ثمّ صفعات على خفيف
من كفر الثنتين والسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان، مع أن حديث الثنتين والسبعين فرقة ليس في الصحيحين، وقد ضعفه ابن حزم وغيره لكن حسنه غيره أو صححه، كما صححه الحاكم وغيره، وقد رواه أهل السنن، وروي من طرق.
"هذا مع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم في الأحاديث الصحيحة، وما روي من أنهم: «
» (في الحديث الذي رواه أبو أمامة، رواه الترمذي وغيره).أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم، فإنهم لم يكن أحد شرًا على المسلمين منهم (لا اليهود ولا النصارى)، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم، مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفرين لهم، وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة.
ومع هذا فالصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان لم يكفروهم، ولا جعلوهم مرتدين، ولا اعتدوا عليهم بقول ولا فعل، بل اتقوا الله فيهم، وساروا فيهم السيرة العادلة، وهكذا سائر فرق أهل البدع والأهواء من الشيعة والمعتزلة، وغيرهم..
فمن كفر الثنتين والسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان، مع أن حديث الثنتين والسبعين فرقة ليس في الصحيحين، وقد ضعفه ابن حزم وغيره لكن حسنه غيره أو صححه، كما صححه الحاكم وغيره، وقد رواه أهل السنن، وروي من طرق.
وليس قوله: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء:10]، وقوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء:30]، وأمثال ذلك من النصوص الصريحة بدخول من فعل ذلك النار" (اهـ)، (ابن تيمية، منهاج السّنّة).
» بأعظم من قوله تعالى: {وفيه:
1- نصّ الشّيخ على كون الخوارج شرّا من الكفّار الأصليّين، من جهة فسادهم واستحلالهم قتل المسلمين ونهب أموالهم وقتل الذّرّيّة، بل وتديّنهم به واجتهادهم في ذلك.
2- نصّ الشّيخ على الخلاف في حديث الفرق، مع كونه يرى صحّته.. على خلاف هذا الّذي يقرّره من لا دراية لهم بالحديث ولا بأقوال الشّيخ ممّن هم يتبنّونه وينتحلونه.
3- نصّ الشّيخ على عقيدته في الفرق النّاريّة وأنّه لا يحكم لهم بالنّار، واستدلّ له بقياس الأولى، وفيه جواب على الغلاة المنتسبين إليه، والكذبة الّذين يدّعون عليه زورًا ما هو أبرأ النّاس منه.
4- فيه عدّه للمعتزلة والشّيعة من هذه الفرق، وردّ لدعوى من زعم تكفيره لهم -مع أنّ له أصرح من هذا في هذا الباب- من المنتحلين له والمعادين له.
5- فيه إشارة لطيفة تبيّن علوّ كعب الشّيخ في الحديث في قوله: "ليس في الصّحيحين" يدركها من عرف مسالك النّقّاد، ولا تعدم جهلّا يعترض عليها بالجهل والتّعالم.
6- وفيه اشتراط العدل عند قتالهم كما سار عليّ والصّحابة فيهم، إذ العدل مطلوب مع كلّ أحد، فلا نكفّر من كفّرنا ولا يقابل الظّلم بالظّلم.
ربّ يسّر وأعن!
كمال المرزوقي
رئيس جامعة الإمام مالك للعلوم الشّرعيّة بتونس.
- التصنيف: