فلسفة عمل المرأة

منذ 2014-04-05

العمل المنتقد هو ما كان قائمًا على مبدأ مساواة المرأة بالرجل، في الكم، أو الكيف، مع رفع الحجاب، وليس العمل الخالي من كل هذه المحظورات، وهو الملائم للأنوثة في بيئة نسائية، وكونه استثناءًا؛ أي لا يقدم على عملها الأصل -عمل البيت-، فليكن هذا منا على بال، فالمرفوض ليس مبدأ العمل، إنما مبدأ المساواة في العمل.

في هذه القضية وقع تضليل كبير، المناصرون لعمل المرأة تخطوا حواجز المنطق والحكمة، متسلحين بالقرار السياسي، فجعلوا من عمل المرأة واقعًا غير قابل للنقاش، وقبل الدخول في تفاصيل الفلسفة المتعلقة بعمل المرأة، نود الإشارة إلى ما يقطع الجدل مع منطقي رائده الحقيقة، لا متلهف للتسلق..

العمل المنتقد هو ما كان قائمًا على مبدأ مساواة المرأة بالرجل، في الكم -مدة العمل-، أو الكيف -نوع العمل-، مع رفع الحجاب -عمل مختلط-، وليس العمل الخالي من كل هذه المحظورات، وهو الملائم للأنوثة في بيئة نسائية، وكونه استثناءًا؛ أي لا يقدم على عملها الأصل -عمل البيت-، فليكن هذا منا على بال، فالمرفوض ليس مبدأ العمل، إنما مبدأ المساواة في العمل، والثاني هو الساري حاليا يجري على قدم وساق، وانظر في كافة أنواع عمل المرأة المستحدثة: (كاشيرات، مضيفات، خادمات، موظفات، إلخ..)، تجده يحقق مبدأ المساواة لا مجرد العمل، وهنا النقطة الحرجة..

جملة التيار الإسلامي، بمختلف توجهاته وشخصياته كانت تقاوم، لكن ذلك اليوم تغير، فمنها التي انضمت لحملة المساواة، تنصر بعلم أو بدونه، ربما السبب تغير الرأي في مسائل: كـ(العمل المختلط)، ومنها التي لا تزال على موقفها لكنها باتت صامتة مستسلمة، أو تهمس همسًا لا يسمن ولا يغني من جوع، ولأنه في العادة كثرة الكلام تورث القضية لغطًا وجدلاً لا ينتهي، وتمنح فرصة للمناورة غير المنطقية، فيعسر على القراء إدراك ما في الكلام من خطأ وزلل، ويبعث على الملل، لكن مع ربح السفسطائين للقضية، وضياع صوت الحقيقة..

لأجل ذلك، لن أدخل في سرد الدلائل على فساد مبدأ المساواة في عمل المرأة، إنما بتقديم تفصيل بسيط التركيب، يكشف أبعاد القضية، ويعطي الناظر سلمًا يرقى عليه ليرى المسألة من فوق، لا من زاوية دون زاوية، لا تتيح له سوى معرفة جزء من الحقيقة، فكل ما في القضية أن العمل عملان: (عمل داخل البيت، وعمل خارج البيت).
والعامل اثنان: (رجل، وامرأة).

فالقسمة العقلية أربعة صور:
الأولى: تعمل هي في البيت، وهو خارج البيت.
وهذا هو الذي عليه البشر منذ آدم حتى قيام الثورة الصناعية في أوربا فهو السائد، ووجود استثناءات هنا وهناك لا يبطل سيادة هذه الصورة، هذه الصورة لا عيب فيها، ولا نقص، بل هو المنطقي، بالنظر إلى مؤهلات المرأة (أمومة، تدبير المنزل، تربية، حضانة.. هذه من أعمال البيت)، والرجل (السعي في المعاش.. وهو من عمل الخارج)، فإن كان في هذا شك، فلننظر في الصور الأخرى..

الثانية: تعمل هي خارج البيت، وهو داخله.
وهذه عكس، والمجتمع أو العالم إن تقبل عملها خارجه، فالجميع إلى اليوم لم يتقبل العكس -عمله في البيت-.
لذا لا تكاد تجد دعوة -موازية- لعمل الرجل في البيت، مقابل الدعوة لعملها خارجه، لا من الرجال ولا حتى النساء، حتى المرأة التي تدعو -وبحرارة- إلى عملها في الخارج، لا تطرح عمله داخله في المقابل، (نوال السعداوي) مثلا، متطرفة جدا في تناول مسائل المرأة، كان طرحها في البديل لخروج المرأة: "إنشاء محاضن، ومطاعم، مغاسل عامة"، إن هذه الصورة مرفوضة جملة وتفصيلا؛ لأنه لا يمكن تجزئة قضية لا تتعاطى إلا كلية، فمن نادى بعملها خارجا وتغافل عن البديل، وسكت عن المناداة أن يكون البديل رجلا، فهو لا يعي من القضية سوى جزءًا، وليس غرضه حل مشكلة، بل توليدها لجهل أو غرض، من المضحك أن يكون البديل: (خادمة)، فهذا هو الانقلاب على الفكرة؛ إذ كيف ينادى إلى خروجها للعمل تحررًا من رق البيت، ثم يكون البديل، أن تلج إلى بيت غير بيتها لتعمل فيه؟! تخرج من بيتها لتعمل في بيت غيره، إذًا النتيجة: هي تعمل في البيت، ألم يكن بقاؤها في بيتها خير وأحسن تأويلاً؟!
فبطلت هذه الصورة.

الثالثة: أن يعملا سوياً في البيت.
ولا أحد يدعو إلى هذا؛ لأن معناه ترك الخارج كليًا، وهذا لم يقل به أحد، لا مناصرين، ولا متحررين.
فبطلت هذه الصورة أيضًا.

الرابعة: أن يعملا سويًا خارج البيت.
وهذا ما دعت إليه نوال السعداوي وغيرها، وهو مضمون فكرة عمل المرأة، لكن بمفهوم: أن تعمل خارج بيتها، ولو كان عملها الآخر في بيت آخر! المهم خروجها.. فالخروج هو المطلوب لذاته، والعمل وسيلة لذلك، لكن هذه الصورة هي الواقعة وهي الكارثة؛ لأنه يعطل المرأة من عمل البيت، فيبقى نصف العمل فارغًا لا قائم به، والخادمة بالقطع لن تقوم به؛ إذ عملها ليس مجرد خدمة، وقيام بشئون التدبير، كلا! بل أرقى من ذلك، المرأة في بيتها حلقة وصل بين جميع الساكنين، فهي التي تدبر أمورهم وشئونهم كلها، وهي التي تفعل ذلك بالحب والشوق والصداقة، مندفعة بدافع الأمومة والزوجية، وهذا ما يبني في البيت سكنًا، كحقيقته الموصوف به في القرآن: {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً..} [النحل:80]، والمرأة هي سكن أيضا: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21].

فسكن البيت لا يتحقق إلا بسكن المرأة؛ أي سكونها في البيت؛ أي عملها فيه.. والخادمة أجنبية لا تحقق سكنًا بالقطع، هذه الصورة كذلك باطلة، والتجربة شاهدة، فكل الأنظمة التي أخذت بها جنت من وراء ذلك:
- ازدياد نسب العنوسة.
- ازدياد نسب الطلاق.
- اختلال نظام الأسرة.
- نشوء أجيال محرومة من الأمومة.
- فساد الأعراض.

كله هذه وغيرها عليها دلائل، بحثها وسردها في مقام آخر.
ما يعنينا أن القسمة الأربعة لم يثبت منها منطقيا وعقليًا وخلقيًا إلا صورة واحدة ناجحة، هي: عملها داخله، وعمله خارجه، هذه هي الفطرة، وهذا ما يعيد للأسرة نظامها، ويقضي على العنوسة والطلاق، ويبني أسرًا صحيحة ناجحة، إذا طبقت الشروط.

أقف هنا، بعد أن بينت تفاصيل الصور الأربعة، ولكم أن تتأملوا.
شكرًا لكم.

 

لطف الله خوجه