إحسان الصلاة نقطة البداية لإصلاح النفس والعمل
"انهض بصلاتك".. تنهض بنفسك.. فتنهض أمتك.
"انهض بصلاتك".. تنهض بنفسك.. فتنهض أمتك.
كلنا يعلم ما للصلاة من منزلة في ديننا الحنيف فهي عماده؛ وأوّل ما أوجبه الله تعالى من العبادات وأول ما يحاسب عليه العبد؛ وهي آخر ما يُفقد من الدّين طبقًا لما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام عند مفارقته الدنيا بقوله: «لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة» (رواه أحمد وغيره وصححه الحاكم، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب)، وذكرت الصلاة في آيات القرآن الكريم في مواضع عدة مقرونة بالذكر والصبر والنسك والبر؛ كما أُمرْنا بالمحافظة عليها في جميع أحوالنا، وأعدّ الحق سبحانه وتعالى لمن ضيعها بالتفريط أو التهاون ما أعد من العقاب.
والسؤال:
هل نحن نضع الصلاة في منزلتها ومكانتها الحقيقية من أنفسنا وفي حياتنا؟
ولِم لا ننهض بصلاتنا ونسعى للتقدم لإتقان أدائها؟
لم لا نضع خطة لتحسين صلاتنا ونجعل ذلك نقطة البداية لبرنامج إصلاحي لأنفسنا وأعمالنا؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله» (رواه أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه).
إليكم هذه الخطوات كبداية للانطلاق في مشروعنا "انهض بصلاتك":
في كل خطوة لديك نقطة البداية، أما المراحل التالية حتى القمة فيمكنك أن تحددها بنفسك وحسب همتك.
- احرص على أداء جميع الصلوات في وقتها.
وتذكر دائماً «أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها» (من حديث رواه البخاري)، واعلم أنك تزداد إيماناً بحفاظك على أوقات الصلاة لأن {الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء: من الآية 103]. تخيل لو أن ذا منصبٍ دعاك لتلقاه فهل ستتأخر عن تلبية الدعوة لأي سبب كان؟ وتخيل لو أنك دعيت منه مرة وتأخرت فوجه إليك دعوة ثانية فهل ستتأخر عن تلبية الدعوة الثانية مهما تكن الأسباب؟ وكيف هو حالك وقد لبيت من المرة الثانية؟ -ولله المثل الأعلى- فما بالك بملك الملوك وخالق الأرض والسماوات وذي الملكوت يدعوك لملاقاته جل وعلا في الأذان للصلاة، فلا تتحرك فيوجه إليك دعوة أخرى، وهذا من كرمه ورحمته بنا، في الإقامة للصلاة لتلقاه في بيته سبحانه وتعالى. أفلا تتحرك إذن بعد الدعوة الثانية؟!
نقطة البداية:
الحد الأعلى للتأخر عن القيام لأداء الصلاة هو الوقت ما بين الأذان والإقامة.
ضع في حسبانك: إن ما في يدك ليس أهم من تلبية النداء.. فـ "الله أكبر" فمن مكّنك من العمل فيما بين يديك قادر على أن يفشله، وفي نفس الوقت قادر على أن يكلله بالفلاح فحيّ على الصلاة ولا تظنن أنها ستؤخرك بل تأخيرك لها هو الذي سيحرمك الفلاح والتوفيق والنجاح.
احرص على الوضوء طوال يومك:
كن دومًا على طهارة ونقطة البداية في هذا الأمر قاعدتان: "لا تخرج من دورة المياه إلا وأنت على وضوء"، "لا تخرج من بيتك إلا على وضوء". وبعدها تقدم لنقطة أعلى وهي "لا تنم إلا على وضوء". وهكذا تقدم من نقطة لأخرى حتى تصل إلى القمة "دائماً على طهارة".
