وقفات منهجية تربوية - (3) تعريف الصحابي وفضل الصحابة

منذ 2014-04-09

تعريف الصحابي:

الصحابي في اللغة مشتق من الصحبة التي هي مطلق المرافقة؛ فإن كل من صحب غيره ينطبق عليه اسم الصاحب والصحبة، وإن قلت المدة.

واختلف العلماء في حد الصحابي اصطلاحا من هو على أقوال عديدة، ولعل الراجح من الأقوال ما قاله ابن حجر في (النخبة) حيث قال إن الصحاب هو "من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام، ولو تخلل ذلك ردة على الأصح". وهذا التعريف أشمل في حد الصحابي، لأنه يُدخل من لقيه وطالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يروِ عنه، ومن غزا أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالأعمى والأكمه.

الأدلة على فضل الصحابة:

وهي كثيرة جدًا جاءت في المعقول والمنقول، ومنها:

1- التزكية الإلهية لهذا الرعيل، والآيات في هذا الباب كثيرة ومنها قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100].

2- التزكيات النبوية: سواء كانت لجميعهم أو لبعض لجماعتهم، أو لبعض آحادهم؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم...» (متفق عليه). وكذا قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا ما أدرك مُد أحدهم ولا نصيفه» (رواه مسلم).

3- الدليل الثالث من المقول: انعقاد الإجماع على عدالة الصحابة جميعًا دون استثناء، فلهم فضل الصحبة، ولهم سابق الديانة والإسلام.

4- الدليل الرابع من المعقول والفطرة: أما المعقول: فيُقال: إن العقول السليمة توجب عدالتهم، كما أوجبتها النقول الصحيحة، لأنهم قوم آثروا ولم يستأثروا، وقدموا أنفسهم وأموالهم وهجروا أوطانهم ابتغاء مرضاة الله تعالى ونصرة نبيه عليه الصلاة والسلام، فالعقول توجب عدالة مثل هؤلاء القوم. كذلك الفطر السليمة تطمئن إلى سلامتهم، وفضلهم وعدم المساس بأحدٍ منهم.

أقسام الناس في الصحابة:

اختلف الناس من أهل الملة في الصحابة رضي الله عنهم:

- فمنهم من زكاهم عامة واستثنى أهل الجمل وصفين، كبعض أهل المعتزلة.

- ومنهم من قدح في أكابرهم؛ بل وفي جميعهم، كأكثر شراذم الرفض.

- وقوم نقيض هؤلاء قدحوا في آل البيت وهم النواصب.

وهؤلاء الفرق الخائضة كلها على ضلال، وقد وفق الله تعالى أهل السنة والجماعة إلى الاعتدال والإنصاف فتوسطوا بين الغلاة والجفاة، وقد نص الإمام الطحاوي على معتقد أهل السنة في الصحابة بقوله: "ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الحق يذكرهم. ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان واحتساب، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان" (انظر شرح العقيدة الطحاوية).

 

ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.

المقال السابق
(2) تمهيد في بيان فضل العلم والعلماء
المقال التالي
(4) الوقفة الأولى: التثبت من الأخبار قبل إصدار الأحكام