أشراط الساعة (خطبة مقترحة) (1)
قال عليه الصلاة والسلام: «يكونُ بينَ يدَيِ الساعَةِ فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظلِمِ يُصبِحُ الرجُلُ مؤمِنًا ويُمسِي كافِرًا ويُصبِحُ كافِرًا ويُمسِي مؤمِنًا، يَبيعُ أقوامٌ دِينَهم بعَرَضٍ منَ الدُّنيا» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وقال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ» (متفق عليه).
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
الغرض من الخطبة:
التذكير بقضايا الإيمان باليوم الآخر في هذه الأيام التي كثرت فيها الغفلة عن الاستعداد ليوم الساعة.
مقدمة وتمهيد:
ـ الإيمان بيوم القيامة أصل من أصول الإيمان ولا يتم الإيمان إلا به: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ....} [البقرة: من الآية 177].
ـ التأكيد على حدوث القيامة: {فكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [آل عمران:25].
ـ الساعة قريبة: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1]، {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا . وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج:6-7].
ـ أعلى المخلوقين قدرًا لا يعلم وقتها: ففي حديث جبريل عليه السلام قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» (متفق عليه).
ـ خطأ من حدد لها وقتًا: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب:63]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا» (رواه مسلم)، ولم يحدد سنة ولا شهرًا.
فائدة البحث في أشراط الساعة:
1ـ لا يتم الإيمان إلا بالتصديق بأخبارها: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2]، {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:3]، ومن أمثلتها: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل:82]، وقال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الإِنْسَ، وَحَتَّى تُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعْلِهِ وَتُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ مِنْ بَعْدِهِ» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
2ـ تقوية الإيمان وتثبيته بمشاهدة الأحداث في كل عصر مطابقة للأخبار المروية: ومن أمثلتها: {الم . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم:1-3]، وقد رأى الصحابة ذلك، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ» (رواه مسلم)، وغيرها إلى يومنا هذا.
3ـ الاستعداد بكثرة العمل الصالح: عن أنس رضي الله عنه :أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: "مَتَى السَّاعَةُ؟" قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟». قَالَ: "لاَ شَيْءَ، إِلا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»، قَالَ أَنَسٌ: "فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ" (رواه البخاري).
- أقسام علامات الساعة:
1ـ علامات صغري: منها ما وقع ومنها لم يقع.
2ـ علامات كبري: كلها تقع قبيل الساعة.
- العلامات الصغرى التي وقعت:
1ـ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» قَالَ: "وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى" (متفق عليه). وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ: «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا» (رواهما البخاري).
2- انشقاق القمر:
ـ آية على صدقه صلى الله عليه وسلم: عن أنس رضي الله عنه: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، "فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ" (رواه البخاري ومسلم).
ـ وقد صرح القرآن بذلك: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر:1-2].
3ـ نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى» (متفق عليه). "ذكر المؤرخون أن الأمر وقع كما اخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقد انفجرت نار بالحجاز في القرن السابع الهجري أضاءت أعناق الإبل ببصرى، وقد تحدث العلامة المؤرخ ابن كثير عن هذه النار في أحداث سنة 654هـ".
4ـ الفتوحات والحروب:
ـ جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق للعالم كله: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:33].
ـ كان يخبر أصحابه بالفتوحات على رغم ما كانوا عليه من الشدة: عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» (رواه البخاري).
وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ» (رواه مسلم).
- كان يخبر أصحابه بشيوع الأمن المفقود في الجزيرة بعد ظهور الإسلام: عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: «يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟»، قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلا اللَّهَ» (رواه البخاري).
ـ كان يخبر أصحابه بزوال ملك كسرى وقيصر: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (متفق عليه).
ـ كان يخبر أصحابه بفتح مقري الدولة الرومية الشرقية والغربية "قسطنطينية ـ الفاتيكان": عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً» يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ (رواه أحمد، وصححه الألباني).
ـ كان يخبر أصحابه بقتال الترك "التتار" ووصفهم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ» (رواه البخاري ومسلم).
5ـ ظهور الدجالين أدعياء النبوة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ» (متفق عليه).
ـ وقد ظهر بعضهم: "مسيلمة الكذاب، الأسود العنسي، سجاح الكاهنة، المختار الثقفي، حسين بن علي الميرزا ولُقِّبَ ببهاء الدين، محمود محمد طه السوداني الذي أُعدِم سنة 1985".
6ـ توقف الجزية والخراج:
ـ بداية ضعف المسلمين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ» (رواه مسلم).
ـ قيل السبب هو: استيلاء الكفار على هذه البلاد فيمنعون ذلك، وقيل: تقوى شوكة الكفار الذين عليهم ذلك فيمنعون.
7ـ ظهور الفتن في الأمة:
ـ الابتلاء بالفتن كائن في الأمة: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة:155].
ـ إخباره صلى الله عليه وسلم عن بدايتها: عن حذيفة رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ: قَالَ: هَاتِ إِنَّكَ لِجَرِيءٌ وَكَيْفَ؟ قَالَ: قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ»، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْر. قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ: فَيُكْسَرُ الْبَابُ أو يفتح؟ قَالَ: قُلْتُ: لا، بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لا يُغْلَقَ أَبَدًا. قَالَ: فَقُلْنَا لحذيفةَ: هَل كَانَ عمر يعلم مَنِ البابُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةٌ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ قَالَ: فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ مَنِ الْبَابُ؟ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: عُمَرُ (متفق عليه).
ـ إخباره صلى الله عليه وسلم عن شدتها: قال عليه الصلاة والسلام: «يكونُ بينَ يدَيِ الساعَةِ فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظلِمِ يُصبِحُ الرجُلُ مؤمِنًا ويُمسِي كافِرًا ويُصبِحُ كافِرًا ويُمسِي مؤمِنًا، يَبيعُ أقوامٌ دِينَهم بعَرَضٍ منَ الدُّنيا» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وقال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ» (متفق عليه).
ـ إخباره صلى الله عليه وسلم عن العام الذي تبدأ فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَدُورُ رَحَى الإِسْلامِ لِخَمْسٍ وَثَلاثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلاثِينَ أَوْ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ فَإِنْ يَهْلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينُهُمْ يَقُمْ لَهُمْ سَبْعِينَ عَامًا» (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
ـ الخلاص من الفتن يكون بالتزام هديه صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه: عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
فاللهم عافنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
سعيد محمود
- التصنيف:
- المصدر: