العبودية - التفاضل بالإيمان (4)

منذ 2014-08-18

وكلما طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضرورته قويت عبوديته له وحريته مما سواه فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديته له فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه كما قيل استغن عمن شئت تكن نظيره وأفضل على من شئت تكن أميره واحتج إلى من شئت تكن أسيره فكذلك طمع العبد في ربه ورجاؤه له يوجب عبوديته له وإعراض قلبه عن الطلب من غير الله والرجاء له يوجب انصراف قلبه عن العبودية لله لا سيما من كان يرجو المخلوق ولا يرجو الخالق بحيث يكون قلبه معتمدا إما على رئاسته وجنوده وأتباعه ومماليكه وإما على أهله وأصدقائه وإما على أمواله وذخائره وإما على ساداته وكبرائه كمالكه وملكه وشيخه ومخدومه وغيرهم ممن هو قد مات أو يموت، قال تعالى: {وتوكل على الحى الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا}.

وكلما طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضرورته قويت عبوديته له وحريته مما سواه فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديته له فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه كما قيل استغن عمن شئت تكن نظيره وأفضل على من شئت تكن أميره واحتج إلى من شئت تكن أسيره فكذلك طمع العبد في ربه ورجاؤه له يوجب عبوديته له وإعراض قلبه عن الطلب من غير الله والرجاء له يوجب انصراف قلبه عن العبودية لله لا سيما من كان يرجو المخلوق ولا يرجو الخالق بحيث يكون قلبه معتمدا إما على رئاسته وجنوده وأتباعه ومماليكه وإما على أهله وأصدقائه وإما على أمواله وذخائره وإما على ساداته وكبرائه كمالكه وملكه وشيخه ومخدومه وغيرهم ممن هو قد مات أو يموت، قال تعالى: {وتوكل على الحى الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا}.

وكل من علق قلبه بالمخلوقات أن ينصروه أو يرزقوه أو أن يهدوه خضع قلبه لهم وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك وإن كان في الظاهر أميرا لهم مدبرا لهم متصرفا بهم فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له يبقى قلب أسيرا لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها لاسيما إذا درت بفقره إليها وعشقه لها وأنه لا يعتاض عنها بغيرها أنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور الذي لا يستطيع الخلاص منه بل أعظم فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن فإن من استعبد بدنه واسترق لا يبالي إذا كان قلبه متريحا من ذلك مطمئنا بل يمكنه الاحتيال في الخلاص وأما إذا كان القلب الذي هو الملك رقيقا مستعبدا متيما لغير الله هذا هو الذل والأسر المحض والعبودية لما استعبد القلب.
 

المقال السابق
التفاضل بالإيمان (3)
المقال التالي
التفاضل بالإيمان (5)