ابن باز لا يزال حياً

منذ 2008-06-21

وستجد أن هذا الكتاب يكشف عن أنموذج فريد قد تمر عشرات السنين، بل مئات السنين قبل أن يتكرر مثله، رحمه الله رحمة واسعة وعوض الأمة عنه خيراً.


* كنت قد بدأت في إعداد مقال الشهر الذي سبق أن التزمت به لموقع الإسلام اليوم، وكان هذا المقال هو آخر مقال حسب الإتفاق مع أخي المشرف على الموقع، وفي أثناء إعداد ذلك المقال وقع في يدي كتاب (جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله) رواية الشيخ محمد الموسى؛ مدير مكتب بيت سماحة الشيخ، وإعداد الشيخ محمد الحمد، نشر دار ابن خزيمة.

وبدأت في قراءة الكتاب، وأصابني نَهَمٌ، تعطلت بعضُ الأعمال التي كنتُ أقوم بها، مع أنه جاء في ظروف عصيبة، وما مضى إلا وقت يسير حتى أنهيتُ قراءته، علماً أنه فوق (600) صفحة، ولقد تأثرتُ به تأثراً بالغاً أثناء وبعد قراءتي لهذا الكتاب، وظهر التأثر على عملي وعلاقتي بمن حولي، ومع أن معرفتي بسـماحة الشـيخ بدأت قرابة (1390هـ)، وتوثّقتْ في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد مشاركتي في التوعية في الحج ابتداء من عام 1404هـ، وازدادت هذه العلاقة بعد بدء لقاءات المشايخ وطلاب العلم من أنحاء المملكة معه منذ عام 1411هـ، حتى رمضان عام 1415هـ، وهو آخر لقاء مع سماحته، حيث كانت خلوتي التي استمرت عدة سنوات، ولم تنتِهِ تلك الخلوة إلا بعد وفاته بشهر ونصف عام 1420هـ.

أقول: ومع هذا كله، فقد رأيتُ في هذا الكتاب عجباً، وكأني أعرف الشيخ لأول مرة، حيث كشف عن صفحات مطوية من حياته لا يعلمها إلا القليل ممن لازم الشيخ ملازمة خاصة، كراوي هذا الكتاب ومن نقل عنهم من الملازمين للشيخ رحمه الله.

ونظراً لتلك الدرر التي وقفت عليها، وحيث إن عدداً من قراء هذه المقالة لا يتيسّر لهم الاطلاع عليه نظراً لمحدودية النسخ التي طبعت في الطبعة الأولى وتوزيعها في الداخل، بينما عدد من محبي الشيخ في أقطار الأرض، ولما للقدوة من تأثير عجيب في حياة الناس، حيث إن قصة واحدة أفضل من عشرات الدروس والمحاضرات، لذلك كله فقد اخترتُ عدداً من الحقائق التي ذكرها الراوي، ورأيتُ عدم التعليق عليها، لأنها ناطقة بمرادها، وتحمل قوتها في ذاتها، وتحاشيت ما ورد من قصصٍ سبق أن ذُكرتْ في التعريف بالكتاب، ونشر هذا التعريف في موقع الإسلام اليوم قبل عدة أسابيع.

وهذه الحقائق لا تغني عن قراءة الكتاب، والسعي الحثيث للحصول عليه، وأنصح كذلك بنشره وقراءة مختارات منه على العامة والخاصة.

وستجد أن هذا الكتاب يكشف عن أنموذج فريد قد تمر عشرات السنين، بل مئات السنين قبل أن يتكرر مثله، رحمه الله رحمة واسعة وعوض الأمة عنه خيراً.

وهلمّ بنا إلى بعض تلك الدرر والفرائد والفوائد:
إذا كان في مهمة عمل خارج المكتب سواء كان في الديوان الملكي، أو في اجتماع في مكان آخر، أو كان في مراجعة للمستشفى، أو كان في محاضرة في بعض القطاعات، ثم انتهى من مهمته سأل عن الساعة.

