من نواقض الإسلام - (11) الخاتمة

منذ 2014-07-09

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، ومن أكثر ما يكون وقوعاً، فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه، وصلى الله على محمد".

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، ومن أكثر ما يكون وقوعاً، فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه، وصلى الله على محمد".

الشرح:
في هذه الخاتمة ذكر المصنف رحمه الله عدة مسائل تقدم الكلام عليها في الشرح الذي تقدم نذكرها على وجه التعداد والاختصار:

المسألة الأولى: أنه لا فرق في هذه النواقض بين الهازل والجاد.
فلا فرق في كل من يأتي بناقض من نواقض الإسلام التي تقدمت بين الهازل والجاد، والهازل هو المازح وتقدم في شرح الناقض السادس الدليل على هذا، وهو حديث زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وفيه حينما رجعوا من غزوة تبوك قال رجل: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء"، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: "إنما كنا نخوض ونلعب" فأنزل الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة:65]، والحديث رواه ابن جرير وتقدم الإجماع على أن الهازل يكون في هذا كما هو الجاد فلا يعذر بمزحه.

المسألة الثانية: من أتى بالنواقض خوفاً فإنه يكفر، لا يعذر أيضاً بخوفه.
فمن أتى بناقض من النواقض سواء كان قولاً أو فعلاً بسبب خوفه من نقص مال أو جاه أو مداهنة للكفار ونحو ذلك.. لم يحمله على ذلك إلا الخوف فإنه لا يعذر بذلك ويخرج عن ملة الإسلام ما لم يصل إلى حد الإكراه، فإن المكره يعذر، فهو الذي عذره الله تعالى بقوله: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:106].

وتقدم الكلام أن القلب ليس فيه إكراه ولذا قال: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}، بقي الإكراه على العمل أو الكلام، وتقدم الكلام على مانع الإكراه معناه وأنواعه وشروطه في شرح هذه النواقض في المقدمة في المسألة الرابعة فراجعها.

المسألة الثالثة: أن هذه النواقض العشرة هي الأعظم خطراً والأكثر وقوعاً.
ولعل هذا هو السبب في اختيار المصنف رحمه الله لهذه النواقض العشرة من بين نواقض الإسلام، وتقدم بيان ذلك في المسألة العاشرة من شرحنا في المقدمة، وأن نواقض الإسلام أكثر من عشرة لكن الشيخ رحمه الله خص هذه العشرة لأنها الأعظم خطراً وأكثر وقوعاً.

المسألة الرابعة: ينبغي للمسلم أن يحذر الوقوع في هذه النواقض ويخاف على نفسه منها:
وتقدم بيان ذلك في المسألة الأولى من الناقض الأول.

فيجب على المسلم أن يحذر الوقوع في هذه النواقض، ولا يزكي نفسه بل يخاف من الوقوع فيها، فإذا كان إمام الحنفاء إبراهيم عليه السلام الذي كسر الأصنام ودعا إلى التوحيد، وألقى نفسه في النار من أجل كلمة التوحيد يخاف على نفسه وأهله من الشرك، ويدعو ربه فيقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم:35].

إذا كان هذا هو قول إمام الحنفاء، فما دونه من الناس؟!
من باب أولى ينبغي عليك عبد الله أن تدعو ربك دوماً أن يحييك على العقيدة الصحيحة ويميتك عليها، وتستعيذ وتعتصم بالله من كل ما يدعو إلى ضلالة أو غضب الجبار سبحانه خاصة في هذه الأزمان أزمان الفتن، وكما ختم المصنف رحمه الله نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

نظم نواقض الإسلام لسعد بن عتيق..
نظمها الشيخ العلامة: سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله المتوفى عام 1349هـ.
 

الحمد لله وصل ربِّ *** على النبي وآله والصحبِ
فهذه نواقض الإسلام *** الشرك مثل الذبح للأصنام
والجن والقبور ثم الثاني *** أن يجعل الشخص بلا برهانِ
وسائطاً يدعوهم ومن فعل *** ذا فهو ذو كفر بإجماع حصل
ثالثها من لم يكن معتقدًا *** تكفير أهل الشرك أو ترددا
في كفرهم أو كان ممن يعتقد *** تصحيح مذهب لهم كفر، وزدْ:
رابعها من كان ذا اعتقادِ *** أن سوى هدى النبي الهادي

من هديه أكمل أو أنّ لمنْ *** سواه حكماً في الورى أحسن منْ
أحكامه فكافر يلحق به *** في الكفر من أبغض ما جاء به
نبينا حتى ولو به عمل *** هذا هو الخامس إما أن تسل
عن سادس فكفِّر المستهزئ *** بديننا أو بالثواب استهزأ
أو بالعقاب سابع الأنواع قل *** السحر منه الصرف مع عطف عمل
فمن له يفعل أو ارتضاه *** فكافر وقد عصا مولاه
ثامنها في عدها من ظاهرًا *** على ذوي الإسلام جنداً كافرا

تاسعها من قال أنه يسع *** شخصًا من الأناسي أن لا يتبع
نبينا كالخضر إذ لم يتبع *** موسى ولم يعمل بما له شرع
عاشرها الإعراض عن دين الهدى *** والصدف عن منهاجه تعمدا
كحال من أعرض عن تعلمه *** ولم يكن ذا عمل بمُحكمه
وهذه الأنواع كفر كلها *** بكل حال جدها وهزلها
وسو بين خائف وغيره *** واستثن منهم مكرها لعذره
وختم قولي بالصلاة أبدا *** على النبي الهاشمي أحمدا
وبالسلام وجميع الآلِ *** وصحبه الغر وكل تالي

عبد الله بن حمود الفريح

حاصل على درجة الدكتوراه من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، عام 1437هـ.

المقال السابق
(10) الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به