هدية الرحمن عتق من النيران

منذ 2015-07-08

هل مرت بك لحظة استوقفت نفسك خلالها لتعرف أين أنت من الله وإلى أي طريق قادتك قدماك حتى الآن؟
ملهيات الحياة كثيرة وشواغل الدنيا لاحصر لها والفتن تتنافس على القلوب والشبه تلاحقك في كل مكان والشيطان يقف لك بالمرصاد لا يكتفي بتوريطك في المعصية ولكن الأخطر من ذلك أنه يحارب من أجل أن يصل بك الى مرحلة القنوط من رحمة الله وهذه هي غايته النهائية.


وربنا الروؤف الرحيم أعلم بمن خلق ففتح للانسان أبواباً عديدة للعودة والرجوع إليه، وباب رمضان من أعظم وأوسع تلك الأبواب؛ ففيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتخبو وساوس الشياطين ولا يبقى عليك سلطان الا سلطان نفسك، فإلى أين تقودها وتقودك؟ فهل من المعقول أن تضيع اغتنام تلك الفرصة الرائعة التي بشر الله عباده بالمغفرة لما تقدم من ذنب ثلاث مرات مرة بسبب الصيام ومرة بسبب القيام ومرة بسبب إقامة ليلة القدر أما النفحات فهي على كل عمل صالح فأقبل ولا تتردد إنها فرصتك وقد تكون....

فكم من حبيب كان يشاركنا هذه المناسبة السعيدة ثم نفتقده رمضان الذي يليه ونرجو الله العلي القدير أن يلحقنا بهم جميعا على خير.وها هو رمضان على الأبواب فماذا أعددنا له إذا بلغناه؟ وحتى إذا لمن نبلغه فإنما الأعمال بالنيات والأجر على قدر نية العبد فقد قال تعالى: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [سورة النساء من الآية:100]. 

أما اذا بلغناه رمضان فنرجوا الله أن يكون قد وفقنا في الإعداد اللائق به و أن نكون اكثر توفيقًا في تفعيل هذا الإعداد حتى لا نكون من المحرومين؛ و المحروم حقًا هو الذي يتاح له فضل الله ولا يغرف منه غرفًا فقد روى أبو هريرة «أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - صعِدَ المنبرَ ، فقالَ : آمينَ آمينَ آمين قيلَ : يا رسولَ اللَّهِ ، إنَّكَ حينَ صعِدتَ المنبرَ قلتَ : آمينَ آمينَ آمينَ ، فقالَ : إنَّ جبريلَ أتاني ، فقالَ : من أدرَكَ شَهْرَ رمضانَ ولم يُغفَرْ لَهُ فدخلَ النَّارَ فأبعدَهُ اللَّهُ ، قُل : أمين ، فقلتُ : آمينَ ، ومن أدرَكَ أبويهِ أو أحدَهُما فلم يبرَّهما ، فماتَ فدخلَ النَّارَ فأبعدَهُ اللَّهُ ، قل : آمينَ ، فقلتُ : آمينَ ، ومن ذُكِرتَ عندَهُ فلم يصلِّ عليكَ فَماتَ فدخلَ النَّارَ فأبعدَهُ اللَّهُ ، قُل : آمينَ ، فقلتُ : آمينَ» (الصحيح المسند؛ رقم: [1298)] . 
 

و بمناسبة الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل شهر رمضان المبارك فإن كل الأحاديث الصحيحة و الثابتة تبين سعة رحمة الله و فضله في حين أن الأحاديث الضعيفة تضيق هذه السعة و تحدها. فالحديث الضعيف الذي يصف رمضان بأن أوله رحمة و أوسطه مغفرة و آخره عتق من النار يقابله الحديث الصحيح الذي قال فيه صلى الله عليه و سلم: «إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ»( صحيح ابن ماجه؛ رقم: [1340]). 

كذلك الحديث الضعيف الذي يذكر أن النافلة بأجر فريضة و الفريضة بسبعين فريضة يقابله الحديث الصحيح: « إنَّ اللهَ كتب الحسناتِ والسَّيِّئاتِ ثمَّ بيَّن ذلك ، فمن همَّ بحسنةٍ فلم يعمَلْها كتبها اللهُ له عنده حسنةً كاملةً ، فإن هو همَّ بها وعمِلها كتبها اللهُ له عنده عشرَ حسناتٍ إلى سبعِمائةِ ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ ، ومن همَّ بسيِّئةٍ فلم يعمَلْها كتبها اللهُ له عنده حسنةً كاملةً ، فإن هو همَّ بها فعمِلها كتبها اللهُ له سيِّئةً واحدةً».  (صحيح البخاري؛ رقم: [6491]).
 

وأحاديث فضل رمضان غير ذلك كثيرة منها قوله صلى الله عليه و سلم: «ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهُم : الإمامُ العادلُ ، والصَّائمُ حتَّى يُفْطِرَ ، ودعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغمامِ ، وتُفتَحُ لَها أبوابُ السَّماءِ ، ويقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ : وعزَّتي لأنصرنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ».  (مسند أحمد؛ رقم: [ 15/189)].
كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة بابا يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال أين الصائمون ، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق ، فلن يدخل منه أحد».  (صحيح البخاري؛ رقم: [1896]). 
كذلك منها قوله صلى الله عليه و سلم: «مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ».  (صحيح البخاري؛ رقم: [2014]). 


والله نسأل أن يرزقنا جميعا حسن الخاتمة و يبلغنا الفردوس الأعلى من الجنة و أن يحرم أبداننا على النار. 

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.