تاريخ الإرهاب النصراني الغربي

منذ 2014-04-12

عندما نلقي نظرةً على تاريخ الإرهاب نجده غربيًّا بامتياز، سواء ما يتعلق بالحروب الدينية وما جرى فيها من فظاعات، أو الحروب القومية وما تم فيها من جرائم، ففي الغرب يملك الإرهابيون أسلحة فتاكة، لم يَتَوَانَوْا في استخدامها، بينما لا يملك مَن يوصفون بـ(الإرهابيين المسلمين) سوى أسلحة بدائية.

تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن الإرهاب (الإسلامي) كلما قامت مجموعة هنا أو هناك بعملية عسكرية، سواء كَرَدِّ فعل على سياسات داخلية في بلدانها، أو ردًّا على سياسات خارجية للدول الغربية المهيمنة على أقطارهم سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا.

ورغم أن تلك الجماعات لا تمثل إلا نفسها، وتعبر عن ممارساتها انطلاقًا من موقفها الذاتي للأحداث والأوضاع؛ إلا أن الغرب يتعامَى عن الأسباب، ويرى أنه أسهل له  أن يرمي تلك الأفعال بوصمة الإرهاب، ويضاعف من مضايقته للمسلمين في كل مكان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

لكننا عندما نلقي نظرةً على تاريخ الإرهاب نجده غربيًّا بامتياز، سواء ما يتعلق بالحروب الدينية وما جرى فيها من فظاعات، أو الحروب القومية وما تم فيها من جرائم، بما فيها الحروب الفرنسية النمساوية، أو الفرنسية البريطانية، أو الالمانية البريطانية، والحربين العالميتين الأولى والثانية.

وفي الغرب توجد منظمات تستخدم العنف، لكنها لم توصف بأنها منظمات إرهابية نصرانية، مثل الجيش الجمهوري الأيرلندي، أو منظمة إيتا الباسكية، بل حتى منظمات المافيا الإيطالية وغيرها من المنظمات.

أقوى أسلحة الإرهاب:

لا يملك ما يوصفون بـ(الإرهابيين المسلمين) سوى أسلحة بدائية غالبًا ما تكون أحزمة ناسفة، أوقنابل أو متفجرات مصنعة غربيًّا، بينما يملك الإرهابيون الغربيون أسلحة فتاكة، لم يَتَوَانَوْا في استخدامها، بما في ذلك السلاح النووي، والسلاح البيولوجي، وغيرها من الأسلحة التي تقتل الملايين من المدنيين في بضع دقائق.

ومن ذلك السلاح النووي، وهو عبارة عن سلاح يعتمد في قوته التدميرية على عملية الانشطار النووي. ونتيجة لعملية الانشطار هذه؛ تكون قوة انفجار قنبلة نووية صغيرة، أكبر بكثير من قوة انفجار أضخم القنابل التقليدية، حيث بامكان قنبلة نووية واحدة إلحاق أضرار فادحة بمدينة بكاملها.

فُجِّرت أول قنبلة نووية للاختبار في 16 يوليو 1945م، في صحراء "ألاموغوردو" في ولاية "نيومكسيكو". وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية القنابل الذرية مرتين في الحرب العالمية الثانية، حيث قامت بإسقاط القنبلة الأولى على "هيروشيما" اليابانية في 6 أغسطس 1945م، والثانية على ناكازاكي في 9 أغسطس من نفس السنة. وأدى ذلك إلى قتل 120 ألف إنسان في لحظة واحدة. وضِعْف ذلك العدد بعد بضع سنوات وبعد معاناة طويلة، وجميعهم من المدنيين.

وتمتلك حاليًا عدة دول الأسلحة النووية، من بينها: الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، والهند، وباكستان، والكيان الصهيوني، وجنوب إفريقيا، وأوكرانيا، والسويد، وهولندا، وكندا، وأستراليا، وعدد من الدول الغربية الأخرى.

ويهدف منتجو الأسلحة البيولوجية التقليدية الغربيين  إلى إنتاج الجراثيم والميكروبات المضرة بالإنسان، ونشر تلك الجراثيم والميكروبات في ساحة الطرف المقابل، دون تفريق بين مدنيين وعسكريين. ويتم القضاء على الطرف الآخر بالسلاح البيولوجي عن طريق الإلقاء به في ساحته، سواء في الهواء ليتنفسه، أو عن طريق اللمس، أو الحقن، أو في الطعام، أو نشره عبر الحشرات المحمَّلة به كالذباب.

تاريخ الإرهاب الغربي:

ويعود استخدام الأسلحة البيولوجية إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ففي سنة 1346م رميت الجثث التي كانت ملوَّثة بمرض الطاعون الأسود خارج مدينة "فلكا".

وفي سنة 1850م حارب البريطانيون الهنودَ الحمر في أميركا بمرض الجدري، الذي قضى على الملايين منهم.

