عفوًا صلاحَ الدّين

منذ 2014-06-02

شعر عن حالنا الحاضر مع اعتذار لمحرر بيت المقدس..

ليلُ التّيهِ يحملُنا إليك

على جناح الشوق مقهورين *** تصفعُنا أعاصير الهَزيمة

نشكو نئنُّ.. وأنتَ *** ترقُد في الضَّريح 

كأنّنا نرجوكَ أنْ تهتزَّ من *** غَضَبٍ ونحنُ العاجزين 

نغطُّ في أوهامِ غفلتِنا العَقيمة

بالأمس كنتَ هناكَ إذْ دَوّى نداءُ القدسِ: وا أقصاهُ!
والأفعى على أعناقِنا تلتَفُّ *** كان البحرُ يقذفُ بالعلوج
وأنذرت صفارةُ التاريخ *** والأخطار مُحْدِقةٌ وخيمة
ووقفت كالعملاق في *** وجه الرِّياح الهوجِ
تنفخُ في الضمير الوعيَ *** تنسجُ من خيوطِ النورِ آفاقًا
تؤجِّج نخوةَ الإيمانِ *** والتوحيدِ والمُثُلِ القَويمةْ

ناديتَ: باسم اللهِ 

فارتجّتْ مُفزَّعةً قلاعُ الكفرِ *** وامتشقت صواعِقَها السُّيوفُ

توحَّدت في كَفِّك الراياتُ *** واندفعت بروقُ الخيل في الميدان

تمضغ من تغيّظها الشكيمة *** الله أكبرُ في فم الأهوالِ تقصفُهمْ

وتشهدُ كيفَ يندحرُ الصليبُ

 

 تهبُّ أرياحُ الجِنان *** وتنتشي أرضُ الفتوحِ 

تُذيقُهم حطّينُ  مِنْ *** بركانها العاتي جَحيمه 

تتدحرج التّيجانُ هاماتُ *** الملوكِ مُطأْطِئاتٌ في يدَيْكَ

 

وهانَ كلُّ ذي هَنَةٍ زنيمة 
وقف الزمانُ يزفُّ بُشراها *** ويرفعُ منبرُ الأقصى عقيرتَهُ
وتنطلق الأهازيجُ الرَّخيمة *** وترسَّخت كلُّ الجُذورِ 
أقمتَ صرحَ المجْدِ *** لا ترجو سوى الرحمنِ 
لا يُغريك بعدَ رضاهُ مالٌ أو غَنيمة

 

ورحلت مرضيًّا *** خفيف الظّهرِ 
لم تحمل سوى *** صِدْق اليقينِ 
وعِفَّةَ النفس التي *** أغْنَتك عنْ دُنياكَ 
تفترشُ الثّرى *** والصبرُ شيمة

لكنهم عادوا وهمْ *** قُطّاع هذا العصر 

سمَّوهم صهاينةً *** تنزَّه عنهم الشيطانُ 
يغتالون نبضِ الرّوحِ *** يقتسمون لحم الجائعين
وكل ضحيةٍ سقطت وليمة!

 ها نحنُ عُدنا يا صلاحَ الدينِ *** مُذْ قيلتْ ونحنُ نضجُّ: واغوثاهُ!

والطغيانُ يضرِبُنا ويا للعارِ! *** كلُّ خليَّةٍ فينا مُدَجَّنَةٌ سَقيمة 

وعجبتُ كمْ يستنْجدُ الأحياءُ بالموْتى *** وأنتَ الحيُّ والموتى غُثاءُ السَّيْلِ 

والأسوارُ تسقُطُ واللَّظى لم *** تُبْقِ من غرسِ المُنى إلا هَشيمه


وحذارِ! لو غامَرْتَ سوف *** تبيتُ ضيفًا في زنازين العَذابِ
بصحبةٍ الأطهارِ تنهشهم *** كلابُ القَهْرِ يُلْهبُ ظهرهُمْ سوطُ الجَرِيمةْ
أتقولُ: جئتُ أُحرِّرُ الأقْصى *** أُطهِّرُهُ من الأرْجاسِ
أُعْتِقُهُ مِنَ العُصَبِ الأثيمة؟! 

من أنت؟ كيفَ أَتَيْتَ؟ *** ما هذا الهُراءُ؟ ومنْ تُراكَ؟
 

وهلْ هي الفَوْضى؟
خُذوه .. فإنّهُ مِنْ زُمْرَةِ الإرْهابِ *** يَجْهلُ أنَّ غلطَتَهُ جَسيمة
هي ذي الحقيقةُ يا صلاحَ الدّينِ *** باتَ الحرُّ مقصوصَ الجناحِ 
يُذادُ عن أشواقِهِ العُليا يُرادُ لهُ *** الهَوانُ يظلُّ مغلولَ العَزيمة

أواّهُ! .. كمْ تَتَردَّدُ الآهاتُ *** يبعثُها شتاتُ الأمنيـــاتِ 
كأنها ريشُ الطريدةِ قدْ تبعثَرَ *** وهي تجترُّ العذاباتِ الأليمةْ
والقادمون على خُطاك *** تعثَّروا فوق الحِرابِ

تعاهدوا في الله رغم القَيْدِ *** ثمَّ توضّأوا بالنّورِ
وابتاعوا جِنانَ الخُلْدِ بالأرواحِ *** طيِّبةً .. نسائمُها الكريمة


حِطّينُ.. عَبْر جراحِنا 
مِنْ غُرْبةِ الأحزانِ *** مِن رَحِمٍ الفِداءِ الحُرِّ 
سوف تَعُودُ شامخةَ *** اللواءِ تُحطِّم الأصْنامَ 
تَكْسِرُ شوكةُ الظّلْمِ اللَّئيمةْ

وهناكَ جُندُ اللهِ *** والأيامُ حُبْلَى 
والغَدُ الموعودُ *** يُؤذنُ بالطّلوعِ 
وفي يَدَيْهِ وثيقةُ النّصرِ القديمةْ

فإلى هناكَ.. إلى هناكَ
تَعَجلي باللهِ يا *** أجيالَ أُمَّتِنا العَظيمة
مهْما تمادَى الليلُ *** فالآمالُ دانيةٌ
نداءُ الفجرِ يحفِزُنا *** وآياتُ الهُدى 
وتُثيرُنا أضواءُ طلْعَتِهِ الوَسِيمة

 

أحمد محمد الصديق