موانع العفة

منذ 2014-04-08

أُعلنت الحرب على العفة، وتضاعفت جهود أهل الباطل، حتى تنتشر الرذيلة، وتشيع الفاحشة في المجتمع المسلم.

المعوقات التي تقف في طريق العفة في هذا الزمن كثيرة جدًّا، وقد أُعلنت الحرب على العفة، وتضاعفت جهود أهل الباطل، حتى تنتشر الرذيلة، وتشيع الفاحشة في المجتمع المسلم، واتخذوا الوسائل العديدة فمنها:

1- وسائل الإعلام:

فإنَّ الناظر إلى أغلب وسائل الإعلام الموجودة في البلاد الإسلامية فضلًا عن غيرها، يجد فيها الكثير من الفساد، سواء كان في القنوات الفضائية، أو الشبكة العنكبوتية، أو الإذاعات والمجلات والصحف، فتجدها تبث السموم وتنشر الرذيلة، وتدعو إلى خلاف العفة.

2- الاختلاط والخلوة:

"إن العِفَّة حجاب يُمَزِّقه الاختلاط، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، فالمجتمع الإسلامي مجتمع فردي لا زوجي، فللرجال مجتمعاتهم، وللنساء مجتمعاتهنَّ، ولا تخرج المرأة إلى مجتمع الرجال إلا لضرورة أو حاجة بضوابط الخروج الشرعية.

كل هذا لحفظ الأعراض والأنساب، وحراسة الفضائل، والبعد عن الرِّيب والرذائل، وعدم إشغال المرأة عن وظائفها الأساس في بيتها، ولذا حُرِّم الاختلاط، سواء في التعليم، أم في العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة والخاصة، وغيرها؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب، وخطرات النفس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغيرة"[1]. قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِن} [الأحزاب من الآية:53].

وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء!». فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو. قال: «الحمو الموت» الحمو الموت: معناه أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه[2].

وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ ، ولا تسافِرَنَّ امرأةٌ وإلا معها محرمٌ»[3]

3- تبرج النساء:

فتبرج النساء من الأسباب التي تعوق العفة؛ لذا أُمرت المرأة بالقرار في البيت، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب من الآية:33]، فإذا خرجت التزمت بالضوابط الشرعية للخروج، ومنها ما جاء في قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور من الآية:31]، قال السعدي في تفسيره لهذه الآية: "أي: لا يضربن الأرض بأرجلهن، ليصوت ما عليهن من حلي، كخلاخل وغيرها، فتعلم زينتها بسببه، فيكون وسيلة إلى الفتنة. ويؤخذ من هذا ونحوه، قاعدة سد الوسائل، وأنَّ الأمر إذا كان مباحًا، ولكنه يفضي إلى محرم، أو يخاف من وقوعه، فإنه يمنع منه، فالضرب بالرجل في الأرض، الأصل أنه مباح، ولكن لما كان وسيلة لعلم الزينة، منع منه"[4].

4- استماع الأغاني والمعازف:

فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي عامر الأشعري رضي الله عنه قال: والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر[5]، والحرير، والخمر، والمعازف»[6].

"والحكمة في التحريم ظاهرة: حيث أن المتتبع لمجالس الغناء الفاسق، ومسارح الطرب، وأماكن اللهو، وما يصاحبها من معازف وآلات، في ذلك يجد الرقص الخليع الفاجر، من نساء امتهنَّ الرذيلة والفاحشة، ويجد العربدة والصياح المتعالي من أفواه السكارى، ويجد الكلمات البذيئة الفاحشة العارية من الحياء والخجل، والمتخمة بالوقاحة وسوء الأدب، يجد الاختلاط الشائن بين عوائل متحللة؛ حيث التخلع والمراقصة وهدر النخوة والشرف... وباختصار يجد التحلل والإباحية في أسوأ تبذلها ومظاهرها"[7].

قال الفُضَيل بن عِيَاض: الغناء رُقْيَة الزنا[8]، وقال ابن القيم: "فإنه رُقْيَة الزنا ومُنبِت النفاق وشَرَك الشيطان وخمرة العقل، وصَدُّه عن القرآن أعظم من صدِّ غيره من الكلام الباطل؛ لشدة ميل النفوس ورغبتها فيه"[9].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[2] ((حراسة الفضيلة) لبكر أبو زيد [97-98]).

[2] (شرح النووي على   مسلم [14/154]. رواه البخاري [5232]، ومسلم [2172]).     

[3] (رواه البخاري [3006]، ومسلم [1341] من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما).

[4] ((تيسير الكريم الرحمن) للسعدي [566]).

[5] الحر: فرج المرأة، قيل: أصله حرح فحذفت الأخيرة تخفيفا وهي ظاهرة في الجمع. (فتح الباري) لابن حجر [1/104]).

[6] (رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم [5590]، وصححه ابن القيم في (تهذيب   السنن [10/153]). 

[7] ((تربية الأولاد في الإسلام) لعبد الله العلوان [2/921-922]).

[8] (رواه ابن أبي الدنيا في (ذم الملاهي [55]).

[9] (إغاثة اللهفان [1/240]).

المصدر: الدرر السنية