عمرو خالد فى السفارة الأمريكية؟!!

منذ 2008-07-19

لكن قمة المصائب التي جعلتني أضع يدي على وجهي أحاول إخفاء دموعي حزنًا، هي خبر زيارة عمرو خالد للسفارة الأمريكية واحتفالا بعيدهم المسمى عيد الاستقلال لا حول ولا قوة إلا بالله.


منذ مايقرب من أكثر من عشر سنوات كنت ألتمس الأعذار كثيرًا للأستاذ عمرو خالد، وعندما هاجمه إخواني السلفيين كنت أقول لهم أنه ربما مجتهد وأخطأ في الدعوة؛ أو ربما لقلة العلم ومع كثرة أخطائه كثر النقد الموجه له من كبار الدعاة والعلماء ومطالبتهم له بتصحيح أخطائه الفقهية والدعوية، ومنهم أستاذ الدعاة المعاصرين المحبوب وجدي غنيم الذي وجه له رسائل نصائح عديدة.

ولكنه لم يبالي مطلقًا فلم يستمع إلى أي نصيحة منه أو من غيره، ولم يصحح أي خطأ استدركه عليه العلماء.
وهنا توقفت عن التماس الأعذار خاصة بعد إصراره الشديد على الذهاب إلى الدنمارك رغم معارضة جمهور علماء الأمة، ولكنه لم يبالي وسافر إلى الذين سبّوا واستهزئوا بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأدركت هنا أن الرجل لايمشي على خطى الحبيب مطلقًا.

ومع تتبعي لحلقاته الفضائية ومعرفتي بما يدور فيها وجدت الرجل مغرم بالكاميرا والشهرة غرام العاشقين الذين لايبالون في سبيل المحب المعشوق ماذا يفعلون، ولايهتمون بنقد أو نصح وكل همهم في المحبوب الشهرة والكاميرات فقط.
وأذكر هنا مثال واحد عندما تم عرض رحلة حج بقيادته ومصورة مباشر على إحدى الفضائيات كيف كانت تُفتعل المشاهد في عبادة الحج، لتحقيق الغرض التصويري، وكيف أن الرجل لم يحلق شعره إمتثالاً لسنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كي يحافظ على صورته أمام الكاميرا!! واسألوا المختصين وغير ذلك كثير..

ورغم كل ذلك والأخبار التي تواردت عن ثروته الكبيرة التي جمعها من حلقات الفضائيات، والإعلانات، وتجارة المادة الدينية، إلا أنني كنت في نفسي أحاول التماس العذر له بحب الدنيا وهي آفة لا يسلم منها إلا المخلصين، وهم قلة في هذا الزمان، ولكن بعض إخواني كانوا لا يرون ذلك حبًا للدنيا فقط وكانوا يرونه مشروعًا خطيرًا تم توجيهه وبرمجة عمرو خالد على تفعيله في الفكر والمنهج الإسلامي. خاصة بعد احتفاء الغرب المعادي للإسلام به ولكني كنت أتوقف عند هذه النقطة فهي ليست بالأمر السهل أن يكون الدعاة أُلعُوبة في يد أعداء الإسلام، رغم أنه مخطط معروف للدعوة والدعاة إلا إنني كنت أشفق على عمرو خالد أن يكون من عملائه، وكنت أجادل وأدافع عنه حتى احتد علي أحد أصدقائي الشيوخ قائلًا: "ألم ترى مافعله بالحجاب الإسلامي؟ لقد ضيع معالمه وأركانه وجعله قطعة قماش ملونة على الرأس، وتفعل البنت ماتشاء فى جسدها إنه تبرج وأمركة للحجاب مقصودة!!".


حقًا إن عمرو خالد لم يترك لأي محامي ثغرة واحدة كي يدافع عنه، فهو يتفنن كل يوم في إغلاق ثغرات الدفاع ويُعرض عن كل الناصحين، البعض يقول غرورًا والآخر يقول عندًا!!

لكن قمة المصائب التي جعلتني أضع يدي على وجهي أحاول إخفاء دموعي حزنًا، هي خبر زيارة عمرو خالد للسفارة الأمريكية واحتفالا بعيدهم المسمى عيد الاستقلال لا حول ولا قوة إلا بالله.

لا أعرف بأي منطق ومبرر لبّى عمرو الدعوة فهو ليس موظفًا رسميًا كي يكون مقبولا التماس العذر له في الحضور لصفته الرسمية بل هو أمام الناس داعية إسلامي؟!
ولا أعرف هل ظن نفسه عمرو بن العاص الصحابي الجليل السياسي المحنك يفاوض باسم المسلمين أعدائهم !!!
ثم أي إنسان مسلم وأي داعية أنت يا عمرو!! أين الولاء والبراء والحب في الله والبغض في الله؟
ألم تسمع بما فعله الأمريكان؟!!
لقد احتلوا بلاد المسلمين واعتدوا على المدنيين العزل الأبرياء من المسلمين قتلًا، وذبحًا، وتدميرًا في العراق وأفغانستان حتى الصومال لم يرحموا شيخًا، ولا امراةً، ولا طفلًا. وفي فلسطين يدعمون اليهود بكل أنواع الدعم السلاح، والمال، والدعم السياسي.

ألم تسمع خطاب بوش في الكنيست عندما قال لليهود: "أنتم لستم سبعة ملايين بل ثلاثمائة وسبعة ملايين".
ثم هل تعني زيارتك قبولك للاحتلال وإعتراضك على المقاومة؟؟

وماذا تقول للأرامل، واليتامى، والثكالى، والأسرى، والمظلومين في بلاد المسلمين المحتلة، وهل هانت عليك دماء الشهداء؟

ثم عجبًا لك ألم تسمع مقولة بوش عندما أعلنها حربًا صليبية شن فيها حربًا على الإسلام ومناهج التعليم والجمعيات الخيرية الإسلامية؟

يا الله ألا يعرف قلبك الغيرة على محارم الله لقد اغتصب الأمريكان نساء المسلمين في العراق ألم تسمع بالعراقية المسلمة عبير الجنابي التي اغتصبها جندي أمريكي وقتلها وبرأته المحكمة الأمريكية!!


رحم الله الإمام ابن القيم حين قال في كتابه أعلام الموقعين: "وأيُّ دين، وأي خيرٍ فيمن يـــرى محارم الله تنتهــــك وحدوده تضيع وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس".

ولا أظن أنك ذهبت إلى السفارة الأمريكية كي تُنكر عليهم، وتعلن أمام الجميع إنكارك لجرائمهم وتفضحهم في سفارتهم لم يحدث هذا بالطبع.

ربما تظن أن حضورك يدل على سماحة الإسلام بئس الظن، فالإسلام كله عدل وإنصاف، ويسر وسماحة، ولكن الإسلام لايقبل الذل ولايرضى بمودة المعاندين المحاربين لله ورسوله الملطخة أيديهم بدماء المسلمين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1]، قال الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]، وقال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ} [المجادلة: 22].

ثم ياعمرو أذكرك بقول الحق: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]، أين أنت في تلك الآية، إنك من أتباع الحبيب محمد وأتباعه أشداء على الكفارالذين يقاتلون المسلمين ظلمًا وعدوانًا فهل زيارتك شّدة على المعتدين الظالمين للأسف إنها مودة وإن قلت دبلوماسية قلت لك إن الإسلام عرّفها أنها مداهنة والعياذ بالله.

وللعلماء في تفسير هذه الآيات كلام كثير وخطير في حكم من يفعل ذلك، لم أذكره لأنني أردت التذكرة فقط وكل أملي أن يفيق عمرو خالد من سكرته. فعندي من المعلومات والحقائق المؤسفة الكثير ولكن ليس هذا مرادي وأتمنى من محبي عمرو أن يهتموا بنصحه، ولا يشغلهم التعصب له عن إتباع الحق. فأخشى ما أخشاه أن تكون الزيارة القادمة لعمرو خالد لسفارة العدو اليهودي الصهيوني، فسفارة أمريكا أسوأ من سفارة العدو الصهيوني وكلاهما مجرمين فاليهود احتلوا فلسطين والأمريكان احتلوا العراق وأفغانستان والصومال بقناع أثيوبي وأيضًا فلسطين بقناع يهودي صهيوني.

هداك الله يا عمرو.


ويبقى أن الداعية المحبوب الأستاذ وجدي غنيم يتعرض لمحنة أخرى بعد قرار ترحيله من جنوب أفريقيا، ادعوا له بالثبات فهو حقًا من أئمة الدعوة المعاصرين، ومن النخبة الإسلامية المخلصة.
ولو شاء لمكث في مصر أو أي بلد عربي يداهن، وينافق ولكن إخلاصه أبى إلا الهجرة لله.
ثبته الله على الحق وجمعنا الله وإياه في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في الفردوس الأعلى.

وأخيرًا إن واقعنا المؤلم ليس بسبب الاستبداد والقهر فحسب، ولكن والله من فساد ونفاق بعض من يظنهم الناس نخبة. وحقًا لا يجتمع ويأتلف الظالمين مع المخلصين أبدًا إلا إذا تغير وفسد المخلصين.


ممدوح إسماعيل محام وكاتب
elsharia5@hotmail.com








المصدر: طريق الإسلام