ما حقيقة المساعدات الأمريكية للمجاهدين الأفغان؟

منذ 2014-04-29

أمريكا لم تقدم حتى الآن قطعة سلاح واحدة أمريكية، والسلاح الوحيد الذي قدمته لبعض الجبهات هو صاروخ (ستنجر)، الذي أبدت فيه أجهزة الإعلام اليهودية، وأعادت وطنطنت ورنت وملأت أسماع العالم، تريد أن تثبت للناس أن هذا الجهاد هو عبارة عن ربيبة أمريكية، تربى في أحضان أمريكا، وأنها هي التي رعته، وأن الحرب ليست بين شعب مسلم يدافع عن عقيدته ودينه، إنما هي بين العملاقين الكبيرين، بين روسيا وبين أمريكا.

دومًا نسمع من خلال الإعلام الأمريكي؛ أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت -وما تزال- فاتحة باب العون والمساعدات للمجاهدين الأفغان، من غير شرط أو ثمن! هل هذا الكلام له أساس من الصحة؟

الجواب: "بقدر اطلاعي -وأنا أظن أني مُطلع- الذي أعلمه أن أمريكا لم تقدم حتى الآن قطعة سلاح واحدة أمريكية، والسلاح الوحيد الذي قدمته هذا العام لبعض الجبهات هو صاروخ (ستنجر)، الذي أبدت فيه أجهزة الإعلام اليهودية، وأعادت وطنطنت ورنت وملأت أسماع العالم، تريد أن تثبت للناس أن هذا الجهاد هو عبارة عن ربيبة أمريكية، تربى في أحضان أمريكا، وأنها هي التي رعته، وأن الحرب ليست بين شعب مسلم يدافع عن عقيدته ودينه، إنما هي بين العملاقين الكبيرين، بين روسيا وبين أمريكا.

 

أقول: هذا صاروخ ستنجر، أنا أعلم -كمطلع- أن أمريكا تأخذ ثمن كل صاروخ سبعين ألف دولار [1]، المجاهدون يرفضون المساعدات الأمريكية حتى الآن.. أو أريد أن أخفف على الأقل القادة الكبار ذووا الزخم الجهادي والثقل العسكري في داخل أفغانستان، وهم: "رباني وخالص وحكمتيار وسياف" [2]، هؤلاء الأربعة أصحاب الثقل العسكري في داخل أفغانستان يرفضون التعامل مع الأمريكان، ويرفضون أخذ المساعدات الأمريكية.

 

فأمريكا جاءها حكمتيار في أكتوبر سنة 1985م، وطلب "ريجان" مقابلة حكمتيار، فرفض حكمتيار أن يقابل ريجان، فقال له السفير الذي أرسل من قبل ريجان: "أنت مجنون ستون رئيسًا وملكًا على قائمة ريجان وهو يؤخرهم أو يرفض مقابلتهم، وأنت الفقير الذي لا تملك من الدنيا شيئًا؛ ترفض مقابلة ريجان!" ما كان يظن هذا السفير أن واحدًا في الأرض يرفض أن يقابل ريجان قال: "نعم أرفض مقابلته، وإن أصررتم فسأغادر أمريكا الآن"، وعقد مؤتمرًا صحفيًا، وسأله صحفيون: "ماذا قدمت لكم أمريكا؟"، قال: "لم تقدم لنا شيئا!".

 

وجاء بعده الأستاذ رباني وقابل ريجان، وسأله ريجان: "هل وصلتكم الأسلحة التي أرسلناها إليكم؟" فرد بجواب لاذع على ريجان، قال: "نحن ننقل أسلحتنا على الحمير والبغال، فتستغرق الرحلة شهرًا إلى شهرين حتى تصل إلى الحدود الشمالية من أفغانستان، فيبدوا أن الحمير الأمريكية التي حملت السلاح لم تصلنا بعد!".

 

فالأمريكان خصصوا مائة مليون دولار للصحة، وستين مليون دولار للتعليم، وأرسلوها مع لجان، وجاءوا وعرضوا على القادة الأربعة: "نحن نريد أن ندخل إلى داخل أفغانستان، نبني لكم المستشفيات حتى لا يموت جرحاكم -وفعلاً الجرحى يموتون نزفًا- وحتى نعلم أبنائكم"، فرفض القادة الكبار الأربعة هذا، ذهبوا إلى بعض السفارات في إسلام آباد، حتى تتدخل لتقنع هؤلاء المجاهدين -أو قادة الجهاد- فرفضوا، ذهبوا إلى بعض الشخصيات التي يمكن أن تؤثر على هؤلاء القادة؛ فرفضوا أن يتدخلوا.

 

وأخيرًا صاح هذا المسؤول عن اللجنة التعليمية، قال: "من يعذرني مع هؤلاء المجانين الأفغان؟! ستين مليونًا للتعليم أخرجناها من الخزينة الأمريكية، بعد أن بلغت القلوب الحناجر، بشق الأنفس، وقد مضى عشرة أشهر ولم نستطع أن نتصرف بشيء منها، بقي شهران سترجع إلى الخزينة الأمريكية، من يستطيع أن يساعدني"، وكما أعلم؛ لم يقبل القادة الأربعة أن يتعاونوا معه، ودخلت بعض الأموال الأمريكية إلى داخل أفغانستان عن طرق ملتوية مع بعض مرضى النفوس، ولكن ليس إلى الجبهات الرئيسية المعروفة.

 

فإذا كانوا يرفضون أن يتعاونوا من ناحية التعليم ومن ناحية الصحة، التي هي تعتبر ضرورة كأكل الميتة، لأنهم في داخل أفغانستان ينشرون الأرجل بالمنشار -منشار الخشب- ويأتون بالحلاق ليعمل بعض العمليات لإخراج بعض الشظايا! فكيف يمكن أن يقبلوا مساعدات من أمريكا للسلاح أو غيرها؟! كما تدعي وسائل الإعلام اليهودية، التي تريد أن تشوه الجهاد الأفغاني، وتريد أن تهز عقيدة التوكل على الله التي بناها الجهاد الأفغاني من خلال هذه السنوات العشر العجاف، التي قدم ثمن هذا التوكل على الله.

 

ما بُني التوكل على الله في قلوب المسلمين إلا من خلال مليون ونصف المليون من الشهداء، على بحور الدماء وعلى تلال الأشلاء؛ بنيت الثقة بالله عز وجل، وعاد التوكل على الله إلى نفوس المسلمين، وبدأت بعض الشعوب تحس أن بإمكانها أن تنازل أية دولة مهما جلت قدرتها البشرية، ومهما كانت عظمتها ومتاعها وعتادها وعددها، فلذلك هي تريد أن تخلخل هذه العقيدة التي عادت، تريد أن تهز عقيدة التوكل على الله، تريد أن تزلزل الثقة بالله التي صنعها الجهاد الأفغاني.

 

ولذلك يصنع الأمريكان فيلمًا يبينون فيه كأن الجهاد الأفغاني عبارة عن مجموعة من الحشاشين، يأكلون الحشيش ثم بعد ذلك يهجمون على الروس أو على القواعد الشيوعية ويضربون! ولعمر الحق إن هذا لظلم عظيم لجهاد شرف الله به الأمة الإسلامية، وشرف الله به البشرية، وتلطيخ لصفحة مشرقة من التاريخ الإسلامي الحديث، لن يمر -وما مر- عبر القرون الثلاثة الأخيرة له نظير أو مثيل" (من حوار مع بعض وسائل الإعلام، بتاريخ:2/1/ 1988م).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- أي من بعض الأنظمة الحاكمة العربية، كما ذكر الشيخ في موضع آخر.

2- بعض تلك الشخصيات من هو ثابت إلى اليوم على درب الجهاد، يأبى إعطاء الدنية في دينه، ومنهم من قد ولج باب الردة عن الدين، بعد مناصرته للصليبين الأمريكان ضد المسلمين في حركة طالبان، وهو اليوم مخذول منبوذ، حتى من قبل الأمريكان أنفسهم، قال صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» (رواه مسلم).

المصدر: منبر التوحيد والجهاد