لا عِزّة لنا إذا لم تتحرّر فلسطين

منذ 2014-05-19

أبو جرة سلطاني من مواليد 1954م عاصر مرحلة تاريخية من الصراع السياسي في الجزائر، وهو داعية وسياسي وشغل منصب حكومي ورئيس حركة مجتمع السلم حمس، ولد في مدينة تبسة الواقعة في أقصى شرق الجزائر درس في دائرة الشريعة بالكتاب ثم بالمدارس الابتدائية والمتوسطة بمدينة تبسة، بعدها انتقل إلى قسنطينة ليستكمل دراسته الجامعية والعالية، حصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي "العصر الجاهلي"، ودراسات عليا في الدعوة الإسلامية كلية الدعوة والإعلام - قسم الدعوة، ودراسات عليا في الإعلام، اشتغل أستاذاً بجامعة قسنطينة في كلية الآداب في الفترة الممتدة بين أعوام (1980م- 1994م) وأستاذاً مساعداً في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية (1990م-1994م) في قسم الدعوة والإعلام.

أبو جرة سلطاني من مواليد 1954م عاصر مرحلة تاريخية من الصراع السياسي في الجزائر، وهو  داعية وسياسي وشغل منصب حكومي ورئيس حركة مجتمع السلم حمس، ولد في مدينة تبسة الواقعة في أقصى شرق الجزائر درس في دائرة الشريعة بالكتاب ثم بالمدارس الابتدائية والمتوسطة بمدينة تبسة، بعدها انتقل إلى قسنطينة ليستكمل دراسته الجامعية والعالية، حصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي "العصر الجاهلي"، ودراسات عليا في الدعوة الإسلامية كلية الدعوة والإعلام - قسم الدعوة، ودراسات عليا في الإعلام، اشتغل أستاذاً بجامعة قسنطينة في كلية الآداب في الفترة الممتدة بين أعوام (1980م- 1994م) وأستاذاً مساعداً في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية (1990م-1994م) في قسم الدعوة والإعلام.

حاوره موقع البيان للحديث عن الحالة السياسية الجديدة التي تمر بها الأمة العربية، والثورات التي تطالب بالتغيير والخروج عن النمطية التي اعتادت عليها منذ أن تحررت من طاغوتية الاستعمار الغربي في منتصف القرن العشرين، لتنتقل إلى مرحلة التحرُّر من دكتاتوريات قمعية استأثرت بالحكم بدعم من الغرب، لتلبية سياساته ورعاية ربيبته إسرائيل؛ التي زرعت لتفرقة الأمة وإضعافها واستغلال ثرواتها ونشر الخلاف بين أبناءها برغم وحدة الدين والأرض والدم، فحينما سأل أبو جرة السلطاني عن الثورات العربية أجاب قائلاً: "إن الشعب الجزائري جرّب هذا الأسلوب ودفع ثمنه باهظاً بتقديم أزيد من 100 ألف ضحية في مسمّى المأساة الوطنية بين عام (1988-2005)م.

لكن تلك المرحلة السوداء التي شهدت حملة قمع وترهيب ضد الإسلاميين من قبل العسكر بعد فوزهم في الانتخابات مع بداية التسعينات من القرن العشرين، أظهرت أن العالم العربي يعيش وفق رغبات مستعمرية حتى بعد خروجه، ففي تاريخ الأمة يشهد التاريخ أن الانقلابات العسكرية هي النهاية لأي ديمقراطية وليدة في العالم العربي.

ويشير رئيس حركة حمس الجزائرية التي تُعَدّ أحد أفرع جماعة الإخوان المسلمين في العالم بعبارات مختصرة خلفها يبدو أن قناعاته تخالف لسانه الرأي بأن "انطلاق مبادرة الإصلاح من قبل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، جعلت التحرُّك السلمي هو الوسيلة الوحيدة للتغير بين صفوف الجزائريين".

لكن الحديث هنا عن بوتفليقة الذي وُصِفَ بين الجزائريين بالرئيس المستورد، يظهر بأنه نموذجٍ لحاكم عسكري سيطر على الحكم بقوة الجيش بغطاء مفضوح من الديمقراطية، فبعد وفاة الرئيس هواري بومدين، وبحكم العلاقة الوطيدة التي كانت تربطه به ألقى كلمة الوداع. وغاب عن الجزائر لمدة ست سنوات ثم عاد عام 1987م،  كان من موقعي وثيقة الـ 18 التي تلت أحداث 5 أكتوبر 1988م، وشارك في مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني في عام 1989م وانتخب عضواً للجنة المركزية.

