من نواقض الإسلام - (1) الشرك في عبادة الله (1)

منذ 2014-03-27

نواقض الإسلام أكثر من عشرة نواقض لكن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: ذكر عشرة نواقض لأسباب منها: أن هذه النواقض مما اتفق العلماء على كونها نواقضًا للإسلام، ومنها: أن هذه النواقض الأكثر وقوعًا بين الناس، ومنها: أن هذه النواقض أشد النواقض خطرًا، ولذلك خصها الشيخ بالذكر والعناية كما ذكر في نهاية النواقض.

فائدة:
الكفر أعم من الشرك، لأن الكافر قد يكون جاحدًا للرب سبحانه وتعالى، لا يؤمن برب مثل فرعون والمعطلة والدهرية، وأما المشرك فإنه يؤمن بالرب ولكنه يشرك معه غيره فبين الكفر والشرك عموم وخصوص.

الناقض الأول:

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:"اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض.
الأول: الشرك في عبادة الله تعالى قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48]، وقال: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:72].ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر، وأشهرها الشرك في عبادة الله".

 

الشـرح:

المسألة الأولى: لابد للعبد أن يخاف على دينه.

إن مما ينبغي للمسلم مادام على قيد الحياة أن يخاف على دينه من الفتن والشبهات، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي-صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» ومن أعظم ما يخافه المؤمن على دينه أن يرتد عن دين الإسلام فهذا إمام الحنفاء الخليل إبراهيم عليه السلام يدعو ربه فيقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ.  رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} [إبراهيم:35-36].

فهذا الخليل عليه السلام وهو الذي كسر الأصنام بيده، وأوذي في سبيل الله من أجل ذلك وألقي في النار يخاف على نفسه أن يرتد عن التوحيد ويعبد الأصنام لأن الذين عبدوا الأصنام بشر عندهم عقول وإدراك ولم تنفعهم عقولهم ولا إدراكاتهم من النجاة من هذه الفتنة وهي عبادة الأصنام فأشركوا بالله، وها هو الخليل محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الناس إيمانًا وتوحيدًا يخاف على نفسه فيدعو ويقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فتقول له عائشة أم المؤمنين: "تخاف على نفسك؟" فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، وما يؤمنني وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن»  (رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني)، فخاف عليه الصلاة والسلام على دينه فلجأ إلى الله بأن يثبته على دينه، فإذا كان حال الخليلين هكذا فمن كان دونهما من باب أولى أن يخاف على نفسه من الشبهات والفتن كيف لا ونحن في خضم فتن عظيمة، وشبهات مضللة، ودعاة سوء وأمواج تتلاطم تضل الجاهل وتربك المتعلم وهذا يحمل الإنسان على أن يخاف على دينه ويعتني بنفسه، أعاذنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

قول المصنف: "الشرك في عبادة الله"

المسألة الثانية: الشرك بالله. تعريفه وعواقبه.

الشرك لغة: يقال شاركت فلانًا صرت شريكه، والشرك يكون بمعنى الشرك وبمعنى النصيب وجمعه أشراك.
واصطلاحًا: جعل شريك لله في أولوهيته أو ربوبيته أو أسماءه وصفاته، والذي يغلب الإشراك فيه الألوهية.

وهو أعظم فتنة يجب أن يخافها المسلم على دينه ولا شك أن الشرك الأكبر أعظم ذنب عصي الله به وهو أشد نواقض الإسلام جرمًا وهو أصل كل شر وجماعه ومن عواقبه ما يلي:

أولًا: أنه يجعل صاحبه كافرًا مشركًا.


ثانيًا: أن صاحبه مخلدٌ في النار فقد حرم الله عليه الجنة. قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:72].

ثالثًا: أن الله تعالى أخذ على نفسه ألا يغفر للمشرك إلا أن يتوب.
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48]، فلا يكفِّر الشركَ شيءٌ من أنواع المكفرات المعروفة إلا أن يتوب المشرك من شركه فهو محروم من المغفرة.

رابعًا: أن الشرك يحبط جميع الأعمال.

قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:65].

وقال: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88].

خامسًا: أنه أعظم ذنب فهو الظلم العظيم

فقد روى أحمد والبخاري ومسلم حديث عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام:82]، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: "أينا لم يظلم نفسه؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]» .

وروى أحمد والشيخان أيضًا حديث عبدالله بن مسعود قال: "سألت رسول الله أي الذنب أعظم عند الله؟" قال: «أن تجعل لله ندًا وهو خلقك» ، قلت: "إن ذلك لعظيم" الحديث.

سادسًا: أن الشرك يبيح دم المشرك وماله

روى مسلم في صحيحه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» فلا يعصم المال والدم إلا التوحيد، وأما الشرك فإنه يبيح الدم والمال، فالمشرك حلال الدم والمال إلا ما استثناه الشرع كأهل الذمة والعهد.

عبد الله بن حمود الفريح

حاصل على درجة الدكتوراه من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، عام 1437هـ.

 
المقال التالي
(1) الشرك في عبادة الله (2)