ماذا تعرف عن (الليبرالية)؟!
الليبرالية مصطلح أجنبي مأخو من (Liberalism) في الإنجليزية، وهي تعني (التحررية)، وهو مذهب فكري يركز على الحرية الفردية، وله عدة تعريفات اصطلاحية ويطلق على عدة أمور، ويختلف الليبراليون أنفسهم في تفسيرها..
- كيف يجرؤ ليبرالي باتهامي بأنني وصفته بارتكاب زنا المحارم؟
(الليبراليون) أجلبوا عليَّ بخيلهم ورجلهم، وها هم يستخدمون جميع أسلحتهم في معركتهم التي يبدو أن لها أهدافا أخرى، الليبراليون الذين يدعون حرية التعبير وقبول الرأي الآخر ولو كان فيه إلحاد أو شتم للأديان والرسول، أو طعن بالقرآن ووصفه بأنه نتاج بشري، بل واعتبار من يقول ذلك من المفكرين والمبدعين، ها هم يفترون عليَّ أمرًا ما أردته ولا خطر على ذهني أصلاً..
بل كيف يجرؤ ليبرالي باتهامي بأنني وصفته بارتكاب زنا المحارم، وكلهم يعلمون من سياق مقالي أنني أردت عدم استطاعة الليبرالي أن يمنع المنحرفين سلوكيًا من انحرافهم، لأن الليبرالي يؤمن بالحرية المطلقة، وكان يفترض على أقطاب الليبرالية أن يوضحوا للناس على أي أساس ينكر الليبرالي على أي منحرف أو شاذ، سواء كان مثليًا أو يزني بأحد محارمه، أما أسلوب الليبراليين المعتاد من السب والشتم واللعن والاستهزاء والسخرية والتحريض، فهذا يدل على مدى تمسكهم بالليبرالية التي يزعمون!
ثم وضحت مقصدي ومعنى عبارتي في مقال آخر، وقلت أن المقال المذكور عن الليبرالية يوضح أن الليبراليين لا يستطيعون منع المنحرفين من البشر، سواءً كانوا ممن يشربون الخمر أو يمارسون الشذوذ، أو زنا المحارم لأن الإنكار عليهم سيصطدم مع مبادئهم، فلماذا تم تحويل الكلام إلى ما يريدون، وجعلوني كأنني أتهمهم هم بهذه الأفعال؟! وكأنهم أرادوا جنازة ليلطموا فيها!
أنا بفضل الله أعرف نفسي والناس تعرفني أكثر من عشرين عامًا، في الدعوة الى الله وأشرطتي وخطبي ودروسي ومحاضراتي بالمئات، وهي موجودة على شبكة الإنترنت ولا أحتاج منكم أن تقولوا كلمة الحق، ولا أظنكم ستكونون منصفين معي ولا مع غيري، ومنهجكم النظري يخالفه واقعكم العملي.
المشكلة الأخرى التي وجدتها خلال الأيام الماضية: أن بعض إخواننا وأبنائنا الطلاب ممن ينتسبون الى التيار (الليبرالي) يحسبون أن الأحكام الشرعية التي تطلق على الليبرالية ومبادئها، فإنها تنزل عليهم، وهذا الأمر غير صحيح على إطلاقه، فإن اسم الليبرالية ليس من الأسماء الشرعية، ويحكم على من ينتسب إليه بحسب ما يحمل من أفكار ويمارس من سلوك، أما مجرد التسمية بهذا الاسم من غير فهم لمعناه الحقيقي، ولا اعتناق لمبادئه فإن صاحبه ليبرالي الاسم فقط.
ولا تستغرب أخي القارئ عندما تقرأ فتاوى لكبار علماء المسلمين مثل الشيخ (صالح الفوزان) عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ (ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ محمد المنجد، والشيخ ناصر العمر)، وغيرهم الكثير من علمائنا الأجلاء في حكم من يحمل الفكر الليبرالي ويعتقد بمبادئه، ومن أحب الرجوع لفتاواهم وفتاوى غيرهم من علمائنا فإن الفتاوى منشورة، وعلماؤنا لا يداهنون أو يجاملون على حساب دينهم.
وحتى ننضج في النقاش أرجو من الليبراليين الذين شتموا وسبوا ولعنوا.. أن يعرضوا على الناس رأيهم فيما سأقوله عن مبادئ الليبرالية وأفكارها وأطروحاتها، وإن كنت مخطئًا في حكمي على الليبرالية، وكان علماؤنا مخطئين فإننا سنرجع عن الخطأ ونعترف به، وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين.
ما هي الليبرالية وما حقيقتها؟ وكيف ومتى نشأت؟! وتحت أي ظروف؟ وهل هناك ما يسمى بالإسلام الليبرالي؟! وهل يستطيع المسلم أن يقول أنا مسلم ليبرالي؟! هذه الأسئلة وغيرها صارت حديث المجالس هذه الأيام، بل اتصل عليَّ الكثيرون ممن ينتمون للتيار الليبرالي لكنهم يصلون والحمد لله معنا، وبعضهم يحضر ندواتنا ودروسنا يسألوني عن بعض ما أشكل عليهم في هذا الباب، حتى أن أحد الطلاب في أمريكا سألني عن بعض المراجع فأحلته عليها، ولكن لا مانع أن نعرض ما عندنا من مقالات مختصرة أسأل الله ان يهدينا فيها الى الحق والصواب.
الليبرالية مصطلح أجنبي مأخو من (Liberalism) في الإنجليزية، وهي تعني (التحررية)، وهو مذهب فكري يركز على الحرية الفردية، وله عدة تعريفات اصطلاحية ويطلق على عدة أمور، ويختلف الليبراليون أنفسهم في تفسيرها، تقول الموسوعة الأمريكية الأكاديمية: "أن النظام الليبرالي الجديد الذي ارتسم في فكر عصر التنوير، بدأ يضع الإنسان بدلا من الآله في وسط الأشياء، فالناس بعقولهم المفكرة يمكنهم أن يفهموا كل شيء، ويمكنهم أن يطوروا أنفسهم ومجتمعاتهم عبر فعل نظامي وعقلاني".
ومع هذا قد يختلف الكثيرون معي في تفسير مفهوم الليبرالية، لأنه يبقى مفهوماً غامضاً وغير واضح يستخدم حسب الحاجة من أصحابه، يقول دونالد سترومبرج: "والحق أن كلمة ليبرالية مصطلح عريض وغامض، شأنه في ذلك شأن مصطلح الرومانسية، ولا يزال حتى يومنا هذا على حالة من الغموض والإبهام"، ولعل سبب غموض معنى الليبرالية هو الغموض في مفهوم الحرية أصلاً! ومع وضوح معنى الحرية إلا أنها لا يمكن تحديدها، ولا وضع ضوابط لها لأنها ستتناقض مع الحرية نفسها!
ولهذا صارت الليبرالية غامضة وغير واضحة، تقول الموسوعة البريطانية: "وحيث أن كلمة (Liberty) -الحرية- هي كلمة يكتنفها الغموض فكذلك هو الحال مع كلمة ليبرالي"، فالليبرالي قد يؤمن بأن الحرية مسألة خاصة بالفرد دون غيره، وأن دور الدولة يجب أن يكون محددًا، أو قد يؤمن أن الحرية هي شأن خاص بالدولة، وأن الدولة باستطاعتها -أو يمكن- استخدامها بمنزلة أداة لتعزيز الحرية.
سنكمل في مقالنا القادم في كيفية نشأة الليبرالية وبعض أسسها ومجالاتها..
أسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
نبيل بن علي العوضي
داعية مشارك في إدارة الوعظ والثقافة في وزارة الأوقاف الكويتية
- التصنيف:
- المصدر: