أحاديث لها قصة (2) الحياء من الإيمان
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحي. حتى كأنه يقول: قد أضرَّ بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه فإن الحياء من الإيمان»
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحي. حتى كأنه يقول: قد أضرَّ بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه البخاري ــ كتاب الأدب برقم 5653).
صدق رسولنا العظيم الكريم صلى الله عليه وسلم لأن من استحيا من الناس لا يفعل ما يخجله إذا عُرف منه أنه فعله، فكان من أعظم بركة الحياء من الناس تعويد النفس ركوب الخصال المحمودة ومجانبتها الخلال المذمومة وتلك حقيقة الإيمان، ومن استحى من الناس أن يروه بقبيح دعاه ذلك إلى أن يكون حياؤه من ربه تعالى أشد فلا يضيع فريضة ولا يرتكب خطيئة، لأن المؤمن يعلم بأن الله يرى كل ما يفعله فيلزمه الحياء منه لعلمه بذلك وبأنه لابد أن يقرره على ما عمله فيخجل فيؤديه إلى ترك ما يخجل منه.
قال صلى الله عليه وسلم: «الألباني).
» (رواه الحاكم في المستدرك 1/22 عن ابن عمر وقال صحيح على شرطهما وأقره الذهبي ( صحيح ) حديث رقم : 3200 في صحيح الجامع السيوطي /وعن ابن عباس قال: "الحياء والإيمان في طلق فإذا انتزع أحدهما من العبد اتبعه الآخر".
وكان الفاروق عمر رضي الله عنه يقول: "من قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه". ويقول أيضا: "من استحيا استخفى ومن استخفى اتقى ومن اتقى وقي".
وللحياء حقيقة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه: «
والذين يستحي منهم الإنسان: الله عز وجل ثم الملائكة والناس ونفسه، فمن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه فنفسه أخس عنده من غيره لأنه يراها أحقر من أن يستحى منها، ومن استحى من نفسه ولم يستحي من الله فلعدم معرفته بالله عز وجل فمن ثم قال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي استوصاه: « » (السلسلة الصحيحة / للألباني برقم 741).
فحق الإنسان إذا هم بقبيح أن يتصور أحدا من نفسه كأنه يراه، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ولذلك لا يستحي من الحيوان ولا من الأطفال ولا من الذين لا يميزون ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ومن الجماعة أكثر مما يستحي من الواحد، وينبغي على الإنسان إذا كبرت عنده نفسه أن يكون استحياؤه منها أكثر من استحيائه من غيره ولذلك قال أحد الصالحين: "من عمل في السر عملا يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر".
إن حياء المرء من نفسه هو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة، فيجد نفسه مستحييا من نفسه حتى كأن له نفسين يستحي بإحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء فإن العبد إذا استحي من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر وبهذا يكون قد حاز حقيقة الإيمان.
قال أبو حاتم: "إن المرء إذا اشتد حياؤه صان عرضه ودفن مساويه ونشر محاسنه، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره ومن ذهب سروره هان على الناس ومقت، ومن مقت أوذي ومن أوذي حزن ومن حزن فقد عقله ومن أصيب في عقله كان أكثر قوله عليه لا له، ولا دواء لمن لا حياء له ولا حياء لمن لا وفاء له ولا وفاء لمن لا إخاء له ومن قل حياؤه صنع ما شاء وقال ما أحب".
ولا يفهم من الحض على الحياء وإن أضر بحق المستحي أن من استغل هذا الحياء عار عن الإثم والحيف فقد قال العلماء" أخذ المال بالحياء كأخذه بالسيف"، مستنبطين ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه أبو داود عن حنيفة الرقاشي.(صحيح) انظر حديث رقم: 7662 في صحيح الجامع).
وعن أبي حميد رضي الله عنه قال: "لا يحل لرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس وذلك لشدة ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال المسلم على المسلم".
خالد سعد النجار
كاتب وباحث مصري متميز
- التصنيف:
- المصدر: