المرأة جدل لا ينتهي

منذ 2014-04-06

لا ريب في أنَّ للمرأة حقوقًا شرعيةً، يجب أنْ تُمنح لها دون مِنّة أو استجداء، وفي المقابل عليها واجبات خاصة وعامة لا مناصَ من أدائها.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين.

وبعد:

تُعدُّ قضية المرأة من القضايا الغاطسة، التي ما إنْ تغيب حتى تظهر على السطح من جديد؛ سواء بأمرٍ مستحدَث أو باجترار قضية قديمة، بل إنها تُضاف مع أي حديثٍ عن الأسرة والطفل والتنمية، ولو كان إدراجها ضمنه اعتسافًا بيّنًا.

ولا ريب في أنَّ للمرأة حقوقًا شرعيةً، يجب أنْ تُمنح لها دون مِنّة أو استجداء، وفي المقابل عليها واجبات خاصة وعامة لا مناصَ من أدائها. وأَوْلَى الناس برعاية حقوق الخَلْق هم أهل الصلاح والتقوى؛ فالعدل شريعة المصلحين.

واللافتُ للنظر في مسائل المرأة المسلمة التي تثار: أنها تتشابه في أمور عدة، وتختلف قوتها بحسب عوامل تشمل مستوى تديُّن المجتمع ووعيه، ومدى رضا الحكومة أو غَضّها الطرف، ووفقًا للمستوى الاقتصادي والاجتماعي، فضلًا عن وجود شعيرة الاحتساب أو خُفُوتها.

ومِن الملاحظات على بعض الدعوات التي تنادي بحقوق المرأة: أنها تنطلق مِن رُؤًى غربيّة، صِيغَت لمجتمعات تخالف المجتمعات الإسلامية في ثقافتها وعاداتها، بل تُصَادم الشريعةَ والفطرة الإنسانية السليمة؛ فمَنْ يرتضي زواج المرأة بأختها ويُسَوِّغ السِّحاق إلا ممسوخ الفطرة منسوخ الحياء؟!

وممَّا يؤخذ على هذه الدعوات المريبة في بلدان المسلمين: أنها تَعْنِى فقط بـ"الحقوق" -وقد لا يصح عدها حقوقًا-، التي تَؤُول إلى تمرُّد المرأة في مجتمعها، وانفلاتها مِن قَوَامة الرَّجُل، وضياع كيان الأسرة؛ أما الحقوق العامة فلا تأبهَ لها البتة إلا في سياق خدمة الإفساد المنظَّم.

بل إنَّ بعض مَن يتولى كِبْرَ هذه الدعوات يقدِّم تعليم الرقص والموسيقى والتمثيل؛ على تعليم الأساسيات الحياتية والثقافية، فضلًا عن العلوم الشرعية والأسرية، ولا يأبَهُ لحقِّ المرأة في حفظ عفتها وصيانة حيائها؛ لكنه يستشيطُ غضبًا مِن ممارسةٍ فرديةٍ أو نادرةٍ يقوم بها رَجُل نُزِعَت منه الرحمة، وخلا عقلُه من الحكمة.

ويلفت النظر في هذه الدعوات انصرافها الجليّ عن النساء المسنّات والمريضات والعاجزات، فكأنهن من جنسٍ غير المرأة، أو يفقدنَ الأهلية لأيِّ حق بمجرد خروج الواحدة منهن عن دائرة رَغَبات الرَّجُل وغرائزه؛ ليستبينَ للمنصِف سبيلَ القوم، وأنَّ دعوتهم بهيمية لإشباع الغرائز، وما الحقوق إلا مَطِية سُمِّنَت ورُكِبَت!

وإذ يستقوي هؤلاء بالمنظمات الدولية المصادمة لشرع الله، ويَنْعَمون بتأييد جليّ أو خفيّ مِن كثير من الأنظمة في بلدان المسلمين؛ إلا أنَّ سعيهم في تَبَابٍ؛ إذا استشعرَ المسلمون خطرَ هذه الدعوات وارتفع وعيُهم، ثم قام خيارُهم لله بالحقِّ دفاعًا عن منظومة الحقوق الشرعية للمرأة وغيرها في المجتمعات المسلمة، التي تأنف من مصادمة الشريعة ومحادَّة الله ورسوله، والله يأبى إلا أنْ يُتِمَّ نوره، ولو كَرِهَ الكارهون!

المصدر: مجلة البيان