اعتكاف الشعر

منذ 2014-07-01

كمْ صامَ في التَّحنانِ ريقُ قصائدي *** واليومَ يُفطِرُ بعدَ طولِ جَفافِ

 

قُلْ لِلضُّحى أَضحى كَقلبٍ حَافِ *** أَينَ الضِّياءُ يُنيرُ صبحَ الغَافي؟
أينَ البَلابلُ كَي تُثيرَ خَمائلِي *** وَتُعيدَ لِلبَوح ِ الجَميلِ قَوَافي؟


نادَيتُ لِلعُشَّاقِ: هل مِن عَارفٍ *** مِن أينَ يُخمَدُ جَمْرُ شوقِ أَثافي؟
فارْتدَّ مِن صَوتي صَدًى، وَأَجابَني *** -بِلطافةٍ- هَمسُ الحَياءِ الخَافي


مَرساكِ -يَا أَبياتُ- في أَنهارهِ *** لِتُعيدَ مَجرًى بَعْدَ طُولِ مَنافٍ
فِرِّي إلَيهِ فَليسَ ثمَّةَ مَلجأٌ *** إلاَّهُ.. نعْمَ المُلْتَجَا وَالكافي


ربَّاهُ، قدْ حجَّتْ إليكَ قَصائدي *** وسَعَتْ إليكَ بمَنْسكٍ وطَوافِ
قدْ أَحْرمَتْ عِندَ الفُؤادِ وبَوحُها: *** لَبَّيكَ مَولايَ الكَبيرَ الشَّافي


لبَّيكَ.. أَشعارٌ إلَيكَ أزُفُّها *** زفَّ العَروسِ بثَوبِ حَفلِ زَفافِ
صلَّتْ لكَ الأَقمارُ في دَيجُورِها *** صَلَّتْ لكَ الواحاتُ وسْطَ فَيافي


صلَّتْ لكَ الحِيتَانُ في أَعماقِها *** بالذِّكرِ تَغلبُ مَوجَها المُتَجافي
صلَّتْ لك الأَقواسُ تلمَعُ في الضُّحى *** أَلوانُهَا.. تَذكارُ حُبٍّ دَافي


صلَّى لك الطَّيرُ الشَّريدُ بصَوتهِ *** يَشدُو بفَجرٍ سُورة َ الإِيلافِ
ذَكَرتكَ أَمطارٌ بجَوفِ سَحابةٍ *** ورُعودُها تَهليلُ نَجم ٍ طافِ


ذكَرتْكَ أَسحارٌ تُخالِطُ فَجرَنا *** وأَذانُهُ ضَوءُ الشُّروقِ الصَّافي
ذكَرتْكَ أَغصانٌ وَأَوراقٌ بها *** صلَّتْ لكَ الأَثمارُ حِينَ قِطافِ


ذكَرَتكَ آسادُ الوَغَى في غَابةٍ *** مَن ليَّنَ الأسدَ الهصُورَ الجافي؟!
ذكَرتْكَ جَوهرة ٌ تُزيِّنُ خاتَماً *** ذكرَتكَ والمَلبوسُ عَنكَ لَغافٍ


ربُّ الحُسينِ وربُّ فاطمةَ التي *** هيَ روضة ٌسُقِيَتْ بماءِ عفافِ
هوَ ربُّ حَفصةَ، ربُّ عائشةَ النُّهَى *** قَمرانِ للمُختارِ من أَشرافِ


هُوَ ربُّ أحمدَ.. يا مشاتِلُ أزْهِري *** بروائحٍ لتعطِّري أَريافِي
أَوَ غيرُ خالِقنا يُنفِّسُ كَربَنا؟ *** لا والَّذي جعَلَ الدُّعاءَ هُتافِي


لا القَبْرُ يُنجدُنا ولا المَوتى ولا *** عظمٌ تحلَّلَ تحتَ ترْبِ سِجَافِ
من أمَّنَ المَفزوعَ مُوسَى إذ غَدا *** طِفلاً رَضيعاً في عُبابٍ طافِ


مَن قالَ للنِّيرانِ كُوني رحمةً *** إيَّاكِ أن تؤذِي الخَليلَ الوافي
وتحوَّلي بَرداً، سلاماً، إنَّهُ *** ضيفُ الوَدودِ، فأَكرِمي أَضْيافِي


ومَنِ الذي كشَفَ الهُمومَ وغُمَّة ً *** نزلَتْ بيُونُسَ في ظَلامٍ سافي؟
في جَوفِ حُوتٍ يَستَغِيثُ مُسبِّحاً *** يدعُو المُغيثَ بِخاطِرٍ رجَّافِ


فأجابَ ربُّ البَحرِ صوتَ ندائِهِ *** وقضى عَليهِ بأَحكَمِ الأَلطافِ
أنجَاهُ لِلْبرِّ القريبِ برحْمةٍ *** وكساهُ يَقطيناً كثوبٍ ضافِ


مَعْبُودُ مَن فِي الأَرْضِ فِي تِلْكَ السَّما *** وبما حواهُ الكونُ من أطيافِ
مَعبودُها حقًّا بلا ريبٍ ولا *** شكٍّ يُخالطُ مهجَتي وشِغافِي


خَشعَتْ لهُ كلُّ البرايا خِيفةً *** ومحبَّةً، برَجائها المُتضافي
فلَه الكمالُ مِنَ الصِّفاتِ جَمِيعِها *** أكرِمْ بذِي الأَسماءِ والأوصافِ


كمْ صامَ في التَّحنانِ ريقُ قصائدي *** واليومَ يُفطِرُ بعدَ طولِ جَفافِ
إنَّ اعتكافَ الشِّعرِ في ملكوتهِ *** مثلُ اعتكافِ الدرِّ في الأصدافِ

 

 زكرياء النواري الفاخري