجيده هو البحث عن ضالتي، التي هي ذاتي، لم تستيقظ بعد، إخالني سأخرج دون توديعها بل دون أن أراها، ما بالها لا تستمع إلى ندائي عندما أناديها؟! ما بالها لا تصرخ مثلما أصرخ، لا تبكي مثلما أبكي، لا تجوع مثلما أجوع أنا إلى الراحة والهدوء؟!

تُعاوِدني فكرة الانتظار مرة أخرى، وأتساءل: ألن أمشي خطوة إلى الأمام وأبقى أنتظر؟! ليتني أَملِك الجواب.

أُخرِج يدي من جيبي، وأمسح قطرة ماء نزلت على خدي، ولم أعد أدري! أهو المطر يَهطِل أم أن دموعي باتت تغسلني؟ وأقول في داخلي: هذه المرة سأحرق تعبي، فقد مللتُ من تقليبه بين الفَيْنة والأخرى، مللت من تلك الأنَّات التي تَصدُر مني وأنا أتألَّم من هذا التعب، فكم هو مُحزِن لأنني لم أتمكَّن من إيقاف هذه الدموع!

مرة أخرى؛ يعود الانتظار إلى مملكتي، ويُسيطر على حِصْنها المنيع، وهذه المرة لا أحد يمكنه إيقاف هذا الانتظار المعذِّب، فآلامه أكثر من آماله، وآماله أقل من أحلامه، ما ذنبي أنا وهذا الانتظار أقاسمه الصبر مرة، وأقاسمه العذاب مرة أخرى؟!
ـــــــــــــــــــــــــــ

بقلم: عليمة نعون