فضيلة تفطير الصائمين
أن إطعام الطعام كله خيرٌ وبِرٌّ، سواء كان تسحيراً أو تفطيراً أو غير ذلك، وبالأخص في رمضان، إلا أن التفطير للصائمين له مزية على غيره ومزيد فضل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن تسحير الصائمين وتفطيرهم كلها أعمال فاضلة وهي مندرجة تحت فضل إطعام الطعام الذي وردت فيه نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، ومما لفت نظري أنه قد يُفهم من كلام بعض أهل العلم حين يضعفون الحديث الوارد في فضل تفطير الصائم وهو حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: « » (أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة)، أو يفضِّلون التسحير على التفطير، أنهم يزهدون في تفطير الصائمين، ولا أظن أن أهل العلم يقصدون ذلك، بل إن التزهيد في فضل تفطير الصائمين لمجرد أن حديث زيد بن خالد الجهني فيه ضعف، أو أن السحور أفضل من الفطور، مجانب للصواب،ومن خلال النظر في مجموع النصوص، تبين لي أن أكلة السحر وإن كانت مباركة، حيث ورد فيها فضل، كحديث « » (متفق عليه)، إلا أن تفطير الصائم أفضل من تسحيره، وذلك أنه لم يرد في تسحير الصائم فضل خاص فيما أعلم من السنة، بخلاف تفطير الصائم فقد ورد في فضله عدة نصوص تدل بمجموعها على أن التفطير من الأعمال الفاضلة، ومن هذه النصوص ما يلي:
1- حديث زيد بن خالد الجهني المتقدم في فضل تفطير الصائم، وهو وإن ضعفه جمع من الأئمة، إلا أنه ليس حديثاً باطلاً متفقاً على ضعفه بحيث لا يحتج به ولا حتى في الفضائل، بل هو حديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه، ولذا فقد صححه جمع من الأئمة آخرون، كالترمذي وابن حبان والمنذري والبغوي وعبد الحق الأشبيلي والسيوطي ومن المتأخرين الألباني وغيرهم، وهذا مما يجعله يندرج تحت الأحاديث التي يُتسامح في العمل بها في باب الفضائل.
2- حديث أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النبي صلى الله عليه وسلم لمن أطعمه. » (حديث صحيح أخرجه أحمد وأبوداود)، ولولا أن تفطير الصائمين فيه فضل لما دعى به
3- حديث ابن عمر قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: « » (أخرجه أبوداود والنسائي بسند حسن)، فالحديث دال على أن تمام عمل الصائم الذي يثبت به الأجر هو حصول الفطر، وما يثبت به الأجرلا شك أنه عمل صالح والتسبب به كذلك هو من العمل الصالح.
4- مما هو متقرر عند أهل العلم ودلت عليه النصوص، أن إطعام الطعام أفضل ما يكون في حال الجوع والعطش، حتى إنه ورد في الصحيحين أن الله غفر لرجل وأدخله الجنة في سقيا كلب عطشان، وفي صحيح مسلم أن الله غفر لبغي في سقيا كلب عطشان، فكيف بالمسلم الصائم حين يُطْعَمُ عند إفطاره ويُسْقَى.
وخلاصة القول:
أن إطعام الطعام كله خيرٌ وبِرٌّ، سواء كان تسحيراً أو تفطيراً أو غير ذلك، وبالأخص في رمضان، إلا أن التفطير للصائمين له مزية على غيره ومزيد فضل.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
فهد بن عبد الرحمن العيبان
إمام وخطيب جامع الإحسان بحي القدس بمدينة الرياض.
- التصنيف:
- المصدر: