من نواقض الإسلام - (3) من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم (1)

منذ 2014-03-29

إن من حكم الله عز وجل بكفره من اليهود والنصارى والمشركين والمرتدين وغيرهم ممن جاءت الأدلة في بيان كفره، يجب على المسلم أن يقطع بكفرهم ولا يشك في ذلك وهذا من لوازم التوحيد.

الناقض الثالث:

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "من لم يُكفّر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر".

الشرح:

المسألة الأولى: المقصود بهذا الناقض.

أن من حكم الله عز وجل بكفره من اليهود والنصارى والمشركين والمرتدين وغيرهم ممن جاءت الأدلة في بيان كفره، يجب على المسلم أن يقطع بكفرهم ولا يشك في ذلك وهذا من لوازم التوحيد فلا يكفي للمسلم أن يؤمن بالله بل لا بد أن يكفر بالطاغوت أيضاً فيكفر بما يعبد من دون الله تعالى قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا} [البقرة من الآية:256]، فإذا آمن بالله وحده وكفر بما يعبد من دون الله كان على ملة التوحيد ملة إبراهيم الحنيفية عندها لا يشك في كفر من حكم الله عز وجل بكفره فيكفرهم مظهراً في ذلك حكم الله فيهم فإن لم يعتقد ذلك فهو مثلهم، فمن لم يكفر المشركين أو أهل الكتاب أو شك في كفرهم مع وضوح حالهم فهو كافر بالله وبكتابه وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، مرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام، بإجماع المسلمين، فلا بد للمسلم أن يكفرهم ويجزم بكفرهم من غير شك وهذه عقيدة، والعقيدة لا تقبل المساومة.

قال القاضي عياض في (الشفا [2/1071]): "ولهذا نكفّر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك".

 

المسألة الثانية: (أو صحح مذهبهم).

سبق في المسألة السابقة أن من لم يكفر المشركين على اختلاف أصنافهم بعد أن ظهر له حالهم سواءً من أشرك مع الله فعبد الأحجار أو الأشجار أو الأصنام أو القبور والأضرحة حتى ولو قال: لا إله إلا الله محمداً رسول الله لأن الشرك يبطل الشهادتين ويفسد التوحيد وأن من كانت هذه حالهم يجب تكفيرهم سواءً كانوا من العرب أو العجم وسواءً كانوا من اليهود أو النصارى وأن من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم فقد كفر لأنه تساوى عنده الإيمان والكفر، إلا أن أشد منه جرماً من صحح مذهب المشركين واستحسن ما هم عليه من الكفر والطغيان وهذا كافر بإجماع المسلمين وتصحيح مذاهب المشركين مما عمت به البلوى اليوم وطمت نسأل الله السلامة والعافية وما أكثر من يصحح مذاهب المشركين ويدافع عنهم خصوصاً اليهود والنصارى كالدعاوى القائمة اليوم التي تنادي بوحدة الأديان الثلاثة: الإسلام واليهودية والنصرانية ويقولون كلها أديان صحيحة وأن لا عداوة بين أهل الإسلام وغيرهم من الملل الكفرية، وأن من يبين هذا الناقض للناس ويوضحه فيه تشدد ومتسبب في نشر العداوة والبغضاء بين الشعوب والأمم وهم بقولهم هذا شعاراتهم هذه يهدمون الإسلام ويثلمونهم وهو ردّة وكفر صريح، وكذلك الذين ينعقون بحرية الأديان وأن من أحب أن يتدين باليهودية أو النصرانية أو بالإسلام فليختر ما شاء وهي دعوة ينادي بها شرذمة خبيثة في واقعنا اليوم يقال لهم العلمانية الذين ينكرون الأديان ويعتمدون على الحياة المادية مريدين بذلك إماتة الدين في النفوس بحجة التقريب بين العقائد ونبذ الخلاف وتقرير الإنسانية وهم بذلك يهدمون العقيدة، وعقيدة الولاء والبراء على وجه الخصوص عقيدة الحب والبغض في الله التي امتدح الله بها نبينا إبراهيم عليهم السلام قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4]، وهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم عليهم السلام: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة من الآية:130].

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: "وصفة الكفر بالطاغوت: أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها، وتكفر أهلها، وتعاديهم".

ومن صحح مذاهب المشركين يكون موالياً لهم فضلاً عن أن يكفرهم فهذا كافر بإجماع المسلمين لأن الإسلام: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.

 

المسألة الثالثة: ما حكم تفضيل بعض الأديان على بعض كأن يقول: هؤلاء أحسن من الوثنيين لأنهم أصحاب دين؟

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: فيجب على المسلم أن يعتقد كفر الكفار أيّاً كانوا، كل من أشرك بالله ودعا غير الله بأي نوع من أنواع الشرك الأكبر فيجب تكفيره بالحكم عليه بالكفر ولا يجوز الشك في كفره، ولا يجوز تصحيح ما هو عليه من الكفر فيقال هذا صاحب دين، هذا أحسن من الوثنيين فالكفر ملة واحدة.

نقول: من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه فهو كافر مهما كان، هذه عقيدة يجب على المسلم أن يعتقدها لئلا يخرج من الإسلام وهو لا يدري، فيخرج من الإسلام بعدم تكفير الكفار أو تصحيح مذهبهم، بأن يصحح ما عليه اليهود أو يصحح ما عليه النصارى ويقول: هم من أصحاب الأديان بل هناك من ينتسب إلى الدعوة ويقول: إخواننا المسيحيون" أ ه (انظر (شرح نواقض الإسلام) ص [82-83]).

عبد الله بن حمود الفريح

حاصل على درجة الدكتوراه من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، عام 1437هـ.

المقال السابق
(2) من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم (4)
المقال التالي
(3) من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم (2)