من أحكام الصيام - من يجوز له الفطر في رمضان؟

منذ 2014-07-23

الذي يتناول المفطر في رمضان له ثلاث حالات: إما أن يكون ناسياً وإما أن يكون متعمداً غير معذور أو متعمداً معذوراً . فالأول وهو الناسي: فإنه لا يبطل صومه ولا يجب عليه القضاء ، فإن الله سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه ، فليس هذا الأكل والشرب يضاف إليه فيفطر ، وإنما يفطر بما فعله ، وهذا بمنزلة أكله وشربه في نومه إذ لا تكليف بفعل النائم ولا بفعل الناسي.

من يجوز له الفطر في رمضان وماذا يجب عليه ؟

الذي يتناول المفطر في رمضان له ثلاث حالات: إما أن يكون ناسياً وإما أن يكون متعمداً غير معذور أو متعمداً معذوراً .

** فالأول وهو الناسي:

 فإنه لا يبطل صومه ولا يجب عليه القضاء ، فإن الله سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه ، فليس هذا الأكل والشرب يضاف إليه فيفطر ، وإنما يفطر بما فعله ، وهذا بمنزلة أكله وشربه في نومه إذ لا تكليف بفعل النائم ولا بفعل الناسي. لكن يجب عليه إذا تذكر أن يقلع حتى إذا كانت اللقمة أو الشربة في فمه فإنه عليه أن يلفظها ، ودليل تمام صومه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من حديث أبي هريرة :  «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه»  ولأن النسيان لا يؤاخذ به المرء في فعل محظور لقوله تعالى : {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}.

 

** الثاني وهو المتعمد بلا عذر:             

( أ ) إن كان أفطر بغير الجماع:

فقال شيخ الإسلام : "فهؤلاء يجب عليهم القضاء عن كل يومٍ يوماً ، كما يجب القضاء على من فوّت الصلاة لأنه إذا وجب القضاء على المعذور فعلى غير المعذور أولى ، مع أن الفطر متعمداً من الكبائر ، وفوات العين باقي ذمته ، وعليه أن يتوب منه ، وهو أعظم من أن يمحوه كفارة مقدرة أو تكرار الصيام أو غير ذلك "

ولأنه يجب عليه أمرين : وجوب صوم ذلك اليوم المعين، ووجوب صوم يوم. وفوات أحدهما لا يوجب سقوط الآخر، وهذا معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله. وذكر الشيخ علي الغامدي أن الذي يراه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عدم وجوب القضاء ، ويتوب إلى الله ويستغفره ويكثر من فعل الخير لأنها عبادة فات وقتها ولا يمكن القضاء لعدم العذر كترك الصلاة عمداً.

 ( ب ) أما من أفطر بوطء عمداً:

فيجب عليه الكفارة ، ولا خلاف في هذا إلا ما يروى عن ابن سيرين والنخعي والشعبي وسعيد بن جبير ولا حجة لهم بل الدليل قائم على خلاف قولهم .

وهو حديث أبي هريرة في قصة الرجل الذي قال : «وقعت على امرأتي في رمضان فذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم الكفارة».

** الثالث هم أهل الأعذار:

(1) الشيخ الكبير: ـ والكبر لا يرجى برؤه ـ ، فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ، ويسقط عنه الصوم لعدم القدرة ، وتجب عليه الفدية لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في الشيخ والشيخة إذا لم يطيقا الصوم : يطعمان لكل يوم مسكيناً، في تفسير قوله تعالى :  {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} ويجزئه على الراجح الإطعام والتمليك.

 

(2) المريض: والمريض له أحوال :

الأول: أن لا يتأثر بالصوم ، مثل الزكام اليسير ، فهذا لا يحل له أن يفطر.

الثاني: إذا كان يشق عليه الصوم ولا يضره ، فهذا يكره له أن يصوم ويسن له أن يفطر .

الثالث : إذا كان يشق عليه الصوم ويضره ، فالصوم عليه حرام لقوله تعالى : {ولا تقتلوا أنفسكم} والنهي هنا يشمل قتل الروح ويشمل ما فيه الضر ، والمريض في هذه الحالة إن كان لا يرجى برؤه يُطعم ، وإن كان يرجى برؤه يقضي.

