(اللهم أُوعِدنا الجنة)!

منذ 2014-04-20

متجولًا في (هايبر بنده ماركت).. حائرة عيني بين قائمة طلبات الشهر التي أحملها وبين عربة المشتريات التي أدفعها وبين أرفُف السلع مطارِدًا إعلانات العروض والخصومات.. مُستغرِقًا وسط كل ذلك في عمليات حسابية معقدة لتصمد الريالات المرصودة لجولة "الشوبنج" هذه أمام (التعويرة) المتوقعة عند الدفع!

يقطع كل هذا ضجة صاخبة في الإذاعة الداخلية للسوق: "تررراررررا.. مبروووووووووك!.. كسبت كل مشترياتك ببلاش".. عرض ترويجي يقومون به، ويفوز صاحب النصيب "السعيد"..

انطلق لساني -لا شعوريًا- وارتفعت يداي: "اللهم أوعِدنا"..

لم أكد أكمل دعائي -الصادق- حتى قرعت مسمعي من خلفي دعوة أخرى.. نقلتني من السوق وحرَّرتني من أسرِ قائمة الطلبات وأنستني العربة التي أدفعها، بل وأذهلتني عن الصغير وأُمّه...!

التفت فإذا هو عامل بسيط يُرتِّب السلع على الأرفف.. تفاعل مع دعوتي لما سمعها دون أن يلتفت لي، وخرجت منه -لا شعوريًا- كأندى ما سمعت في حياتي: "اللهم أُوعِدنا الجنة"..

تسمَّرتُ مكاني لبرهة أُطالِع مظهره البسيط ووجهه الصافي.. بدأت ملامحه تغيب خلف دموعي.. أحسستُ أني أمامه ضئيل للغاية.. أين أنت، وأين أنا.. بل أين نحن منك؟!

كثير ممن لا يدلُّك مظهرهم على شيء، لو تعلم حقيقة مخبرهم لرجوتهم أن يكونَ لك من دعائهم نصيب..

فجَّر هذا الرجل الطيب بدعائه شيئًا بداخلي! لا أدري ما هو على الحقيقة.. غير أني كفكفتُ دموعي وانطلقت غارِقًا مرةً أخرى في صراع القائمة والعربة والأرفُف.. ثم توجَّهت (للكاشير) مستقبلًا (التعويرة) بنفس غير مبالية!

"اللهم أُوعِدنا الجنة".. ما زالت ترِن في أذني..

سبحان من لا يعلم قدر خلقه إلا هو!

 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

محمد عطية

كاتب مصري