وفي سنة 1915م استعمل الجواسيس الالمان الحمة الفحمية أنتراكس "Anthrax"  كسلاح ضد خصومهم.

وفي سنة 1925م تم توقيع اتفاق بين 30 دولة على عدم استخدام السلاح البيولوجي.

وفي سنة 1932م اختبرت اليابان سلاحًا بيولوجيًّا على 3 آلاف أسير صيني.

وفي سنة 1942، 1943م اختبر البريطانيون الحمة الفحمية ضد جزيرة جينارد، وظل التلوُّث لعدة سنوات فيها.

وفي الفترة ما بين 1940م وحتى 1944م اختبرت اليابان نفس السلاح ضد عدة مدن صينية.

وفي الفترة ما بين 1950 و1966م أجرت الولايات المتحدة الأمريكية عدة تجارب في مجال الأسلحة البيولوجية.

وفي سنة 1976م اتفقت عشرات الدول على منع استخدام تلك الأسلحة، لكنها ظلت تمارس الاختبارات السرية، ولاسيما الدول الغربية ومعسكر "وارسو" المنحل على حد سواء.

وفي سنة 1975م وقعت حادثة المختبر الروسي، وقُتِلَ العشرات ممن هم في سن التجنيد.

وفي سنة 2000م اتفقت  143 دولة على حظر السلاح البيولوجي، لكنها كالعادة استمرت في إجراء الاختبارات. غير أن إنتاج سلاح بيولوجي عرقي هو آخر ما تَفَتقَت عنه الذهنية الإجرامية في الغرب في السنة السابعة من الألفية الثالثة.

في 1710م وأثناء الحرب التي دارت بين روسيا والسويد، قامت القوات الروسية باستخدام أشلاء الجثث الملوثة بالطاعون لنشر المرض بين الأعداء.

وفي 1767م وأثناء الحرب التي دارت بين الإنجليز والفرنسيين في الفترة ما بين 1754 و1767م اعتمد كلا الجانبين على حلفائهم من الهنود. وفي إحدى الهجمات التي شنَّتها فرنسا على الإنجليز ألحقت خسائر فادحة بهم، وتلتها هجمة أخرى مما أدَّى إلى تفكير الجنرال الإنجليزي "جيفري أمهرست"  بإهداء حلفاء الفرنسيين من الهنود بطاطين مليئة بفيروس الجدري مما أدى إلى انتشار المرض في الهنود، وتخلل صفوف الجيش الهندي مما مكَّنه من استعادة اسمه مرة أخرى بعد انتصاره على الفرنسيين في هجوم شنَّه عقب تلك الأحداث. أي: أن الوباء لعب دورًا حيويًّا وهامًّا في تحقيق النصر للإنجليز وإلحاق الهزيمة بالفرنسيين.

وفي 1797م أجبر نابليون مدينة "مانتو" على الاستسلام عن طريق نشر عدوى حمى تسمى" Swamp fever" بين سكان المدينة.

وفي 1900م قام طبيب أمريكي بحقن السجناء الفلبينيين بجرثومة الطاعون لإجراء أبحاثه.

وفيما بين 1914 و1917م قام الألمان أثناء الحرب العالمية الأولى بنشر الكوليرا في إيطاليا، والقنبلة البيولوجية في بريطانيا.

وفي 1917م أيضًا قام الألمان بتلقيح الخيول والماشية قبل شحنها لفرنسا بمرض الرعام -مرض يصيب الخيل فيسيل خطامها-، وتم ذلك في أمريكا، وعلى الرغم من أن الخيل قوة لا يستهان بها في الحروب قديمًا، إلا أن الألمان فشلوا في تغيير مسار الحرب لصالحهم.

وفي 1931م قام المسؤولون العسكريون في اليابان بتسميم الفاكهة بمرض الكوليرا؛ لايذاء لجنة البحث والتقصي القومية التي كانت تبحث أسباب وضع مدينة منشوريا تحت حصار اليابان.

وفي 1939م قام العالم الأمريكي "أي جي فاربين" بإنتاج أول غاز سام للأعصاب، للنازيين، ومفعوله أقوى بكثير من مفعول غاز الخردل الذي استُخدم في الحرب العالمية الأولى.

وفي الأربعينات قام الأطباء الأمريكيين بحقن 400 سجين بمرض الملاريا، وذلك لاكتشاف عقار جديد يحارب المرض الذي انتشر أثناء الحرب العالمية الثانية.

وفي 1941م بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في صنع الأسلحة البيولوجية بعد طلب سكرتير الحرب "هنري آل ستمسون" من الأكاديمية القومية للعلوم بتشكيل لجنة لدراسة جدوى خاصة بإنتاج مثل تلك الأسلحة.

وفي 1942م أقرت لجنة "ناسا" الإجراءات الفعلية في تصنيع الأسلحة البيولوجية. وتم تشكيل وكالة خدمات الحرب بتوجيه "جورج دبليوميرك"، صاحب شركة ميرك للأدوية.

وفي 1943م أصبح "كامب ديتريك" المقر الرئيسي لتلك التجارب المعدَّة لحرب إبادة، وعمل فيها في البداية أربعة آلاف شخص، منهم 2800 عسكري، و1000 عسكري من البحرية، و100 من المدنيين. أما الاختبار فكان يتم في الميسيسيبي، ثم تم نقله بعد ذلك إلى "يتواها" سنة 1994م، بعد إنشاء معمل مجهَّز هناك، وتم تأسيس محطة لإنتاج تلك الأسلحة في نفس السنة.

وبين 1943 و1949م كانت الولايات المتحدة قد أتمت إعداد البرامج، ودخل الإنتاج حيز التنفيذ بشكل كبير. وكانت وزارة الحرب الأمريكية قد أعلنت في سنة 1946م إنتاج الأسلحة البيولوجية. كما أعلنت عن اتخاذها كافة الاحتياطات لمنع إصابة العاملين في هذه القطاعات الخطرة من الإصابة.

وفي أثناء حكم الرئيس جون كينيدي تَضَاعَف الإنتاج الأمريكي من الأسلحة الكيميائية، والتي استُخدم جزء منها في حرب فيتنام بعد ذلك. وأُعْلِنَ عن أن الجيش الأمريكي أصبح بمثابة منجم للأسلحة الكيميائية. إلى جانب قنابل النابالم التي توصَّل إليها الأستاذ في "هارفارد": "لويز فايزر".

وفي 1947م تم اختبار محفِّزين بيولوجيين في "كامب ديتريك"، بأمريكا.

وفي 1949م قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتطوير برامج أسلحتها البيولوجية وتوسيع نطاقها، وظل ذلك التوسع طيَّ الكتمان فترة من الزمن.

وفي 1949م تم إجراء أول تجربة عملية لاختبار الأسلحة البيولوجية التي تحتوي على الجراثيم الممرِضة في "كامب ديتريك".

وفي 1950م قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتطوير برامج أسلحتها البيولوجية وتوسيع نطاقها.

وفي 1950 و1953م تم إسقاط ريش طيور فوق كوريا الشمالية ملوَّث بالجمرة الخبيثة، كما تَمَّ حقن الباعوض بمرض الطاعون والحمى الصفراء، وتم نشره في البلاد. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وراء ذلك العمل الإجرامي و اللاإنساني.

وفي 1956/ 1958م قام الجيش الأمريكي بنشر الباعوض الحامل لمرض الحمى الصفراء، عن طريق الطائرات، وعن طريق البر؛ لإجراء اختبار ميداني في ولايات فلوريدا وجورجيا وآفون بارك؛ مما أدى إلى موت العديد من الحالات المصابة.

وفي 1959/ 1969م وُصفت هذه الفترة بـ"الأعوام الذهبية" فيما حقَّقته أمريكا من طفرة في إنتاج الأسلحة البيولوجية، والتي وصلت تقنيتها إلى أعلى المراتب. والتي تتلخض فيما يلي:

  1. شهد تخمُّر جراثيم الكائنات الحية الدقيقة المستخدمة في تلك الأسلحة نجاحًا كبيرًا، وعلى نطاق أوسع من قبل.
  2. اتباع وسائل أمان غاية في الدقة.
  3. تطبيق أحدث الوسائل التكنولوجية الخاصة بتركيز البكتيريا، الفيروسات، السموم، الريكتسيات -متعشيات مجهرية شبيهة بالبكتيريا-.
  4. تطوير الأساليب المستخدمة في تثبيت العوامل السائلة والجافة.
  5. النجاح في حفظ هذه العوامل تحت تأثير درجات الحرارة المختلفة، وفي ظل ظروف بيئية متنوعة.
  6. التنوع في إنتاج الأسلحة البيولوجية، وصنعها بكفاءة عالية.
  7. الزعم بوضع مبادئ خاصة بعدم إلحاق الضرر بالبيئة والمحافظة عليها من التلوث!!!

وفي 1969م قام الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" بزيارة "إف تي تيدتريك -قاعدة الأسلحة البيولوجية المميتة-"، وبعدها بسنة -أي في 1970م- زار الرئيس الأمريكي القاعدة مرة أخرى، وقال بأن برامج الجيش ستقتصر على استخدام السموم لحماية أمريكا على حد زعمه.

ولا شك فإن تقنية الأسلحة البيولوجية، والنووية، وغيرها؛ قد شهدت تطورات كبيرة، وتخطت كل الخطوط الحمراء، وكل ما تم تحريمه، صُوريًّا، وهو ما سنتحدث عنه تباعًا بعون الله.

 

عبد الباقي خليفة 12/ 2/ 1430 هـ