صراع ديوك.. أم صراع سلطة؟

منذ 2014-04-21

الأطراف المتصارعه على السلطة لكل منها منهج حياتي فلسفي لإدارة حياة الشعوب ورؤية متكاملة، وبالفطرة والمنطق السليم أن أي من تلك الأفكار والرؤى تريد بصورة تلقائية فرض نفسها على الأخرين، ونشر منهجها بين الناس والسيطرة الكاملة على عقول الناس ومقدراتها..

البعض لا زال يظن أن الصراع صراع على سلطة، وحتى إذا بدأنا من هذا المصطلح وسرنا معه سنصل إلى نفس النقطة، التي هي منبع الصراع وأصله التاريخي والسرمدي المتجدد، ولفظ الصراع على السلطة في ذاته له ما بعده وكان له ما قبله، فمن هي تلك القوة أو التيار أو الأفكار التي تريد السلطة؟ ولماذا؟ أو يراد لها السلطة النسبية الموجهه؟ ولماذا؟

الإجابة وبمنتهى البساطة والوضوح: أن تلك الأطراف المتصارعه على السلطة لكل منها منهج حياتي فلسفي لإدارة حياة الشعوب ورؤية متكاملة، وبالفطرة والمنطق السليم أن أي من تلك الأفكار والرؤى تريد بصورة تلقائية فرض نفسها على الأخرين، ونشر منهجها بين الناس والسيطرة الكاملة على عقول الناس ومقدراتها، إذًا أصل الصراع على السلطة ما هو إلا صراع الأيدولوجيات والانساق الفكرية المتوارثة، والباقية إلى يوم الدين، ومن ثم تحاول كل تلك القوى والأفكار اختراق مفاصل وأذرع السلطة حتى تتمكن منها، وأعنى بمفاصل السلطة هي قوة التحكم في الجماهير، أي القوة بمفهومها المباشر (القوة القاهرة )، وحيث أن كل تلك القوى والأفكار، بل والأديان المتصارعه تفاعلت بشكل تاريخي ومرت بتجارب عديدة في الصراع وصلت الآن إلى شكل بسيط وواضح للغاية، حيث كونت فريقين اساسين متصارعين وهما: (الأسلمة، والعلمنة).

والأسلمة:
هو هذا النسق الفكري الكامل والقوي بأفكاره وقيمه وأصوله، والذي صمد عبر التاريخ وعبر كل الصدامات التاريخية شامخًا أبيًا عزيزًا، مصدره الإسلام بمفهومه الشامل المشتبك مع الواقع بكل تعقيداته، والمستند إلى روافد الوحي والسنة، والمتناسب والمتناغم مع طبائع الحياه بعمق حراكها وعلاقاتها المتشعبة والمتنوعة.

أما العلمنة (من العلمانية):
هو هذه الرابطة المدشنة لاحتواء جميع الأفكار والقيم والأديان والأنساق والمناهج والفلسفات، التي خرجت من تلك الصدامات مدمرة ومنهارة تمامًا، ولم تستطع مواجهة الحراك الحياتي التاريخي ومتغيراته للأمم السابقة، ولذا أنشئت تلك الرابطة لمحاولة تجميع فتات وبقايا وفلول تلك الأنساق المترنحة تاريخيًا، إلا أنها بتجمعها وتوحدها مرحليًا داخل هذه الرابطة بدت وكأنها قوية في مواجهة الأسلمة.

لذا فإن الصراع -وإن بدى للبعض صراع على السلطة، إلا أنه في الحقيقة صراع حضاري تاريخي أيدولوجي بين الإسلام وبين نفايات البشرية الفكرية المتجمعة الآن في ماخور العلمانية، وقد أخذ هذ الصراع بين الأسلمة والعلمنة عدة أشكال مختلفة، إلا أن ابرزها مؤخرًا ما يسمى بالانقلابات العسكرية، أو إبراز قوة قاهرة كجزء أصيل من الصراع السابق توضيحه، وتعد كما سبق التوضيح مفصل هام بل الأساسي من مفاصل السلطة، لذا كان الأكثر اهتمامًا من تلك الاطراف المتصارعه خصوصة رابطة فلول الأنساق الفكرية المنهارة والمدمرة تاريخيًا -العلمنة- وتعد فكرة -أو مصطلح- الانقلابات العسكرية أكبر خدعة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط منذ بدء ما يسمى بحركات التحرر، (وهي مرحلة ما بعد الاستعمار) أي انقلاب الجيوش على الديمقراطية، أو على ما يسمى الحكومات المدنية..!

لأنه ببساطة شديدة الاثنين كانوا ولا زالوا انقلابات على الأسلمة، أو بشكل آخر ضمانة وتحجيم للأسلمة، إلا أنه وللأسف وقع في تلك الخدعة عدد ليس بالقليل من الحركات والأفكار الداعمة، والمطالبة بالأسلمة ودخلوا حلبة صراع وهمية زائفة للتغطية على الحلبة الحقيقية، ليتحولو إلى صراع ديوك، وما هي إلا مسرحيات أحيكت بمهارة منقطعة النظير لإغراق الجميع، وتدشين حلقات صراع ديوك مستمره تشعلها مراهنات واضعيها أمام شعب أحمق، هائج مستثار من شدة نقر الديوك لبعضها..

أما الممثلين فمنهم من يمثل دوره بمهارة، لأنه يعلم دوره جيدًا، ومنهم من وقع في براثن (الكاميرا الخفية)، حتى وإن كانت (كاميرات الرأي والرأي الأخر) فهي في النهاية تنقل على الهواء من حلبات صراع الديوك الزائفة، وفق مراهنات العمالقة، ليفاجئ الجميع بعد ذلك كالعادة بكاميرات التصوير الحقيقية خلف الستار، وتصفيق المخرج وفريق العمل، حينها لن يكون أمام أي طرف إلا أن يضحك كالأبله الخجلان...
ليسمعوا كلمة التاريخ فيما بعد: (نذيع) ...أيها الحمقى السفاء..

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام