ثم فتنة لا تدع بيتاً من العرب إلا دخلته
أما الخطير في الأمر هو إشارة بعض الدراسات إلى ازدياد أعداد ونسبة الإلحاد بين صفوف المسلمين في المنطقة إلى نسب كبيرة جدا متزامنة مع انتشار وازدياد أعداد مشتركي شبكات التواصل الاجتماعي حيث تردد وصول النسبة إلى 2-3 % في مصر، وهي من أكبر دول المنطقة في عدد السكان حيث بلغ عدد الذين ألحدوا منذ ثورة يناير حتى الآن 2.5 مليون ملحد أغلبهم تركوا الدين من خلال تأثير مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، وتواصلهم مع مواقع إلحادية متعددة لا يعلم مصادرها، والأخطر حيث أشارت نفس الدراسات إلى ارتفاع النسبة داخل المملكة السعودية إلى 5% وهي نسبة خطيرة للغاية باعتبار رمزية ووضع المملكة من ناحية الدين والمقدسات.
أشعر بهذه الحالة شعور قوي جدا، ولا أستبعد شبكات التواصل الاجتماعي من تلك الفتنة، في سياق الأحداث من حولنا والتغيرات السريعة الجارية وحالة التيه وتشويش وضبابية الرؤية وغياب علماء الدين الربانيين وتشويه البقية، وسقوط مدوي للمنظومة القيمية لمجتمعاتنا والتي كانت الحاضنة الأخيرة لمورثنا الديني، واختلاط المفاهيم.
روى البخاري في كتاب الجزية، عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك فقال له: « »، هذا الحديث ذكر فيه الرسول عليه الصلاة والسلام ست علامات من علامات الساعة، وهي علامات كبيرة بارزة ولعلها تنتظم الفترة ما بين حياة الرسول عليه الصلاة والسلام و قيام الساعة، أو إلى الوقت القريب جداً من قيام الساعة.
« ».
- «:ـ هذه هي العلامة الخامسة: هذه فتنة تنتشر وتستشري فلا تترك بيتاً من العرب إلا وتدخله، والرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الرواية ذكر بيوت العرب من باب التغليب، وإلا فقد ورد في رواية عند أحمد أنه عليه الصلاة والسلام قال: « »، أي يدخل حر هذه الفتنة بيت كل مسلم فهي تعم المسلمين، ليست خاصة بالعرب فقط، فهي فتنة شاملة عامة، ولعلها هي الفتنة التي ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر الذي رواه أحمد وأبو داود وسمّاها بفتنة الدهيماء، قال عليه الصلاة والسلام: « »، تتمادى: أي كلما ظن الناس أنها قد انتهت إذا بهم يجدونها تفتح بعد كل مدة صفحة جديدة، وهكذا فهي فتنة متطاولة، وسماها الرسول عليه الصلاة والسلام « ». والدهيماء تصغير الدهماء، والتصغير في بعض الأحيان يكون للتعظيم، والدهيماء تأنيث الأدهم، والأدهم هو الذي يميل إلى السواد،فهي فتنة كما يبدو سوداء أي مظلمة، يصفها الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها مظلمة وبأنها عظيمة وبأنها متطاولة، ومن ضمن شرها والعياذ بالله أن الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الرواية التي عند أحمد وأبي داود يقول عنها: « »، يعني أنها شر مستطير، يخرج فيها الناس من الإسلام ـ والعياذ بالله ـ تكون هذه الفتنة في المسلمين، تدخل عليهم بيوتهم بحيث لا يبقى بيت إلا دخلته، بحيث لا يبقى فرد إلا لطمته، ويكون من ضحاياها أناس يخرجون من الإيمان إلى الكفر، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، فهل يمكن استبعاد شبكات التواصل الاجتماعي من تلك الرؤية؟ حيث بلغ عدد المشتركين في منطقتنا العربية ما يزيد عن 60 مليون مشترك من أصل إجمالي 200 مليون مسلم تقريبا، وبالتأكيد فكرة الدخول لكل بيت يمكن الآن قبولها في إطار الإنترنت وشبكات التواصل والتي يمكن من خلالها عبور الأفكار ليس فقط إلى كل بيت، بل إلى غرف النوم نفسها، أما الخطير في الأمر هو إشارة بعض الدراسات إلى ازدياد أعداد ونسبة الإلحاد بين صفوف المسلمين في المنطقة إلى نسب كبيرة جدا متزامنة مع انتشار وازدياد أعداد مشتركي شبكات التواصل الاجتماعي حيث تردد وصول النسبة إلى 2-3 % في مصر، وهي من أكبر دول المنطقة في عدد السكان حيث بلغ عدد الذين ألحدوا منذ ثورة يناير حتى الآن 2.5 مليون ملحد أغلبهم تركوا الدين من خلال تأثير مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، وتواصلهم مع مواقع إلحادية متعددة لا يعلم مصادرها، والأخطر حيث أشارت نفس الدراسات إلى ارتفاع النسبة داخل المملكة السعودية إلى 5% وهي نسبة خطيرة للغاية باعتبار رمزية ووضع المملكة من ناحية الدين والمقدسات، إلا أن قضية الإلحاد الكامل ليست بالضرورة هي المقصودة في ذاتها أو بشكل معلن فعدد من لازالوا يعلنون انتمائهم للإسلام ويفعلون ما يعاديه ويحاربه أيضا في ازدياد بل نرى جماعات وتيارات كاملة تدخل في هذا السياق، بمعنى ارتداء عباءة الدين للتمويه فقط أو إعلان انتسابهم للدين على غير واقعهم.
على أية حال، يبقى الغرض من تلك الفتنة سواء كانت شبكات التواصل أو القنوات الفضائية أو حتى الواقع السياسي الفوضوي هو انقسام الناس إلى فسطاطين: وفي هذا الحديث الذي عند أحمد وأبي دواود يقول صلى الله عليه وسلم: « »، يعني: أنها تكون فتنة يتمايز فيها الناس حتى يصير الناس إلى جماعتين كبيرتين أو معسكرَين ـ والفسطاط: هو الخيمة ـ فالمسلمون ينقسمون إلى معسكرين نتيجة لهذه الفتنة « »، أي: يتخلص أصحاب هذه الفسطاط من كل أنواع المعاصي والضلالات ومن كل أنواع النفاق فيصيرون خُلَّصاً في إيمانهم، « »، والفسطاط: الآخر لا يُظهِر الكفر صراحة، وإنما لا يزال أفراده يتظاهرون بالإسلام، ولذلك سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسطاطهم، ومعسكرهم فسطاط نفاق، لم يقل (فسطاط كفر) لأنهم يغَلِّفون كفرهم بمظهر إسلامي، مع أنه ذكر أنهم كفار في ثنايا الحديث عن هذه الفتنة حيث قال: « »، فهو كفر ولكنه ملبِّس، كفر مغلَّف. مغلّف بالمظهر الإسلامي نفاق حقيقته الكفر، ولذلك قال: « »، أخشى أن يكون من بينهم أحزاب سياسية.
أسأل الله العفو والعافية والثبات لي ولكم على الحق .. إنه ولي ذلك والقادر عليه. »
- التصنيف:
- المصدر: