حكاية قطرة مطر..
أنا قطرة مطر.. من آلاف قطرات أخرى.. تنتظر في وسط غيمة في السماء.. أنتظر بين القطرات التي تنتظر وأخرى تتكون.. وأحلم.. أحلم باليوم الذي سأتحرر من هذه الغيمة..
[1]
كانت السماء مليئة بالغيوم.. وكانت الشمس تختبئ خلف تلك السحب الرمادية الداكنة.. وكانت الرياح شديدة تنذر بجو ممطر.. يرى البعض أنه مناخ تتجدد فيه الحياة.. ويكتئب البعض فيه لغياب الشمس ودفئها عنهم..
[2]
أنا قطرة مطر.. من آلاف قطرات أخرى.. تنتظر في وسط غيمة في السماء.. أنتظر بين القطرات التي تنتظر وأخرى تتكون.. وأحلم.. أحلم باليوم الذي سأتحرر من هذه الغيمة.. وأدعو أن أخرج من تلك الغيمة الداكنة.. أدعو أن يكون نهارًا لأرى الشمس.. نعم أراها.. وأشعر بدفئها فأكون قطرة تنشر دفء.. أن تعكس جزيئاتي الصغيرة ضوءها.. فأنشر ألوان القوس.. قوس المطر
فأجعل أطفال الأرض فرحى.. فيحبون المطر.. ويرسموا تلك الألوان في لوحاتهم وتمنحهم أملًا.. أجعل وجوه أنهكها التعب تبتسم.. فتشرق أرواحهم من الخير الذي أحمله بإذن ربي لتلك الأرض.. أدعو أن يكون منزلي داخل أرض اشتاقت لي.. فأحول جفافها لبستان أخضر.. أحقق حلم الخير.. الذي خلقت داخل الغيمة من أجله.. نعم أنتظر.. وأحلم.
[3]
كان يوسف يستعد للخروج.. عندما رأى هذه الغيوم.. فجعل يتأملها قليلًا.. فهذا الوقت من العام يصبح هكذا.. ويجعله يتذكر عام مضى من عمره.. ويجعله يفكر في ما هو آت من حياته.. فهو مثل باقي جيله؛ يبدأ الرحلة، ولكن لا يعرف ملامح الطريق جيدًا.. ولا يعرف ما عليه الوصول إليه..
تذكر كيف بدأت الرحلة.. عند موت أحد أصدقائه.. وكانت صدمة كبيرة له! يا إلهي.. نحن مازلنا صغارًا! هل سيكون اللقاء قريب!! وبدأ ينظر في بضاعته! ماذا قدم لحياته.. ماذا فعل بساعات عمره.. هل كتابه يوم القيامة سيُقرأ بفخر..؟ مع من سيكون..؟ في أي زمرة سيحشر..؟! وبدأ يتساءل عن: لماذا خُلقت...؟ هل روتين الحياة هو ما خلقنا من أجله.. لقد خلقنا للعبادة وإعمار الأرض.. فأين أنا من كل هذا!
وبدأت نظرته للحياة.. تصبح أكثر حياة.. بدأت ألوان جديدة تدخل في حياته.. كان لا يعرف غير الأبيض والأسود.. ولكنه اكتشف ألوان أخرى للحياة.. وتذكر يوم رأى ألوان قوس المطر.. وبدأ يضحك.. نعم هذه الحياة كانت مجرد أبيض وأسود.. كلون الغيوم.. ولكن قطرات المطر غيرت تلك الألوان.. وتغيرت حياته.. بدأت الحياة تنبض.. بدأ يشعر أن قلبه أصبح حيًا.. يا إلهي بين ضلوعه قلب ينبض..
في كل مرة.. يسجد قلبه لله في صلاة.. يشعر به ينبض.. يتأمل في الخلق والكون.. يشعر به ينبض.. يتصدق فيها علي فقير.. ويشعر كيف أنه أسعد من الفقير بها.. يشعر به ينبض.. يذهب ليساعد ويكون في عون محتاج.. يشعر به ينبض.. يصلح ويغير.. يشعر به ينبض..
فنحن لم نُخلق لكي لا نرى خارج دائرة أنفسنا.. فكيف سنحقق إذا إعمار الأرض.. فالعبادة هي إعمار الحياة والقلب.. إعمار الأرض.. بالعمل. يجعل الله من المطر حياة للأرض وللأحياء.. وجعلنا الله للأرض حياة.. فهل سندرك ذلك.. ونسعى له..
وبدأ يوسف يتذكر كيف كانت لحظة البداية.. توبته لله.. كيف دعا الله وبكى.. كيف شعر لأول مرة بقلبه ينبض.. وكيف بدأ يكتب أول صفحاته الجديدة.. وكانت تلك البداية.. هنا..
و نهايتها.. (يأمل) الجنة !! وخرج من بيته.. وبدأت قطرات المطر في النزول.. تنشر أمل وحياة.. وبدأ هو في كتابة صفحة جديدة من كتابه.. نحو تحقيق حلم.. نحو الجنة..
ولكم الآن الاختيار..
سارة خليفة
سارة خليفة
طبيبة مصرية، تخرجت في كلية الطب جامعة القاهرة، وتعمل في أسرة التحرير بموقع طريق الإسلام.
- التصنيف:
- المصدر: