خواطرُ روحٍ متبعثرةٌ

منذ 2014-04-30

الألم في قلبها أكبر من أن يُسكب على ورقة.. الهمّ الذي تحمله أثقل من أن تخففه بكلمات تُكتب.. الطموح الذي ترومه أسمى من أن يتحقق بهمّة كَهِمّتها، بإيمان كإيمانها..

كان يومي مثقلا بالهموم، شغلتِ بالي طيلة النهار، أنتِ! نعم أنتِ!
يا من اختارت طريقًا غير طريقنا.. يا من وُلدت فينا ولكن ليست منا.. يا بعيدة.. أم مُبعدة؟
اسمعي كلامهنّ...
"لا أصدق كيف لأهل أن يقبلوا لفتياتهم بتصرفات مثل هذه؟"، "لو تسمعون ما قالت الفتيات الأخريات عنها وعن رفيقاتها!"، "يجب أن يوضع لتصرفاتهن هذه حدود".. كلام كثير.. وغيبة كثيرة.. عرضّتِ أنتِ نفسك لها.. وأنا.. متعبة.
-----
وضعَت رأسها بين كفتيّها وأطرقت تفكر.. ماذا تقول؟ كيف تتصرف؟ ماذا تفعل؟ كيف تصل؟
كان يومها مثقلا بالهموم والهواجس... مسموم بحكايا لم ترد يومًا أن تسمعها، ولكنها منتشرة! في كل مكان منتشرة!
ورغم انتشارها، أرادت لو تحرّك في قلوبهنّ النائمة ساكنًا، أرادت لو تغيّر شيئا، لو تكلّم إحداهنّ.. لو.. أرادت!

وآهٍ يا لمرارة ما كانت تقاسيه، هي تائهة لا تجد ذاتها.. وتلك تضيع أمام عينيّها.. وهي لا تدري.. أعلى نفسها تتحسر أم على هذه التي تنجرف في بحور الغيّ دون دراية منها؟

الألم في قلبها أكبر من أن يُسكب على ورقة.. الهمّ الذي تحمله أثقل من أن تخففه بكلمات تُكتب.. الطموح الذي ترومه أسمى من أن يتحقق بهمّة كَهِمّتها، بإيمان كإيمانها..

ولكنها مع كل هذا.. تحاول.. وتدعو الله أن يعينها على فعل الخير.. وعلى دعوة الناس إليه..

----

في هذه اللحظة أدرك إدراكا تامًا أنا بالله لا بأنفسنا! أعي بكل كياني قول الله {وإن اهتديت فبما يوحي إليّ ربّي} [سبأ:50]..
يا رب! يا رب! قد أوصدت الأقفال على أبواب قلبي ولم يعد للكلمات منفذ..

يا رب إنه يحترق فارزقه نورًا يبصر به الطريق..

يا ربّ إنه يختنق فاغدق عليه بنسمة من نسائم رحمتك.. يتنفس بها.. علّ الثقل  يخفّ..

يا رب! إن من إمائك من لم تذق يومًا طعم الدعاء في السجود..

يا رب! إن من إمائك من تظن أن السعادة تكمن في عرض مفاتنها أمام الشبّان..

يا رب! إن من عبادك عبادًا يصونون أخواتهم ويلوّثون بأيديهم فتيات الناس!

يا رب.. إن من إمائك.. أمة فقيرة عاصية مذنبة.. ترى كل هذا وتتحسر عليهم.. تشهد كل هذا وتودّ لو تغيّر.. تسمع عن كل هذا وتوّد لو.. تُمحى هذه الحكايا عن وجه البسيطة!

يا رب.. أعن هذه الأمة على نفسها.. فإنها وعزتك وجلالك لم تعصك استهانة بك.. ولا جهلا بحقك.. ولكنها ضعيفة... فإنك إن تكلها إلى نفسها تكلها إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة، وإنها لا تثق إلا برحمتك!

يا رب! إنها لا تطيق أن تراك تُعصى.. إنها لا تطيق أن تراهم يحيدون عن طريقك..

يا رب إنها تحترق لتوصل لقلوبهم كلمة تداعب السلاسل المكبلة حول قلوبهم.. ولكنها يا رب.. بك أنت يا رب.. لا بنفسها.. وإن لم تعنها وتكن لها؟ فمن لها!

لقد رأيتها اليوم يا رب.. جلست لتكتب ما أثقل كاهلها طيلة النهار ولكنها لم تجد مفتاحًا يفك أقفال قلبها.. لم تجد كلاما تقوله ليصل إلى آذانهن..

لم تجد.. كيف تجد؟ وهي بك.. بك أنت لا بنفسها! بك أنت يا الله..

فيا رب.. أعنها.. سخّرها لخدمة دينك.. أعنها على دعوة الناس إلى هذا الدين.. أعنها وكن سندًا لها في كل خطوة تخطوها.. واجعل عملها كله لوجهك خالصًا ولا تجعل فيه لأحد شيئًا.. 

اللهم آمين...

 

آية سليم

كاتبة إسلامية