السلوك التغريبي.. من أين يتسلل؟!

منذ 2014-05-20

تتبدى ممانعة مجتمعنا المحافظ للمنهج الليبرالي التغريبي؛ من معرفته للوجه القبيح للمعسكر الغربي الذي يسود العالم بالنفعية والسيطرة على مقدرات العالم الإسلامي، وسباقه إلى القارات الفقيرة لمساومتها بلقمة العيش على الدخول في النصرانية، وتوظيف الديمقراطية للتسلل إلى الأقليات في الدول لانتزاع حقوقها الرامية لمصالحها أو تضغط بها على الدول للحيلولة دون الاستقلالية عن دعمها، والنفخ في السرطان الإسرائيلي ليقيض قبلة المسلمين الأولى ويفض وحدتهم، ودعوى الإنسانية التي أزهقوها في مجتمعاتهم أولاً وشعاراتها التي لم تعرف لضمائر الأطفال والنساء حقًا ودمرت كل شيء في بقاع المسلمين وسكتت عنه.

تتبدى ممانعة مجتمعنا المحافظ للمنهج الليبرالي التغريبي؛ من معرفته للوجه القبيح للمعسكر الغربي الذي يسود العالم بالنفعية والسيطرة على مقدرات العالم الإسلامي، وسباقه إلى القارات الفقيرة لمساومتها بلقمة العيش على الدخول في النصرانية، وتوظيف الديمقراطية للتسلل إلى الأقليات في الدول لانتزاع حقوقها الرامية لمصالحها أو تضغط بها على الدول للحيلولة دون الاستقلالية عن دعمها، والنفخ في السرطان الإسرائيلي ليقيض قبلة المسلمين الأولى ويفض وحدتهم، ودعوى الإنسانية التي أزهقوها في مجتمعاتهم أولاً وشعاراتها التي لم تعرف لضمائر الأطفال والنساء حقًا ودمرت كل شيء في بقاع المسلمين وسكتت عنه.

ذاك الوجه القبيح للأنظمة الغربية ولثقافتها النتنة المتغلغلة مع الاستعمار والانفتاح العالمي الجديد لن يروج لها في بلادنا إلا مُنتمٍ للفكر الغربي أو مُستعير للهوية الإسلامية، تخلى عن محاسن حضارة الغرب الصناعية والإدارية والتقنية ليجلب فكر الجنس والعهر والرذيلة والنفعية البهيمية، ليحمِّل تخلفنا الحضاري أعباءً تنوء عن حمله أنظمتنا ومجتمعاتنا المتأزمة اقتصاديًا ومعيشيًا وتعليميًا وطبيًا وصناعيًا!

وما لم يكن التغريبي مُنتمٍ أم مستعير للهوية الإسلامية؛ فإن ما يجنيه الفكر التغريبي في مجتمعاتنا هو من هامش الجهل لدى الشعوب، والثغرات التي أحدثها المسلسل الإعلامي على مدار السنين الخمسين الأخيرة في الهوية الإسلامية، فلُبِّس الحق بالباطل وزوقت الشهوات، فأصاب عامة الأمة حالة من الترهل تجاه هويتها وحقوقها ومصيرها، وسيادة لروح الدعة والترفه المزيف، فظهرت ملامح من التشكيل الاجتماعي الغربي على مستوى السلوك لم يتجاوز بعد حد الممانعة - بحمد الله لحسن التربية وعوامل أخرى - إلا في فئة قليلة ونذير ذلك خطير، وبحاجة لاستدراك عام، جماعي وفردي، ببيان أصول الولاء والبراء وبثها في روح المسلم، وإفاضة معالي القيم الإسلامية ومعانيها والمعاملة بها، ونشر الاعتزاز بالدين، وعرض صور التجديد التي يقدمها المنهج الإسلامي بثوابته وتنبض بروح العصر، وإقامة الجسور الوطيدة عبر المؤسسات الشرعية والاجتماعية والجمعيات المتخصصة ذات الخدمات المجتمعية والبرامج المختلفة والمتميزة فنيًا ومنهجيًا..

