الإسلامية في الأدب

منذ 2014-03-28

هي أن يجمل الأدب قيم ومثل وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف من خلال توظيفه لمعالجة كافة قضايا الأمة والحياة بشكلٍ عام، فيصبح الموضوع والشكل يحمل الصبغة الإسلامية البحتة، ولكي يتفق مع هذه الصبغة؛ بمعنى أن يكون أدب إسلامي يجب أولاً أن يتّصف بالالتزام بكل ما في هذا الدين من تعاليم وقيم ومثل، ويجب أيضاً أن يتصف بالمصداقية التي تُعبِّر بصدق عن مضامين هذا الدين الحنيف

هي أن يجمل الأدب قيم ومثل وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف من خلال توظيفه لمعالجة كافة قضايا الأمة والحياة بشكلٍ عام، فيصبح الموضوع والشكل يحمل الصبغة الإسلامية البحتة، ولكي يتفق مع هذه الصبغة؛ بمعنى أن يكون أدب إسلامي يجب أولاً أن يتّصف بالالتزام بكل ما في هذا الدين من تعاليم وقيم ومثل، ويجب أيضاً أن يتصف بالمصداقية التي تُعبِّر بصدق عن مضامين هذا الدين الحنيف، وبالتالي يعطي الصورة الحقيقية والوضوح التام، ولا بد بالضرورة أن يمتلك الكاتب المقدرة التي تؤهله لذلك؛ بمعنى أن يكون على قدرٍ واسع من الاطلاع على قيم ومُثل هذا الشرع السمح، وعليه أيضاً الاستمرار على هذا النهج القويم؛ فالاستمرارية تعطى الصبغة الإسلامية لما يُكتب في مجال الأدب، وممن أبدعوا بهذا المجال:

قديماً نذكر: شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت، وعبد الله ابن رواحة، والفاروق، وكعب بن زهير، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم رضوان الله عليهم.

أما حديثاً فنذكر: أحمد شوقي، ومحمد قطب، ومحمد إقبال، ومحمد الرابع الندوي، وأبو الحسن الندوي... إلخ؛ جزاهم الله عنَّا كل خير، ونستطيع أن نذكر بعض المؤلفات التي كانت تحمل هذه الصبغة:

- منهج الفن الإسلامي: محمد قطب.
- في الأدب الإسلامي المعاصر: محمد حسن بريغش.
- نظرات في الأدب: أبي الحسن الندوي.
- أدب الصحوة الإسلامية: واضح الندوي.
- نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد: عبد الرحمن الباشا.

وهناك الكثير من المؤلفات لا يتسع المجال لذكرها، فالحمد لله الذي هيأ لهذا الدين أقلام تحمل قيمه ومثله بهذه الصورة المشرقة المشرِّفة، وفي الواقع انتشر هذا الأدب السامي في جميع أنحاء العالم، وشُكِّلت منتديات وروابط أدبية تضم أدباء جل إبداعاتهم في مجال الأدب الإسلامي، ومن جميل القول: أن يكون هذا الأدب الراقي يحمل الصبغة الإسلامية في الشكل والمضمون -جملة القيم والمثل الإسلامية- والبناء، وبالتالي يسود التصور الإسلامي في كافة فنون وأشكال الأدب التي هدفها الأسمى بنظر كل منصف السمو بالنفس الإنسانية دون أدنى معارضة للمضمون الجليل لكافة القيم الإسلامية، وما أكثرها.

أما بخصوص الغاية المثلى التي يحملها الأدب الإسلامي؛ هي وجود المضمون الهادف، والذي يترتَّب عليه ترسيخ الاعتقاد، وتثبيت القيم السامية الثرة في النفس البشرية، وما أروعها من قيم حملتها أجلّ رسالة إلى البشرية جمعاء، وعليه فالوسيلة المتبعة في الأدب الإسلامي بصوره كافة توصل بالضرورة إلى الهدف الأسمى، بمعنى: أن لا يحمل الأدب غاية لذاته، بل يوصل إلى هدف كما أشرنا سابقاً -ترسيخ جملة القيم الإسلامية- وهي القيم التي تتفق بالحكم مع الفطرة الإنسانية السليمة على اعتبار المصدر كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والتاريخ الإسلامي بكل ما حوا من عظمة.

ومن المؤكد أن صنوف الأدب المختلفة من شعرٍ ونثرٍ وقصةٍ... إلخ؛ يمكن مجاراتها من خلال الفكر الأدبي الإسلامي كونه يتلاءم مع شتى صنوفها، بل يفوقها قطعاً باعتبار المصدر والاستمداد أولا، وسعة اللغة -لغة القران- التي تَعجز أمامها كل اللغات على الإطلاق على كل الأحوال يكفي الأدب الإسلامي مصادره الثرة فقط، آخذين بعين الاعتبار أن المبدع بهذا المجال ربما يكون مسلماً فقط، غير عربي، عندها مخزونه الإسلامي، جدير أن يجعله من المبدعين فحسب.

لو أمعنا النظر، وأعملنا العقل، لوجدنا أن الأدب الإسلامي يمتلك ميزة قد لا يملكها الآخر؛ ألا وهي عدم الجنوح أو الانحراف باعتبار الضابط له أسس وقواعد الدين الحنيف، أما بقية صنوف الأدب الأخرى يمكن أن تنحرف عن المسار؛ لأنه لا ترتكز إلى أساس وضابط متين، وهذه الميزة في الأدب الإسلامي يلمسها كل مهتمٍ ودارسٍ للأدب بشتى صنوفه.

على كل الأحوال نجد في الآداب الأخرى الإغراق في التزام مذهب بعينه يؤدي بهذا الأدب إلى الانحراف -كلاسيكي وجودي رومانسي... إلخ- وهذا يؤيد بالفعل صورة الالتزام بالضابط -الأدب الإسلامي- الحق المستند إلى معتقد يحمل في ثناياه كل ما هو جميل للإنسانية جمعاء ويسمو بها إلى ما تقبله الفطرة السليمة؛ ألا وهو الإسلام العقيدة والشريعة، هذا كله جعل خيرة كتاب الغرب -الآخر- ينظرون إلى الأدب الإسلامي أنه الأوحد الذي يمتلك صفة الواقعية التي تحاكي النفس الإنسانية حتى بأدنى مكنوناتها.

وهذا جعلهم يقفون بكل إجلال واحترام لشريعة جعلت جملة أقلامها على هذه الصورة، ولمن التزم بنهجها واتخذها القدوة والمثل بكل أعماله. 


فعلى سبيل المثال لا الحصر نلمس هذه الواقعية وبأبهى صورها في كتاب الله جلَّت قدرته قصة يوسف عليه السلام فهي من الإتقان المعجز ببنائها وفنياتها المتجانسة الأداء، وهذا يعلمه كل مبدع علم اليقين، كيف لا وهو كلام الله التي تنعدم دونه القدرات، جلي وعلى أن الأدب في الإسلام يأبى الزيف والانحراف، بل هو أدب حقيقي ومستقيم هدفه نبيل وغايته إسعاد بني البشر، بالتالي فهو أدب ليس عليه قيد أو مانع، بل هو طليق في ظل حضارة أمدّت البشرية بكل ما وصلت له على اعتبار المصدر الذي لا يضاهيه آخر ما دام هذا الانطلاق في مصلحة بني الإنسان رغم أنف كل الأقلام التي حاولت أن تُشوِّه ذلك جهلاً أم قصداً فلا مثالب ولا عيوب، بل هي حجة دامغة قاطعة على كل من يتطاول؛ لأن العجز أمام هذه العظمة حاصل لا محالة باعتقادي أن الانفتاح على كافة الأصناف الأدبية لا تعني بالضرورة السير على خطاها، بل تهذيب تلك الأعمال وهذا بنظري اعتقاد كل منصف يهمه التزام الحق والحقيقة فهي حضارة إسلامية الصبغة فانعم بالسلام وبحضارته.

وعليه بالمحصلة يجب أن تكون الإسلامية في الأدب موفقة للفطرة الإنسانية السليمة، وليس من العدل أيضاً زجّ الإسلامية في الأدب مع غيرها من المذاهب الأخرى؛ لأنها مهما بلغت لا ترقى مستوى الأدب الحامل الصبغة الإسلامية، علماً بأن الإسلامية كمذهب أدبي لا ترفض التعايش مع الآخر على اعتبار طبيعتها وقيمها وأساسها الذي احتوى الآخر فصفة الشمول والمرونة والعالمية... إلخ؛ من صفات ديننا الحنيف السمح فالآداب الأخرى لا بد من وجود مثالب وعيوب، وهذا ثابت ومثبت، وهذا ما يرفضه الأدب الإسلامي على اعتبار السند والمستند والمنطلق في الواقع الكتابة بهذا الموضوع لا يمكن إجمالها بمقال فهي من السعة؛ لتجعله يضيق على كاتبه.

فالأدب في ظل الإسلام ذو أثرٍ عالمي ونزعةٍ شاملة، ورؤية تطال الكون بقضه وقضيضه، ألا يكفيه الموافقة بين الواقعي والغيبي والتوأمة بين المادي والروحي وجانس بين المختلفات بثابتها ومتغيرها والمطلق والمحدود بالكل والجزء لطالما إسعاد بني البشر هدفه، فهذا واقعه المعجز، فانعم بحضارة، وأنعم بأدبها.
 

 

طارق فايز العجاوي