أثر أسماء الله الحسنى في حياتنا

منذ 2014-04-01

روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة، من أحصاها دخل الجنة. وإني أحب لك تعيش في كل يوم مع واحد من هذه الأسماء الكريمة، تعيش معها حياة تنعش قلبك وروحك، وتدفع بجسدك للحركة والمبادرة في الخيرات دون تردد ولا تأخير.

افتح قلبك حتى أحدثك عن نادي الكبار، أو عن دورة إيمانية ربانية مدتها ثلاثة شهور وتسعة أيام، أو مائة يوم إلا يوم واحد، إنها مدرسة الأسماء الحسنى، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة، من أحصاها دخل الجنة. وإني أحب لك تعيش في كل يوم مع واحد من هذه الأسماء الكريمة، تعيش معها حياة تنعش قلبك وروحك، وتدفع بجسدك للحركة والمبادرة في الخيرات دون تردد ولا تأخير.

إنها أسماء الله؛ أثنى بها على نفسه، ونحن لا نحسن ثناءً عليه: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه:8]، {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11].

فيا من تبحث عن البركة في عمرك وعملك ومالك وولدك، تعال معي إلى مدرسة البركة الربانية: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك:1]، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14]، {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54]، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:78]. إن العيش مع الاسم الحسن؛ يرفع الهمّ والغمّ والحزن، فلا تبخل على نفسك وعلى أهلك كل يوم من أن تعيش مع واحد من الأسماء الحسنى حتى تحصيها كلها، وإحصاء كل اسم يمرّ بأربعة مراحل، يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله: أحصاها يعني:

أولاً: حفظها.

ثانياً: عرف معانيها.

ثالثا: تخلَّق بمعانيها.

وأضاف الإمام ابن القيم الرابعة فقال: أن يدعو الله تعالى بها. فالواجب علينا مع اسم الله اللطيف مثلاً؛ أن نحفظ هذا الاسم بكثرة تكراره؛ لأن الذي يتكرر في النفس يتقرر. وأن نعرف معنى اللطيف، فمن معاني اللطف الرباني: التخفيف والتيسير بالخلق: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14].

وأن ندعو الله تعالى باسمه اللطيف: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] بأن نقول مثلاً: اللهم يا لطيف، اجعل بلاءنا خفيفاً، اللهم دبِّر لنا فإنَّا لا نُحسن التدبير، والطف بنا فيما جرت به المقادير.

ثم أن نتخلق بمعاني هذا الاسم الكريم بأن نجمع اللطف والذوق الحسن والرقة واللين لخلق الله تعالى، بشرًا كان هذا الخلق أو حيوانًا أو شجرًا، وما أجمل أن يتسمى العبد اللطيف باسم عبد اللطيف، وهذه اللوازم تلزم الأسماء كلها.

ونعيدها للأهمية: نحفظ الاسم الحسن من أسماء الله الحسنى، ونفهم معانيه، ونتخلق بهذه المعاني، وندعو الله تعالى بها تبركًا لنجد الإجابة على الفور إن صادف ذلك اسم الله الأعظم لعباد ربانيين: {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62].

إن التزامنا بأسماء ربنا سبحانه وتعالى فيه صلاح لمعاشنا ومعادنا على حدٍّ سواء، وماذا نريد أكثر من أن نحصل على الحسنات والبركات في الدنيا والآخرة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].

 

- فاسم الله الرحمن واسمه الرحيم، لو جاءا في حياتنا لرحمنا بعضنا، ولو رحمنا بعضنا لرحمَنا ربنا، وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن».

- واسم الله العزيز يدعونا لأن نكون أعزة: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:8].

- واسم الله العلي يدعونا لأن نكون أصحاب علو ورفعة وشموخ، وعيب على مسلم يقبل على نفسه السفوف والانحطاط ثم يأتي ليقرأ معنا قول الله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1].

- واسم الله الحق يدعونا لأن ننحاز إلى الله تعالى وأن نتابع الحق ولو على رقابنا، فالحق أحق أن يتبع: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:81].

- واسم الله الودود يدعونا لأن نتودد للمؤمنين؛ ليجعل الله تعالى لنا ودًا يوم الدين: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا} [مريم:96].

- واسم الله القدوس يدعونا لأن نحفظ أنفسنا من النجاسات المادية والمعنوية: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:3- 5].

- واسم الله الصمد يدعونا؛ لأن نصمد ونثبت في وجه التحديات، ولا نضعف لكثرة ما يطلب منا في سبيل أولادنا وأوطاننا وديننا من طلبات وواجبات.

- واسم الله الواسع يدعونا لأن نوسّع آفاق تفكيرنا لنخرج به عن ذواتنا الصغيرة؛ لنحل لغز آلام أمتنا المقهورة، ونفكّ السحر عن أجيال بال الشيطان في أذنها، فلم تنهض لفجر، ولم تتحرك لطلب النصر.

- واسم الله القوي المتين يدعونا؛ لأن نطلب القوة في كل شيء؛ قوة البدن والروح والفكر: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال:60]، وقوة العلم والتعليم: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:63].

- واسم الله الكريم يدعونا لأن ننفق وأن نعطي عطاء من لا يخشى الفقر: «أنفق بلال ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً»، {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان:9]. يا من تطلب كرم ربك والعطاء منه، هلا أظهرت بعض كرمك لخلقه من غير منٍّ ولا أذى.

- مع اسم الله الأول ينبغي أن تكون الأول في كل برٍّ ومعروف.

- ومع اسم الله الآخر ينبغي أن تكون عند الشرور والفتن في آخر الصفوف، ولا يزال أقوام يتأخرون عن الطاعة حتى يؤخّرهم الله، ولا يزال أقوام يتقدمون إليها حتى يقدّمهم الله.

- مع اسم الله العفو ينبغي أن تصفح عن خلق الله تعالى، وأن تقبل عذرهم وتتجاوز عن زلاتهم وتنسى تقصيرهم في حقك؛ لأنه من صفح عن الخلق صفح عنه الخالق: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة:237].

- مع اسم الله السلام نكثر من طرح السلام على إخواننا، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه يغدو إلى السوق يوميًا دون أن يشتري شيئًا، فلما سألوه عن سرّ ذلك قال: "إنما نغدو إلى السوق يوميًا من أجل السلام"، لكنه سلام مع المؤمنين الموحدين، لا سلام مع الكفرة المعتدين من اليهود والصليبيين.

- مع اسم الله المنتقم الجبار نقف في وجوه المجرمين: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} [الشورى:41]، {فاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال:12]، {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور:2].

- نحن باسم الله نحيا ونعبد، وإن غفلنا تبنا ورجعنا.

- باسم الله نبدأ كل أمر من الأمور.

- بسم الله نقرأ القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1].

- وباسم الله نصلي.

- باسم الله نأكل ونشرب.

- باسم الله نداعب الصغار ونعاشر النساء.

- باسم الله نقود السيارة والطيارة وسفينة النجاة: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود:41].

- باسم الله نكفّن موتانا.

- وباسم الله نصلّي عليهم، وباسم الله يُدفنون. إنها الأسماء الحسنى معنا من الميلاد إلى الوفاة، أو الاستشهاد، فهلا جددنا العلاقة معها لنفتح بها البلاد والعباد.

- باسم الله نضرب عدو الله العظيم لأنه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} [الأنفال:17].

- باسم الله الغني نطلب غنى الله، ونُغني عباده عن المسألة.

- باسم الله المعطي نطلب عطاء الله ونعطي عباده من عطائه.

- باسم الله الهادي نطلب هدى الله ونسعى لأن نكون حملة الهداية لخلق لله: "اللهم اجعلنا هداة مهديين، ولا تجعلنا ضالين ولا مضلين".

- باسم الله الشكور نشكر به ربنا، ونسعى لشكر خلق الله على الإحسان؛ لأنه: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».

- باسم الله البديع نتدبر بديع خلق ربنا، ونسعى إلى الإبداع والتقدم في كل مصالح الحياة.

 

وإذا شرح الله صدرك وأحصيت أسماء ربك الحسنى حفظًا وفهمًا وعملاً ودعاءً؛ فقد أحصيت العلوم كلها، يقول ابن القيم: "العلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19]".

أما الدعاء بالأسماء الحسنى فإننا نخصص لكل اسم حاجة تليق به؛ روى الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء الكرب: «أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك...» هذه المقدمة ولك أن تدعو بعدها بما شئت.

اللهم يا رحيم ارحمنا، ويا اللطيف الطف بنا، ويا ذا العفو اعفُ عنا، ويا متين اشدد أزرنا، ويا حفيظ احفظنا، ويا فتاح افتح علينا، ويا شافي اشفنا، ويا رزاق ارزقنا، ويا وليّ تولَّ أمرنا، ويا عليُّ ارفع شأننا.

 

محمد سعيد بكر