التي تقوِّي القاعدة الصلبة في المجتمع المبصرة لدورها الريادي، ثم تزيل ما علق من مخلفات السلوك الغربي من البعض الآخر وتوعيته بالفرق الحقيقي بين نمطية الشاب المقلِّد المنسجم ظاهره مع الغرب - الذي ربما يدفعه باطنه إلى مشاكلة ظاهره -، وبين الشاب الواعي بدينه وقضاياه ومصيره ودوره في نصرة الدين. وإن تمنَّع كلا الصنفين من تقبّل فكرة التغريب لقبحها؛ إلا أن واجب دفع بريقها السيء من السلوك والممارسة، حتمي على الجميع وضرورة عقدية قبل أن تكون تلك المظاهر تنوع اجتماعي مقبول!

فما السبيل إلى الحد من تسلل النهج الغربي في الأخلاق والسلوك إلى شبابنا ؟

إذا تقرر لدينا أن أكثر شبابنا يحملون الفطرة التي تصدع بالخير في ضمائرهم، وأن ما يعلو كثير منهم ويظهر من العادات الغربية الاجتماعية في اللباس والتعامل والأخلاق ماهو إلا قشرة رفيعة يمكن إزالتها قبل تغلغل جذورها ونسجها بقيمها الغربية، فإننا بذلك نبني الدافع لدينا للتأثير والدعوة، ونوجه الدور الذي يجب أن يحياه المسلم في مقاومة السلوك بالسلوك، ما لم يلزم لذلك حل إشكالاتٍ فكرية طارئة، فذاك له حديث آخر...

وبذلك نقول: إن غلبة المادية، وضمور روح التعاون، والخلط بين الحرية والتعدي على الآخرين، وتراجع الاحترام وضعفه لذوي الهيئات وغيرهم، والاعتداد بالذات والإفراط في نبذ الوصاية، والتجاسر بالثقة الجامحة بالنفس، وخفوت تحية الإسلام واقتصارها على المعارف وربما مع إبدالها بأنصاف التحايا وأشلائها، وغير ذلك من المظاهر المتسللة مما يشتد فيها الوعيد كالتعري والتكشف والتشبه، والتزيي بأزياء الجنس الآخر وتقمص هويته، كلها مظاهر اجتماعية وافدة، وفي ثقافتنا الإسلامية والعربية ما يربي على ضدها في منظومة أخلاقية متكاملة تنبع في مضامين هوية المسلم.

فالتركيز على تتبع نواقض قيمنا السلوكية الراقية، والآفلة في سلوك الشباب والفتيات، والإتيان بضدها وإظهارها عمليًا بقوة واعتزاز، والمبالغة في إشاعتها بلباقة ولفت الانتباه إليها؛ هو السبيل إلى مقاومة تسلل تلك العادات الغربية والسلوكات ذات دلالات الانتماء والانسلاخ.

فليلكن الكرم سجية في الجيل كخلقٍ إسلامي عربي، وبذل المعروف عادة دون مقابل مصلحي، وليوسّع الطريق، ويحفظ حق الجار، وإلانة الجانب وإفشاء السلام مع عامة المسلمين دون الاقتصار على المعارف، ومراعاة حق الناس في أماكنهم وأسماعهم ونواظرهم، ومساعدة الضال والمتعثر والمنقطع، وإظهار معالم الرجولة للرجال، ونبذ التغنج والميوعة منهم، وبث خصلة الحياء بين البنات والنساء وتجنيبهن الحديث مع الرجال لغير الحاجة وإعفاف أبصارهن عن مشاهدتهم في الشاشات لغير ضرورة وغير ذلك مما نحتاج إحياؤه واقعًا وسلوكًا، إلى جانب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراتبها الشرعية.

وهذه الممارسة النبيلة ستذكي في الشباب الجاهل أو المقلد جذوة فطرته، التي تحجبنا عنها ما نراه من ظاهره المزعج، ونستعجل الحكم عليه بنبذه وازدرائه مما يجعله كالغنم القاصية تنتهشها أهواء وشهوات.

وهل ننسى فعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي، الذي تجاوز ما ظهر منه من سلوك سيء - ببوله في المسجد - إلى ترويض قلبه في رياض الإيمان؛ حين عامله بالحب والصبر وحسن التوجيه وإظهار الموقف الصحيح، دون تلكؤ أو تأخير البيان عن الحاجة.
صلوات ربي وسلامه عليه، ورضي عن صحابته الميامين، حتى أصبح ذاك الموقف نبراسًا لمن يُقدِم ولا يتأخّر عن واجبه.

 

عبدالكريم بن عبدالله باعبدالله