س / لو عوفي من لا يرجى برؤه قبل أو بعد الفدية فهل يقضي ؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وإن قوي الشيخ أو العجوز بعد ذلك على قضاء ، أو عوفي المريض الميؤوس من برئه بأن زال عطاشه وزال شبقه ونحو ذلك بعد إخراج الفدية ، فقال أصحابنا لا قضاء عليه ، كما قالوا في المعضوب إذا حج عن نفسه ثم قوي ؛ لأن الاعتبار بما في اعتقاده ، ولأنه لو اعتقد أنه يقدر على القضاء ثم مات قبل القدرة عليه ، لم يكن عليه شيء ، فكذلك إذا اعتقد أنه لا يقدر عليه ثم قدر ، وخرج بعضهم وجهاً بوجوب القضاء إذا قدر عليه لدخوله في عموم قوله : {ومن كان مريضاً} ، ولأنها بدل إياس ، وقد تبينا زوال الإياس، فأشبه من اعتدت بالشهور عند اليأس من الحيض ثم حاضت.

- وإن عوفي قبل إخراج الفدية، فينبغي هنا أن يجب عليه القضاء رواية واحدة.

 

(3) المسافر: المسافر له ثلاث حالات:

الأولى : ألا يكون لصومه مزية على فطره ، ولا لفطره مزية على صومه ففي هذه الحالة يكون الصوم أفضل له للأدلة التالية:

1- أن هذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو الدرداء رضي الله عنه :  «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان في يوم شديد الحر حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر ، ولا فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة».

2- أنه أسرع في إبراء الذمة ، لأن القضاء يتأخر ، والأداء وهو صيام رمضان يقدم .

3- أنه أسهل على المكلف غالباً ، لأن الصوم مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد رمضان ، كما هو مجرب ومعروف .

4- أنه يدرك الزمن الفاضل ، وهو رمضان .

 

الثانية : أن يكون الفطر أرفق به ، فهنا الفطر أفضل ، وإذا شق عليه بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهاً ، لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عز وجل .

 

الثالثة : أن يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة ، فهنا يكون الصوم في حقه حراماً ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه الناس أنه قد شق عليهم الصيام وينتظرون ما سيفعل الرسول صلى الله عليه وسلم دعا بإناء به ماء بعد العصر وهو على بعير فأخذه وشربه ، والناس ينظرون إليه ، ثم قيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام فقال:  «أولئك العصاة ، أولئك العصاة»  

س / الحاضر إذا سافر في أثناء اليوم فهل له أن يفطر أو لا ؟

الصحيح أنه له أن يفطر ولكن لا يفطر حتى يفارق القرية ؛ لأنه لم يكن الآن على سفر ولكن ناوٍ للسفر.

(4) الحامل والمرضع:

يجوز للحامل والمرضع أن تفطرا إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما أو على أنفسهما وولديهما.

ويجب عليهما القضاء ؛ لأن الله تعالى فرض الصيام على كل مسلم ، وقال في المريض والمسافر: {فعدة من أيام أخر} مع أنهما مفطران بعذر، فإذا لم يسقط القضاء عمن أفطر لعذر من مرض أو سفر ، فعدم سقوطه عمن أفطرت لمجرد الراحة من باب أولى.

وأما الإطعام هل يجب عليهما أم لا؟ لهما ثلاث حالات :

الأولى: أن تفطرا خوفاً على أنفسهما فتقضيان فقط .

الثانية: أن تفطرا خوفاً على ولديهما ، فتقضيان وتطعمان لكل يوم مسكيناً ، أما القضاء فلأنهما أفطرتا ، وأما الإطعام فلأنهما أفطرتا لمصلحة غيرهما ، فلزمهما الإطعام ، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال : كانت رخصة للشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام يفطران ويطعمان كل يوم مسكيناً ، والمرضع والحبلى إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما.

الثالثة: إذا أفطرتا لمصلحتهما ومصلحة الولد : الجنين أو الطفل ؛ ففيه خلاف ، والراجح أنه يلزمها القضاء فقط دون الإطعام ، لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر فيلزمهما فقط ، وأما سكوت ابن عباس عن القضاء في الحديث السابق فلأنه معلوم ، وأما حديث : «إن الله تعالى وضع الصيام عن الحبلى والمرضع» فالمراد بذلك وجوب أداءه وعليهما القضاء.

(5) الفطر للتقوي على العدو :

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقد فعله بنفسه.

 (6) الحيض :

لا يلزم الحائض الصوم وكذا النفساء لقول النبي صلى الله عليه وسلم مقرراً ذلك :  «أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم» فلا يلزمها ولا يصح منها إجماعاً، ويلزمها القضاء إجماعاً.

وهناك أقسام أخر يجوز لهم الفطر على قول بعض العلماء لم نذكرها( ) .

المقال السابق
النوم طوال النهار
المقال التالي
النية في الصيام