العفو والصفح في واحة الشعر
قال الشافعي:
لما عفوتُ ولم أحقِدْ على أحدٍ *** أرحتُ نفسي مِن همِّ العداواتِ
إني أُحيِّي عدُوِّي عندَ رؤيتِه *** لأدفعَ الشرَّ عني بالتحياتِ
وأُظهرُ البِشْرَ للإنسانِ أُبغِضُه *** كأنما قد حشَى قلبي محباتِ
النَّاسُ داءٌ، وداءُ النَّاسِ قُربُهمُ *** وفي اعتزالِهمُ قطعُ الموداتِ
(ديوان الإمام الشافعي، ص: [36]).
وقال أيضًا:
قالوا سكتَّ وقد خُوصِمتَ! قلتُ لهم *** إنَّ الجواب لِبابِ الشرِّ مفتاحُ
فالعفو عن جاهلٍ أو أحمقٍ أدب *** نِعِمٌ! وفيه لصونِ العِرض إصلاحُ
إن الأُسود لتخشَى وهي صامتة *** والكلب يُحثَى ويُرمَى وهو نبَّاحُ
(ديوان الإمام الشافعي، ص: [42]).
وقال منصور بن محمد الكريزي:
سأُلزِمُ نفسي الصفحَ عن كلِّ مذنب *** وإن كثرت منه إليَّ الجرائمُ
فما الناسُ إلَّا واحدٌ مِن ثلاثةٍ *** شريفٌ، ومشروفٌ، ومثلي مُقاومُ
فأمَّا الذي فوقي فأعرفُ فضلَه *** وأتبعُ فيه الحقَّ والحقُّ لازمُ
وأما الذي دوني فإن قال صِنتُ عن *** إجابتِه عِرضي وإن لام لائمُ
وأما الذي مثلي فإن زلَّ أو هفا *** تفضَّلتُ إنَّ الحلم للفضلِ حاكمُ
(روضة العقلاء؛ لابن حبان البستي، ص: [166]).
وقال أبو الفتح البستي:
خذِ العفوَ وأْمُرْ بعرفٍ كما *** أُمْرتَ وأَعرضْ عن الجاهلين
ولِنْ في الكلامِ لكلِّ الأنامِ *** فمستحسَنٌ من ذوي الجاه لين
(زهر الآداب وثمر الألباب؛ لأبي إسحاق القيرواني: [2/427]).
وقال آخر:
إذا كنتُ لا أعفو عن الذنبِ مِن أخٍ *** وقلتُ أُكافيه فأينَ التفاضلُ
فإن أقطعِ الإخوانَ في كلِّ عسرةٍ *** بقيتُ وحيدًا ليس لي من أُواصلُ
ولكنني أُغضي جُفوني على القذَى *** وأصفحُ عمَّا رابني وأُجامِلُ
(العقد الفريد؛ لابن عبد ربه: [3/80]).
- التصنيف: