رمضان وحفظ اللسان

منذ 2014-07-01

شهر رمضان هو شهر المحاسبة والرجوع إلى الله، وحريٌّ أن يقف فيه المسلم ليتفكر في حاله ويحاسب نفسه، فهو شهر القرآن والدعاء والذكر، ومن الغبن الفاحش أن لا يجعل العبد لسانه عوناً له على طاعة الله، وتحصيل الحسنات، وكسب الأجور، ورفع الدرجات.

شهر رمضان هو شهر المحاسبة والرجوع إلى الله، وحريٌّ أن يقف فيه المسلم ليتفكر في حاله ويحاسب نفسه، فهو شهر القرآن والدعاء والذكر، ومن الغبن الفاحش أن لا يجعل العبد لسانه عوناً له على طاعة الله، وتحصيل الحسنات، وكسب الأجور، ورفع الدرجات.

التكلم بالكلمة ووزنها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق» (رواه البخاري (6477)، ومسلم (2988)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم» (رواه البخاري (6478)، وعن أسلم رضي الله عنه: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مه غفر الله لك؟ فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد" (1).

أكثر الخطايا من اللسان:
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أنه ارتقى الصفا فأخذ بلسانه فقال: يا لسان قل خيراً تغنم، واسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكثر خطايا ابن آدم في لسانه»" (2).

الصمت أفضل من التكلم بسوء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «... ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» (رواه البخاري (6138)، ومسلم (47)، ورحم الله الشاعر القائل:

لسانك لا تذكر به عورة امرئ *** فكلك عورات وللناس ألسنُ
وعيناك إن أبدت إليك معايباً *** فدعها وقل: يا عين للناس أعينُ


إياك وحصائد الألسن:
عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «ألا أخبرك برأس الأمر كلِّه، وعموده، وذروته، وسنامه؟ قلت: بلى، يا نبي الله؛ فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا. فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ؛ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» (3).

فمن دلائل الفلاح والكمال أن يمتنع الإنسان عن اللغو، وعن مجالس السوء خاصة في شهر رمضان؛ فيمتنع عن انتقاص الخلق، والسخرية منهم، والكلام في أعراضهم، والسعي بينهم بالغيبة، والنميمة، وفحش القول، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:1-3].

-------------
(1) رواه مالك في (الموطأ) (5/1438)، والبيهقي في (شعب الإيمان) (4/256) (4990). وصححه الألباني في (صحيح الترغيب والترهيب) (2873).
(2) رواه الطبراني (10/197) (10446)، وأبو نعيم في (حلية الأولياء) (4/107)، والبيهقي في (شعب الإيمان) (4/240) (4933). قال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش تفرد به عنه أبو بكر النهشلي، وحسن إسناده المنذري في (الترغيب والترهيب) (4/25)، والعراقي في (تخريج الإحياء) (3/135)، وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (10/302): رجاله رجال الصحيح، وجود إسناده الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) (2/70) وقال: وهو على شرط مسلم.
(3) رواه الترمذي (2616)، وابن ماجه (3224)، وأحمد (5/231) (22069)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (6/428) (11394)، والطبراني (20/133) (266).
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الشرعية الكبرى)) (3/156)، وابن القيم في (أعلام الموقعين) (4/259)، والألباني في (صحيح سنن الترمذي) (2616)، وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (10/303): [روي] بإسنادين ورجال أحدهما ثقات‏‏.