تواجده خارج الجزائر لم يكن واضحاً، إلا أنه أخذ الإمارات كمستقر مؤقت. عاد بعدها بطلب من دوائر السلطة للانتخابات الرئاسية، معلناً نيته دخول المنافسة الرئاسية في ديسمبر 1998م كمرشح حر. 

وقبل يوم من إجراء هذه الانتخابات انسحب جميع المرشحين المنافسين الآخرين: حسين آيت أحمد، مولود حمروش، مقداد سيفي، أحمد طالب الإبراهيمي، عبد الله جاب الله، يوسف الخطيب، بحجة دعم الجيش له ونية التزوير الواضحة، ليبقى هو المرشح الوحيد للانتخابات، ورغم فوزه في أبريل 1999م بالرئاسة إلا أن شعبيته لم تكن عالية وسط جيل الشباب الذي لم يعرفه من قبل.

وحول تجربة الجزائر الماضية قال أبو جرة: "الذي لا يستخلص الدرس المؤلم يلدغ من الجحر الواحد عدة مرات، وقد أرشدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى ضرورة الاتعاظ  باللدغة الأولى إذ «لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين» [رواه البخاري ومسلم]، وقد امتثلنا لتوجيهات المصطفى عليه الصلاة والسلام".

ويظهر الحوار مع هذه الشخصية البارزة في مستقبل الجزائر السياسي أن صراع صامت يدور في الجزائر بين القوى السياسية والحكومة، لأنها اتعظت بنفسها، لأنها هي أكبر من خسر في معركة الديمقراطية المزيفة في بداية التسعينيات، وأكد الشيخ سلطاني أن حركة حمس تمتلك طموحات، تتلخص في الوصول بالجزائر إلى دولة مدنية متحضرة وقوية ومستقرة وآمنة، يتم فيها التداول على السلطة سلمياً وتشيع فيها الديمقراطية والحريات والفصل بين السلطات.. وتحفظ فيها كرامة الإنسان، وينال فيها كل مواطن حقوقه ليقوم بواجباته، يصبح الإسلام  فيها تجسيداً لا تمجيداً، أما علاقاتنا فممتدة أفقياً وعمودياً، ولكنها محكومة بضوابط الشرع ومقيّدة بعلاقات الدولة بكل قطر، والحوار مبدأ من مبادئنا فلا نخاف ظلماً ولا هضماً.

وحول الانقسام الحاصل بين الجماعات الإسلامية في الجزائر تابع: "الانقسامات سنَّة الله في خلقه، فإذا لاحت السياسات بمغانمها اتسعت دائرة الخلاف والاختلاف، فالإنقسامات حقيقة لا ينكرها أحد وسببها الزحام على باب واحد هو الانتخابات، والصف لا يوحده إلاَّ الله تعالى القائل: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: من الآية 63].

وأشار أبو جرة إلى أن التجربة السياسية المتواضعة خلال عشرين عاماً تحولت إلى مدرسة للمشاركة بالنسبة للحركة، وحققت إيجابيات كثيرة وحصدت بعض الفشل والإخفاق. واعتبر رئيس حمس ذلك أمر طبيعي لأن تجربتهم كانت تدخل ممرات جديدة، وحول قبول الشعب الجزائري للحركة قال: "أما الرأي العام فكسبه لا يتحقق إلا بمدى ما نقدِّمه له من خدمات وتضحيات لإرساء منظومة المبادئ والقيم العالمية التي من أجلها قدّمت الجزائر مليون ونصف مليون شهيد".

وعلّق الشيخ أبو جرة سلطاني على الثورات العربية قائلاً: "تختلف نظرتنا من ثورةٍ إلى أخرى بسبب تباين دوافع وأساليب وأهداف ونتائج كل ثورة، من تونس إلى سوريا مروراً بمصر وليبيا واليمن.. والقائمة ما تزال مفتوحة، لكن بشكلٍ مُجمل نحن مع حق الشعوب في تقرير مصيرها بالطرق الملائمة لكل شعب بشرطين أساسيين:

- تجنب استخدام العنف للوصول إلى السلطة وعدم استخدامه للبقاء فيها.

- عدم الاستنجاد بقوة خارجية.

وفي كل الأحوال فإرادة الشعب مُقدّرة، ونحن نحترم هذه الإرادة لاسيما إذا تحركت من أجل بعث قِيَم الحق والعدل والمساواة بين الناس وإقرار الحريات ومواجهة الطغيان والاستبداد واحترام حقوق الإنسان وصيانة مقاصد الشريعة الخمسة: الدين والنفس والعرض والمال والعقل".

ويتنوع الخطاب الديني بين الإسلاميين في العالم العربي بين الوسطية والتشدد وفق اجتهادات قابلة للصواب والخطأ لكنها في نهاية الأمر نابعة من الحرص على رفعة دين الله عز وجل، وفي ذلك يوضح الشيخ أبو جرة أن الخطاب الذي تستند إليه حركة مجتمع السلم حمس هو خطاب وسطي، وقال: "نحن متمسكون بالوسطية منهاجاً ودعوةً وأخلاقاً وطرائق إصلاح، ونعتقد أنه إذا توفرت الحريات وفتحت أبواب الحوار بين أبناء الشعب الواحد فإن ذلك هو أسلم طريق للتغيير السلمي الذي يجني الجميع ثمراته الهادئة، والإخوان المسلمون مدرسة رائدة في الإصلاح، بالطرق السلمية ونحن يشرفنا أن نكون من خريجي هذه المدرسة".

وأكد أبو جرة دعم حركته للثورة الجزائرية، قائلاً: "الحركة لم تخفي مساندتها للشعب الليبي وللثوار، ولم تبخل عليهم بالنصح رغم ما صدرعن بعضهم مما يُسيء إلى علاقات حسن الجوار التي بدأت الآن تترمم بعد وضوح الرؤية. فما يحدث في ليبيا يهمنا كأشقاء وجيران ولنا تاريخ مشترك لا تكدر صفوه اللحظات الظرفية العارضة، فالمستقبل للشعوب.

و حينما سؤِل عن علاقة حركة حمس بالإخوان المسلمين رفض الإجابة، لكن المعلوم بأن حمس هي ذراع قوى للإخوان المسلمين في  الجزائر، لكنه تابع الحديث معلقا على الثورات العربية: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]، نحن نعتقد أن أمتنا تتقلب مع الظروف، وسوف تُعلن قريباً عن إعادة اكتشاف نفسها وتسترجع كل ما فقدته من رصيد حضاري خلال قرنٍ كامل، بين سايكس/ بيكو، خلال القرن الماضي، والمؤامرة على دينها ومقدساتها خلال الربْع الأول من القرن الواحد والعشرين، فالثورات بداية لتجديد الفكر والعقل والروح ولكنها بحاجةٍ إلى بعض الوقت لتنضج.

وسألت البيان الشيخ أبو جرة عن مدى تأثير الخطابات العلمانية والليبرالية في أوساط المجتمع الجزائري فأجاب قائلاً: "الشعب الجزائري شعب مسلم ولا يفهم إلا الخطاب الوطني الإسلامي المعتدل النابع من قناعاته وثقافته وانتمائه الحضاري، لذلك تحطمت كل مشاريع اللبراليين والعلمانيين على صخرة الإسلام، ولم يستطع دعاة "تغريب" المجتمع أن يهزوا شعرةً واحدةً في رأس الشعب الجزائري مع كثرة محاولاتهم، فالشعب صار يعرف جيداً وجوه أبنائه ويعرف خطابهم ويفهم إشاراتهم.. ولم تعد تنطلي عليه حِيل المتمسكين بِـ عُرَى الغرب لأنه جرّبهم واكتشف زيف دعاويهم".

ولم ينسى الشيخ أبو جرة سلطاني خلال حواره مع البيان أن يُذَكِّر المسلمين في كل مكان بجرح الأمة الإسلامية الغائر فلسطين قائلاً: "رسالتنا قلناها ونكررها باختصار، ومفادها أن لا كرامةَ لأحد إذ لم تتحرّر فلسطين، ولا عِزّة لمسلمٍ إذا ظلّت التبعية الثقافية واللغوية والاقتصادية والسياسية والتجارية مربوطة بالعالم الخارجي، ولا قيمة لهذه الثورات إذا لم يكن في أجندتها بند مهم مشترك هو التعاون على وحدة الأمة وإقامة العدل في الأرض، ولذلك ما هو قادم سوف يصب في هذا الطموح لاسيما إذا استلم الجيل الجديد مقاليد تسيير الأمور. والحمد لله ربّ العالمين". 

 

أحمد أبو دقة

المصدر: مجلة البيان