خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم التكريمية

منذ 2014-04-10

الخصائص التكريمية هي الفضائل والتشريفات التي أكرم الله بها نبيه محمدًا، وفضَّله بها على غيره من الأنبياء. وقد اختص الله نبيه محمدًا بجملة من تلك الخصائص؛ تكريمًا لمقامه، وتشريفًا لمكانته.

اختص الله نبيه محمدًا بجملة من الخصائص، لم يخص بها أحدًا قبله من الأنبياء؛ تكريمًا لمقامه بين الأنبياء، وتشريفًا لمكانته بين الرسل، كيف لا وهو خاتم الأنبياء والرسل، وهو خير الخلق على الله.

والخصائص التكريمية هي الفضائل والتشريفات التي أكرم الله بها نبيه محمدًا، وفضَّله بها على غيره من الأنبياء.

فمن تلك الخصائص أن الله تعالى ناداه بوصف النبوة والرسالة، وهذان الوصفان من أهم الأوصاف التي اتصف بها نبينا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} [اﻷنفال:64]، وقد ورد النداء بهذا اللفظ في ثلاثة عشر موضعًا من القرآن؛ ويقول سبحانه مخاطبًا نبيه بصفته رسولًا: {يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ} [المائدة:41، 67]، وقد ورد النداء بهذا اللفظ في موضعين في سورة المائدة؛ فناداه ربه سبحانه في هذه المواضع بأكمل أوصافه، وأرفع مقاماته.

وهذه الخصوصية لم تثبت لغيره من الأنبياء، فكل نبي ناداه الله باسمه، قال تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ} [البقرة:35]، وقال: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة:116]، وقال: {قِيلَ يَا نُوحُ} [نوح:48]، وقال: {يَا مُوسَىٰ} [اﻷعراف:144]، وقال: {وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَ‌اهِيمُ} [الصافات:104].

أما الآيات التي ذكر الله فيها نبيه باسمه، فإنما جاء ذلك على سبيل الإخبار، كقوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّ‌جَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّ‌سُولَ اللهِ} [الأحزاب:40]، وقد ورد اسمه بهذا اللفظ في أربعة مواضع في القرآن الكريم.

ومما يتعلق بهذه الخصوصية: أن الله سبحانه نهى عباده عن نداء نبيه محمدًا باسمه الذي سُمِّي به؛ قال تعالى: {لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّ‌سُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} [النور:63]، فنهى سبحانه المؤمنين عن نداء نبيهم كما ينادي بعضهم بعضًا، وطلب منهم مناداة نبيه الكريم بصفة النبوة والرسالة؛ تشريفًا لقدره، وبيانًا لمنزلته، وخصه سبحانه بهذه الفضيلة من بين رسله وأنبيائه.

وفي المقابل، فقد أخبر تعالى عن سائر الأمم السابقة أنهم كانوا يخاطبون رسلهم وأنبياءهم بأسمائهم؛ كقول قوم موسى له: {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:138]، وقول قوم عيسى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِ‌يُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْ‌يَمَ} [المائدة:112]، وقول قوم هود: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} [هود:53].

ومن الخصائص التكريمية: أن الله سبحانه أقسم بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: {لَعَمْرُ‌كَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَ‌تِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر:72]؛ والقَسَم بحياته عليه الصلاة والسلام يدل على علوِّ شرفه، وعظيم مكانته عند الله سبحانه، فلو لم يكن صلى الله عليه وسلم بهذه المكانة الرفيعة، والمنزلة العظيمة، لما كان للإقسام بحياته أي معنى. ولم يثبت هذا التكريم لغيره صلى الله عليه وسلم.

وكان من خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم: أن الله سبحانه وتعالى قدَّمه على جميع أنبيائه في الذِّكر في أغلب آيات القرآن؛ قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَ‌اهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُ‌ونَ وَسُلَيْمَانَ} [النساء:163]، وقال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَ‌اهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْ‌يَمَ} [الأحزاب:7]، فبدأ سبحانه بخاتم المرسلين لشرفه ومكانته.

ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام: إمامته الأنبياء في بيت المقدس؛ فقد جمع الله تعالى له جماعة منهم، فصلى بهم إمامًا؛ وذلك تأكيدًا لفضله، وتنبيهًا على شرفه؛ وقد أخبر صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء: أنه اجتمع بعدد من الأنبياء، منهم إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم عليهم السلام، وصلى بهم إمامًا، والإمامة بالناس لها من الدلالة ما لها، فكيف إذا كانت الإمامة بالأنبياء؟!