راجع ما تحفظ من القرآن أو احفظ جديدًا من خلال الصلاة:
كثيرٌ منا لضيق الوقت يُصلِّي وحتى لا تستغرق صلاته الكثير من الدقائق يقرأ بقصار السور (لا تزيد على 4 آيات)، ومن كثرة تكرارنا لتلك السور صرنا نقرأها بألسنتنا فقط دون قلوبنا ففقدنا جزءًا كبيرًا من الخشوع الذي يأتي مع تدبر المعنى.
نقطة البداية هنا:
لن نزيد عن 4 آيات في الركعة لكننا سنقرؤها من سور جديدة وستكون قراءتنا متتابعة على مدار اليوم. إليك مثالاً لتتضح لك كيفية البداية: اليوم سأراجع نصف سورة النبأ (20 آية) صباحاً قبل صلاة الصبح (أو بالليل بعد صلاة العشاء)، وأحرص على المراجعة من القرآن ذي الهامش المفسِّر. سأُصلي الصبح بالآيات (1-4) والظهر بالآيات (5-8) والعصر بالآيات (9-12) وأما المغرب فبالآيات (13-16) والعشاء بالآيات (17-20)، ثم أراجع النصف الثاني من النبأ (بعد العشاء أو قبل الصبح) لأصلي بها فروض الغد، وهكذا. بعد أن تتعود على ذلك (تطبقه أسبوعين على الأقل)، انتقل إلى المرحلة الجديدة ولتكن مثلاً زيادة عدد الآيات في الركعة من اثنتين إلى خمس أو ست. أو اجعل المرحلة الجديدة التعود على صلاة إحدى السنن المؤكدة ولتكن سنة الصبح مثلاً.
بعض الأمور التي تعينك على التفوق في هذا المشروع:
- إياك وتقليد الآخرين أو التأثر السلبي بأفعالهم {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38].
- إياك واستكثار ما تفعله من خير، فأنت لا تعلم أيها كان له القبول وأيها يكون السبب في النجاة، وتذكر أن سلعة الله غالية.
- إذا عزمت على أمر فبادر فورًا بالشروع في تنفيذه، ولا يخدعنك طول الأمل.
- لا تظن أنك غير قادر على النجاح، ولا تستكثر ذلك على نفسك وكن صاحب همة عالية تصغر في عينك العظائم.. ولاتكن كصاحب الهمة التي تستعظم الصغائر.
- احرص على تعويد نفسك على الخير.
- تذكر أنه يمكنك اكتساب كل شيء فإنما الحلم بالتحلّم والصبر بالتصبّر.
- قسّم كل أمر تود أداءه بنجاح إلى أجزاء صغيرة، ثم عوّد نفسك على جزء حتى تتقنه، ثم ابدأ في التعود على الجزء الذي يليه، ومع مرور الوقت ستصبح معتادًا على أداء كل الأمر بإتقان.. فقليلٌ دائمٌ خَيْرٌ مِن كثير مُنْقطِع.
- لا تقبل بما دون النجوم، أي لا تقف عند مرحلة وحاول أن تسعى دائمًا للرقي بنفسك.
- تعوّد على هذه المراحل وستكون الرابح: ابدأ... تعوّد... تقدّم إلى القمة (درجة الإتقان)... حافظ على مكانك في القمة ولا تجعل تقصيرك بعض المرات -وهو وارد ولذا شرعت التوبة- يُفتر من عزيمتك، بل اجعله دافعاً لك لتتقدم أسرع وأقوى. وسارع بالبدء بهذا المشروع ولا تجعل مشاغل الحياة تؤخرك، واعلم أنك اليوم أقل مشاغل من الغد.
- بداية كل أمر جديد دوماً صعبة، لكن العبرة في هدفك، نيتك من وراء خوض غمار هذا الأمر الجديد.. فاجعل نيتك خالصة لوجه الله وسيعينك سبحانه وتعالى بلا شك.
أسماء حسن سعيد
- التصنيف:
- المصدر: