قِطعة قماش!

منذ 2014-08-13

إن مفهوم الحجاب كما أراه -وعلى نقيض ما يعتقد الكثيرون- جاء ليحرر المرأة ولا يقيّدها، يحررها من عبودية الشهوات والنظر إليها كمجرد (جسم) شكلي فارغ لا يشعر ولا يفكّر. أراد الله للمحجبة أن تؤدي دور (الكيان المُستقل) و(الأنثى المصونة) مقارنة مع (الكلأ المباح) الذي تمثله المرأة السافرة، فبالحجاب تحتكر المرأة أنوثتها وتمتلكها ولا تبددها في كل مكان وزمان، فبحجابها ينطوي سر أنوثة تهفو إليه الرجولة الغريبة فلا تنال منه إلا ما يتحقق من كرامة وصون لها كما أراد لها الله.


استوقفني ذلك المشهد، فتاة (محجبّة) تتبختر بلا حياء أو احتشام أمام المارة، تغطي ألوان التبرج ملامح عفتها وترتدي أحدث ما صاحت به دور الأزياء والموضة من ملابس ضيّقة فاضحة! ولكن الشهادة لله والحق يقال! تغطي رأسها بقطعة قماش برّاقة ملّونة، تلك التي بحضورها فقط تستحق لقب (محجبة)!

نظرتُ بأسف إلى تلك الفتاة مع (حجاب) لا يمت لمفهوم الشرع بِصلة ولا يعكس إلا نظرة ظاهرية خاطئة أبعد ما تكون عن فلسفة حجاب قُدسي راقٍ أراده لنا الله وأكرمنا به.كيف للحجاب وما يحمله من معانٍ عميقة تقوم على حفظ المرأة وصون عفافها أن يُهان وكأنه مجرد (زي) أو (قطعة قماش) سخيفة تلقى على الرأس؟ 

أحبُّ أن أطرح فلسفة حجابي وما تربطني به من علاقة خاصّة، تلك التي تجعلني أرتديه بكل فخر وشموخ وثقة، وأتنفسه عميقاً من شهيق معانٍ سامية تقدّر ما يحمله من ارتقاء بمكانة المرأة المسلمة وكرامتها، وطالما تمنيتُ لو تراها كل فتاة محجبة بذلك العمق والأهمية.

إن مفهوم الحجاب كما أراه -وعلى نقيض ما يعتقد الكثيرون- جاء ليحرر المرأة ولا يقيّدها، يحررها من عبودية الشهوات والنظر إليها كمجرد (جسم) شكلي فارغ لا يشعر ولا يفكّر. أراد الله للمحجبة أن تؤدي دور (الكيان المُستقل) و(الأنثى المصونة) مقارنة مع (الكلأ المباح) الذي تمثله المرأة السافرة، فبالحجاب تحتكر المرأة أنوثتها وتمتلكها ولا تبددها في كل مكان وزمان، فبحجابها ينطوي سر أنوثة تهفو إليه الرجولة الغريبة فلا تنال منه إلا ما يتحقق من كرامة وصون لها كما أراد لها الله.

فالأنثى كما أراها سلاح لا يناسبه الظهور والانكشاف بل أن ذلك يفقده معناه وجماله. فالمرأة تمثّل ذلك المخلوق الفريد الذي يتميز عن الرجل بكونه يجمع بين جانبين اثنين، الأول دوره الإنساني في إعمار الأرض وبناء الحياة المُشتركة مع الجنس الآخر وكل ما يتعلق بالأمر من علم المرأة وتربيتها وفكرها وإبداعها. والآخر، هو أنثوية المرأة الغريزية التي تجعلها تلك الزوجة الجميلة الجذابة في نظر زوجها والأم الرؤوم في نظر أبنائها.

فالحجاب كما أرى، أراد للمرأة أن تجمع بين الجانبين معاً، فلا تكون تلك المرأة المسترجلة العاملة التي تُكْبِتْ أنوثتها وتتشبه بالرجال، وفي الوقت نفسه لا تحوّل نفسها لإنسانة جاهلة تتشكل بين الأيادي ولا تُرى إلا من خلال الشهوات والغريزة، فإن ما يُصلح المجتمع هو المرأة التي يتكامل فيها الجانب العملي أو الوظيفي الحياتي مع الجانب الأنثوي أو الغريزي. 

فعندما تقف المرأة المُحجبة إلى جانب الرجل في دراستها كطالبة جامعية أكاديمية أو في عملها كطبيبة أو مربيّة مثلاً، فهي بذلك تزاحمه بإنسانيتها وكفاءتها وعقلها وليس بأنوثتها، وأنوثتها تظل ورقة مغطاة مدخرة لا تجود بها إلا في الإطار المشروع الذي يرضاه لها الله، بينما المرأة السافرة الفاتنة ترمي بجسدها في كل زاوية أمام العيون الجائعة على اختلاف مكرها وغدرها، لتعلن أنها بسفورها وشكلها تدفع بإنسانيتها وعقلها وفاعليتها في الحياة إلى الوراء وتدفنها في الأعماق، وذلك لأن صوت الغريزة والمتعة أقوى من صوت العقل والحرية والأخلاق.

ليتنا نعي سر الحجاب وأهميته وبأنه لا يمثّل مفهوم شكلي لمجرد غطاء رأس أو جسد، إنه يروي حكاية أنثى حييّة شجاعة مسؤولة ترفع لواء العفة عالياً وتبرز وتكنّز شخصيتها الأنثوية مع التشبث بأصالتها في ظلّ ما نعيشه من فتن. فهي بذلك تترفع عن مظاهر الغرب الزائفة وتلتف حول دينها الذي يجمع بين شرفها وعفتها وإنسانيتها وعلمها في وسط تيار جارف من شعارات برّاقة كاذبة.

 

أنصار توفيق وتد