ومن جملة خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم: أن الله أخذ له الميثاق من جميع الأنبياء، بالإيمان به ونصرته؛ قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَ‌سُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُ‌نَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَ‌رْ‌تُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِ‌ي ۖ قَالُوا أَقْرَ‌رْ‌نَا} [آل عمران:81]، فأخبر سبحانه أنبياءه أن عليهم الإيمان بمحمد وقت مجيئه، وأن عليهم نصرته وتأييده، وقد أقر الأنبياء بذلك، فآمنوا برسالته، وأقروا ببعثته. وهذه الخصوصية ليست لأحد منهم سواه. وقد روي عن علي بن أبي طالب و ابن عباس رضي الله عنهم، أنهما قالا: "ما بعث الله نبيًّا من الأنبياء؛ إلا أخذ الله عليه الميثاق: لئن بعث الله محمدًا وهو حي ليؤمنن به وينصرنه، وأمره أنْ يأخذ الميثاق على أمته، لئن بُعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه".

ومما اختص به عليه الصلاة والسلام: أن الله سبحانه قذف في قلوب أعدائه الرعب والخوف منه، حتى لو كانوا على مسافة بعيدة منه، ولم يحصل هذا لأحد قبله، يقول صلى الله عليه وسلم: «نُصرت بالرعب مسيرة شهر»، (رواه البخاري [335]، ومسلم [521]).

ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام: أن أمته خير الأمم، قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ‌ أُمَّةٍ أُخْرِ‌جَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110]، وجاء في الحديث، قوله عليه الصلاة والسلام: «إنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله»، (رواه الترمذي [3001]). وإنما نالت هذه الأمة هذه الخيرية بنبيها محمد عليه الصلاة والسلام، فإنه أشرف مخلوق على الله، وأكرم الرسل عليه سبحانه.

ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام: أن الطاعون والدجال لا يدخلان مدينته؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «على أبواب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال»، (رواه البخاري [1880]، ومسلم [1379]).

ومن خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم: وجوب محبته، وتقديمها على محبة النفس والأهل والمال والولد، قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَ‌تُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَ‌فْتُمُوهَا وَتِجَارَ‌ةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْ‌ضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَ‌سُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَ‌بَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِ‌هِ} [التوبة:24]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، (رواه البخاري [15]، ومسلم [44])، وفي حديث عند البخاري [6632]: «حتى أكون أحب إليك من نفسك».

ومن خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم: أنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة؛ واختصاصه بحمل لواء الحمد؛ واختصاصه صلى الله عليه وسلم أيضًا بأنه أول من يدخل الجنة يوم القيامة؛ يبين كل هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر» (رواه الترمذي [3148])، وفي رواية عند الدارمي [53]: «وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة، ولا فخر».

ويندرج في هذا النوع من الخصائص التكريمية: أنه صلى الله عليه وسلم يبعثه الله يوم القيامة مقامًا محمودًا؛ قال تعالى: {عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَ‌بُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء:79]، والمقام المحمود الذي اختُصَّ به رسولنا هو مقام الشفاعة، وهو مقام لم ينله أحد غيره؛ فالناس يكونون يوم القيامة جالسين على ركبهم، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع! يا فلان اشفع! حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود. والحديث رواه البخاري [3340].

ومن الخصائص التكريمية: أنه صلى الله عليه وسلم يكون يوم القيامة أكثر الأنبياء أتباعًا؛ وقد جاء في الخبر أن الأمم يوم القيامة تمر عليه صلى الله عليه وسلم، فيمر النبي وليس معه أحد، ويمر النبي ومعه الواحد فقط، ويمر النبي ومعه الاثنان والثلاثة...، ثم ينظر عليه الصلاة والسلام إلى الأفق، فيرى جمعًا عظيمًا من الناس، فيسأل: أتباع من هؤلاء؟ فيقال له: هذه أمتك. (رواه أحمد [1/ 271]، وابن حبان [6430]).

هذه جملة من الخصائص التكريمية التي اختَصَّ اللهُ بها رسولَ الإسلام دون غيره من الأنبياء، وهي بمجموعها تُظْهِر مكانة هذا النبي، ومنزلته عند الله سبحانه، فهو المفضَّل من النبيين، وهو المختار على غيره من الخَلْق أجمعين.

 

الثلاثاء، 12-12-2006