فإذا قيل مثلاً: الساعة الثانية أو أكثر أو أقل قال: نذهب إلى المكتب، فإذا قيل له: ضاق الوقت، وما بقي إلا القليل، ولا يستحق أن يُذهب لأجله قال: ولو، نقضي بعض الأعمال في هذا الوقت.

وفي عامه الأخير بدأ الانتداب إلى مكة المكرمة في 1/12/1419هـ حتى 21/12/1419هـ، ولكنه مكث في الرياض بسبب مشورة الأطباء؛ لأنه لم يتحمل الذهاب للحج.

ولما سئل عن المدة التي مكثها في الرياض؛ لتحسب له، قال: لا تحسب لي انتداباً؛ لأنني لم أذهبْ!!

ولما أخبر بأن الموظفين الذين كانوا معه ليس لديهم مانع من السفر إلى مكة، ولكنهم جلسوا؛ مراعاة لمصلحته، أبى أن تحسب لهم انتداب تلك المدة.

فلما ألحوا عليه، قال: نعطيهم من عندنا.

إذا سمع سماحته الأذان بادر إلى متابعته، وترك جميع ما في يده من الأعمال، وإذا كان أحد يحادثه، أو يهاتفه قال: يؤذن؛ ليشعر من يحادثه أو يهاتفه بأنه سيتابع المؤذن.

وإذا أذّن المؤذن وسماحته في مكالمة مهمة من خارج المملكة، أو مع شخص كبير الشأن ثم انتهى من المكالمة أعاد متابعة الأذان ولو بعد انتهاء المؤذن.

كان رحمه الله هو الذي ينبه أولاده، والعاملين لديه في بيته لصلاة الفجر.
وقد ذكر لي أنه يتصل على أحد عشر رقماً؛ لإيقاظهم للصلاة، وإذا ردّ عليه أحد منهم، سلم عليه سماحةُ الشيخ، وقال: الحمد الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور.

في يوم من الأيام كان سماحة الشيخ على موعد بعد صلاة الفجر، فلم يصلِّ في المسجد، وبعد أن علم أن الناس قد صلوا صلى، وقال للأخوين الزميلين الشيخ عبد الرحمن العتيق، والأخ حمد بن محمد الناصر: هذه أول مرة تفوتني صلاة الفجر، وهذه الحادثة أفادتنا أن سماحة الشيخ رحمه الله كان شديد المحافظة على صلاة الجماعة؛ إذ كيف لا تفوته صلاة الفجر مع الجماعة طيلة عمره المديد إلا مرة واحدة؟!
وربما لا ينام طيلة اليوم والليلة في رمضان إلا أربع ساعات.

وكان من عادة سماحته في كل موسم حجّ أنه يحجّ معه أعداد كثيرة من الرجال والنساء، وأغلب هؤلاء من الفقراء وغير السعوديين؛ فكل من طلب من سماحته الصحبة، أو أوصى من يستأذنه فيها قال: حياه الله، ولا يسأل عمن سيذهب معه، ولا عن عددهم، ولا عن ضيق المكان، ولا عن سعته.

وكان عدد الذي يحجون مع سماحته، ويرافقونه في مخيمه ومقر إقامته في الحجّ- يقدر بـ800 حاجّ.
وكان عدد الرجال والنساء الذين يُقدّم لهم الطعام في منى وعرفة يتراوح ما بين 800 إلى 1000 حاجّ.
وليس العجب من هذا، وإنما العجب أن يكفيهم طعام أُخذ فيه حساب 500 شخص، ولكن البركة في طعامه ظاهرة للعيان، يشهد بذلك من وقف عليه؛ وكلما زاد العدد ظننا أنه لن يكفيهم، ومع ذلك يكفيهم ويبقى منه شيء.

أما عدد الذين يتناولون طعام الغداء مع سماحته في مكة فيتراوح عددهم ما بين 300 إلى 400.
فإذا قلنا لسماحته: يا سماحة الشيخ! كل يرغب في الحج معكم، سواء من داخل البلاد أو خارجها، وأنتم تعلمون أن السيارات لا تكفي، وأن المكان المخصص لكم لا يكفي قال: الله المستعان، ما هي إلا ساعات وينتهي كل شيء، اصبروا، واحتسبوا، وأبشروا بالأجر الجزيل، وما يدريكم لعلنا لا نحجّ بعد عامنا هذا، ستتيسّر الأمور، وينتهي كل شيء على ما يرام.

لا فرق عند سماحته بين الفقير والغني، والشريف والوضيع، والسفير والوزير؛ فهم يجتمعون جميعاً على المائدة، وكل من أكل مع سماحته جعل يلتفت هنا وهناك ينظر في وجوه الناس على تباينهم، واختلاف ألسنتهم، ومراتبهم، وألوانهم فهذا عربي، وهذا أعجمي، وهذا أسود، وهذا أبيض، وهذا من قريب، وهذا من بعيد.

وفي أحد الأيام قال له أحد الحاضرين ممن يعرف سماحة الشيخ: يا شيخ بعض هؤلاء لا يعرفون أدب الأكل، ولا يحسن الجلوس معهم؛ فلو انفردتَ عنهم، وأرحت نفسك من هؤلاء؛ فقال سماحة الشيخ رحمه الله: أنا الذي وضعتُ الطعام لهم، وهم جاؤوا إليّ، وراحتي بالأكل معهم، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل مع أصحابه ومع الفقراء حتى مات، ولي فيه أسوة حسنة، وسوف أستمرّ على هذا إلى أن أموت، والذي لا يتحمل ولا يرغب الجلوس معهم نسامحه، ويذهب إلى غيرنا.

وإليك هذا المثال: في عيد الفطر عام 1404 هـ؛ حيث لم ينم سماحته ليلة العيد؛ فقد كان يصلي القيام؛ إذ لم يأت خبر العيد إلا متأخراً، ثم استقبل الناسَ بعد الصلاة، فلما أُذِّن بالفجر قام للصلاة، ثم رجع إلى منزله، واستعدّ للعيد، ثم ذهب لصلاة العيد، وبعد الصلاة واصل نهار العيد كله حتى بعد العشاء لا يفتر، ولا ينقطع؛ فتارة مع الهاتف على اختلاف المتصلين وحاجاتهم، وتارة مع سائل أو مستفتٍ، وتارة مع المهنّئين بالعيد، وتارة مع شكاوى الناس ومشكلاتهم، وطلباتهم، وشفاعاتهم، وهكذا.
ومع ذلك لا نراه يضجر أو يملّ، أو يكهر، أو ينهر.
بل يقابل الناسَ كلهم بالبشاشة، والترحاب ولا فرق في ذلك عنده بين أمير، أو وزير، أو قريب، أو بعيد، أو من يعرفه، أو لا يعرفه.


تدفُّقُ كفٍّ بالسـماحة ثرَّة ٍوإسفارُ وجْهٍ بالطلاقة مشرقِ

كل ذلك مع كبر سنه، وقلة نومه ذلك اليوم؛ فهذا هو منهجه، وديدنه، وخلقه؛ فهو منهج رائع فريد لمن أراد التأسي بالعلماء العاملين الصالحين المؤْثِرين أخراهم على دنياهم.

ومما يحسن ذِكْرُهُ في هذا الصدد أن سماحة الشيخ يرى أن ليلة الجمعة، وعصر الجمعة مثل بقية الأيام في إلقاء الدروس، وقراءة بعض الأحاديث، خلافاً لما يراه بعض الناس، حيث يتركون الدروس، والتحديث ليلة الجمعة، أو بعد صلاة العصر من يوم الجمعة.

ولا أذكر أنه طالبَ أحداً له حق عليه.
وأذكر أن أحد المسؤولين الكبار عرض على سماحته الخروج للنزهة في وقت الربيع، فقال سماحة الشيخ: أنا لا أرغب الخروج، وليس من عادتي.
فقال له المسؤول: النفس تحتاج إلى الراحة، وتغيير الجو، وشمّ الهواء.
فقال سماحة الشيخ ممازحاً: الذي يرغب تغيير الجو، وشمّ الهواء النظيف يخرج إلى السطح ويكفيه ذلك.

وقد حسبت له بعد المغرب في يوم من الأيام ستين إجابة لستين سؤالاً، كل ذلك في جلسة بعد المغرب، مع أنه لم يكن متفرغاً للإجابة وحدها، بل عن يمينه وشماله اثنان من الكتّاب يتعاقبان القراءة عليه، والناس يتوالون للسلام عليه، والهاتف لا يقف رنينه إلى غير ذلك مما مرّ ذكْرُه في وصف مجلسه.

وفي يوم من الأيام قرأتُ عليه بعد صلاة الفجر أربعين معاملة في ساعة ونصف الساعة.
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن دايل: أنتم ما أدركتم نشاط سماحته؛ إذ كان في المدينة لا ينام بعد العشاء إلا متأخراً، وكان لا ينام بعد الفجر، ولا الظهر، ولا العصر.

وأذكر أنه قبل سنتين من وفاته كان في الطائف، وزاره بعض الشباب من الزلفي، وكانوا طلاّباً في كلية الشريعة، وبعضهم لم يرَ الشيخَ قبل ذلك، وكان غاية ما يتمنون أن يروا سماحته في زيارتهم تلك.
فلماّ دخلوا مجلسه بعد المغرب حياهم، وأدناهم، وألحّ عليهم بالعشاء، فقالوا: نحن لا نريد سوى رؤياك والسلام عليك.
فقال: لا بدّ من العشاء، فوافقوا.
وكان في مجلسه بعد المغرب يلتفت إليهم، ويباسطهم، ويسألهم عن المشايخ في الزلفي، فلما صلينا العشاء دخلتُ مع سماحته في المختصر؛ لأقرأ عليه بعض الأوراق والمعاملات ريثما يتم إعداد العشاء.
وكان الشباب الزائرون في المجلس ينتظرون.
فلما شرعتُ بالقراءة على سماحته رأيته منصرفاً عني، ثم قال: أبا موسى! فقلتُ: نعم، فقال: تركنا الضيوف، فقلتُ: عفا اللهُ عنك، هؤلاء أبناؤك، وقد جلسوا معك بعد المغرب، وسيجلسون معك بعد قليل على العشاء؛ فماذا يريدون غير ذلك؟ ائذن لي بإكمال ما شرعنا بقراءته.
ثم شرعتُ بالقراءة، فقال: أبا موسى، ضيوفنا؟ فقلتُ: لا بأس عليهم، فقال: في ذمتك يا أبا موسى؟ فقلتُ: لن يلحق ذمتي شيء إن شاء الله، فقال: لندع القراءة الآن، هيا إلى المجلس، فتركنا القراءة، وجلس معهم يباسطهم، ويجيب على أسئلتهم.

فلما تناولوا طعام العشاء مع سماحته استأذنوا فقال: ما نسمح لكم، لا بدّ أن تبيتوا عندنا، فقالوا: عندنا مكان سنبيت فيه، فألحّ عليهم، وقال: نحجز لكم في الفندق، إن أردتم؛ لأنه رحمه الله ظن أنهم مستحيون، فقالوا: جزاك الله خير الجزاء، وغفر لك، وجعلك ذخراً للإسلام والمسلمين، لقد أعطيتنا من وقتك ومجلسك فوق ما نستحق، وفوق ما تصورنا؛ فودّعهم، وحمّلهم السلامَ لمن أمامهم.

مع أن الشيخ ليّن العريكة، سمح، هين إلا أنه سرعان ما ينقلب أسداً هصوراً لا يلوي على شيء، وذلك إذا علم أن المطلِّق يريد نقضَ الحكم.

الشيخ قليل النوم، فلا يأوي إلى فراشه إلا بعد منتصف الليل فما فوق، ولم يكن ينام بعد الفجر، ولا أعلم أنه نام بعد الفجر، وربما يرتاح بعد الشمس قليلاً.

قال في يوم من الأيام بحضرة أكثر من عشرين من طلبةالعلم: والله ثم والله، ثم والله إنني لم أكتب في حياتي كتاباً إلا وأريد بذلك وجه الله. (قلتُ: وقد حضرتُ ذلك المجلس في بيته بالرياض).

حدّثني الشيخ علي العتيق أن شخصاً جاء إلى سماحة الشيخ قبل وفاته بأربعين سنة، وشكا عليه الحال، فأمر له سماحة الشيخ بخمسين ريالاً، فأخذ ذلك الرجلُ الورقةَ التي كتب فيها الأمر، وغير الكتابة من خمسين إلى خمسمائة ريال، وذهب إلى مأمور الصرف، وألحّ عليه بسرعة صرفها، وادّعى أنه سوف يسافر، فتردد مأمور الصرف، وقال: لا يوجد مبلغ يفي بهذا الطلب، ولم تجر العادة بمثل هذا المبلغ؛ لأن السيولة في ذلك الوقت قليلة جداً.

فلما راجع المأمورُ سماحةَ الشيخ، قال: لم آمر إلا بمبلغ خمسين ريالاً، ثم أطرق سماحته رأسَه مليّاً، وقال: اصرفوها له؛ لعله محتاج.

وإذا جاءه أحد من الناس، وقال: إن الشيخ فلان بن فلان قد قال: كذا وكذا مما لا يليق نهَره سماحة الشيخ، وقال: هو أوثق عندنا منك، أفنصدقك ونكذب الشيخ فلاناً؟ ونحو ذلك.

وأذكر مرة أن أحد الطلاب سأل سماحة الشيخ عن مقادير الديات، وقال: يا شيخ الدية الآن فيها ظلم للمسلم؛ فإنها تحدد بمئة ألف، وأصلها مئة من الإبل؛ فلو أن الإبل المذكورة في دية المسلم عرضت في السوق للبيع لبلغت قيمتها أكثر من مئة ألف؛ فلو أُعيد النظر في تقدير الدية.

فردّ عليه سماحة الشيخ بشدة، وقال: الذي قدّر الدية علماء أعرف منك، وأنت تعترض، وأنت في بداية الطريق؛ فيجب عليك أن تتأدب وتترك الكلام الذي لا يعنيك.
ومع ذلك فإن الرفق والتحمل هو دأب الشيخ، ولكنه يتقصد تربية الطلاب حتى يكونوا على منهج سويّ، وخلُقٍ فاضل.

وآخر درس ألقاه كان في يوم الإثنين 17/1/1420هـ، وقد استمر في الدرس حتى الساعة الثامنة صباحاً أي أن مدة الدرس استمرت قريباً من ثلاث ساعات.
وأذكر أنه سألني بعد الدرس عن الساعة فقلت: الساعة الآن الثامنة، فقال: تأكد لعلها السابعة؛ فقلتُ: بل هي الثامنة يا سماحة الشيخ، فقال: ما ظننتُ أنها ثمان، القراء كثيرون، والوقت يمضي دون أن ندري؛ فهذا آخر درس ألقاه رحمه الله.

وبعدُ:
ما إنْ أنهيتُ قراءةَ الكتاب حتى قمتُ بزيارة لأخي الشيخ محمد الموسى راوي هذا الكتاب، وشكرته وأخاه محمد الحمد على ما قاما به من جهد، وقلتُ له: ما سرّ هذه الشخصية العجيبة؟ فقال: كان الشيخ قد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام عينيه، وركّز بصره وفكره على هديه وسنته، يحرص ألا يلتفت عنها يمنة أو يسرة، فهو قدوته وإمامه، فلذلك كانت هذه الشخصية التي بهرت القريب والبعيد، العدو والصديق، فلله دره من إمام، قلّ أن يتكرر في الزمان مثله.
ونسأل الله له الرحمة والغفران، وأن يعوض أهله وأمة المسلمين عنه خيراً.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

http://www.almoslim.net/node/81945








المصدر: موقع المسلم

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا