ذكريات في المشفى - (39) وتمَّت بفضل الله الجراحة
تقول صاحبتنا:
قلنا: إن آخر ما سمِعتُ ظهر الأربعاء صوت المؤذن يجهر بالحيعلتين..
ثم إني لم أشعر على الحقيقة إلا قبيل غروب شمس الجمعة بساعتين..!
أخبروني أن الجراحة استمرَّت لساعات طويلة، وأن حالتي كانت حرجة وخطيرة!
كما أنهم زوَّدوني بنصف ما يحويه جسدي من دم، وما أحزنني وأشعرني بالهمَّ أنهم اضطروا لجلبها على عجل من أسواق للدم...!
أفسد الخُراج الفص الأخير من الرئة، فقرَّر الجراح استئصاله كاملًا كذا رأى..
قال: قدَّر الله وما شاء فعل، والحمد لله أن باقي الرئة جيدة للعمل.
- وحين أفقتُ، وعن الوقت سألت، أفزعني ما علمت: حقًا أليومين عن الوجود غِبت!
- فقالت أمي: كنتِ في العناية المشدَّدة ألا تذكرين؟!
وعن الغطاء والستر كنتِ تسألين!
كنتِ هناك ممدَّدة بين كم هائلٍ من الأجهزة...!
وأخذتِ تُذكِّرني بكلمات، ودموع جارية وآهات..
- وفيما قالت: ألا تذكرين أني صرختُ حين هويتِ أمامنا على الأرض؟!
- فقلتُ لا، كيف حدث هذا بالله؟!
- قالت: إن الطبيب أصرَّ على عمل صورة أشعة على الصدر..
وأنتِ في وضع القيام، فأقمناكِ وإلى جهاز التصوير بالأشعة أسندناكِ..
فما مرَّت برهةً إلا وهويتِ على الأرض، وكادت تتحطَّم القنينة الموصولة بأنبوب إلى الصدر..!
- فقلتُ: بلى بلى.. وكأنه حلم، خلتها صورًا وأحداثًا صوَّرها ليَّ الوهم..!
ثم شعرتُ بألمٍ شديد القدر، مصدره ذلك الأنبوب الذي يخترق الأضلاع والصدر...!
وفجأة سكتُّ عن الكلام، وقد انتابني شعور من العجب التام!
فسألني الحضور حواليّ: ما لكِ هل تعبتِ أي: بُنيَّة؟!
فقلتُ ودموع الحبور تهطل: ألا ترون أني بفضل الله لا أسعل!
ما ظننتُ أن السُّعال يومًا تاركي، ولا مذاق الدم وصدأه الملازم لريقي يومًا مُفارِقي!
ثم طغى على قلبي شعور بالامتنان لفضل القادر الرحمن..!
و..
يتبع...
- التصنيف: