الهمّ في الإسلام - بين الغفلة والتغافل

منذ 2014-09-17

قد يكون الإنسان أعمى وأصم ومجنونا ، وقد يتعمد إفساد سمعه وبصره وعقله بالتغافل عن ما يراه وما يسمعه وما يعقله ، فما يرد في القرآن من عبارات تدل على غياب السمع والبصر والعقل يقصد بها التغافل والتجاهل.

ـ الفرق بين الغفلة والتغافل (الفرق بين الجهل والتجاهل): 
ـ الغفلة ( الجهل ) إما أن تكون خارجة عن إرادة الإنسان فلم يصل الأمر إلى علمه أو تكون غفلة متعمدة (جهل متعمد) ، والغفلة المتعمدة (الجهل المتعمد) يسمى بالتغافل (التجاهل) فهو الذي أنزل نفسه منزلة الغافل (الجاهل بالأمر) ، والغفلة المذكورة في آيات القرآن والمرتبطة بالله والآخرة المقصود بها الغفلة المتعمدة ، لأن الغفلة (الجهل) الخارجة عن إرادة الإنسان تجعل الإنسان غير مكلف والإنسان معذور بها ولا ذنب عليه.
ـ وكذلك عبارات النسيان وغياب العلم الواردة في القرآن يقصد بها التناسي والتغافل والتجاهل أي النسيان المتعمد والجهل المتعمد.

ـ وكذلك قد يكون الإنسان أعمى وأصم ومجنونا ، وقد يتعمد إفساد سمعه وبصره وعقله بالتغافل عن ما يراه وما يسمعه وما يعقله ، فما يرد في القرآن من عبارات تدل على غياب السمع والبصر والعقل يقصد بها التغافل والتجاهل.


ـ أين الخلل ؟
ـ الدين بتعبير بسيط عبارة عن معلومات بين متحدث ومستمع ، والخلل إما أن يكون عند المتحدث أو في المعلومات نفسها أو عند المستمع ، المتحدث ربما أنه لم يشرح الأمر ويوضحه للمستمع ، وهذا غير حاصل لأن القرآن بلغة عربية واضحة وشرح الأمر بوضوح تام ، المعلومات ربما أنها غير صحيحة فلا يقتنع بها الإنسان ، وهذا غير حاصل فالقرآن والرسل جاءت بالأدلة الواضحة على صدق ما يقولونه ، إذن فالخلل عند المستمع ، والخلل عند المستمع هو أحد احتمالين هما:

  1. هو أصم لا يسمع وأعمى لا يرى فلم تصل إليه المعلومات أو لا يعقل فهو مجنون ، وهو عندئذ غير مكلف لأن هذه الأمور خارجة عن إرادته.
  2. يتغافل عن الأمر.

ـ فأصل القضية ليست في أن نوضح ونشرح أمور الإسلام وليست في أن نقنع الناس بها ، ولكن أصل القضية هو إخراج الناس من التجاهل والتغافل والتعامي والتناسي إلى التصور للخطر الذي هم مقبلون عليه ( الآخرة ) .

ـ أسباب فشل التعامل مع المعلومة :

  1. الصمم والعمى : فلم يستقبل المعلومة ولم يسمع عنها.
  2. الجنون : فلا يفهم المعلومة ولا يوقن بها.
  3. التغافل : لم يشغل همه بتصور قيمة المعلومة.

ـ الناس بالنسبة للسمع والبصر ثلاثة أصناف:

  1. لا يسمعون ولا يبصرون غير مكلفين : وهؤلاء حدث لهم خلل عضوي في السمع والبصر فلا يصل إلى سمعهم دعوة الرسل ولا يرون شيئا لمرض أصابهم مثلا .
  2. لا يسمعون ولا يبصرون مكلفين : وهؤلاء أفسدوا سمعهم وبصرهم بعدم تصور ما يسمعونه ويبصرونه فأصبح سمعهم وبصرهم بلا قيمة ، فهم لا ينتفعون بسمعهم وبصرهم ، فما الفائدة من أن يسمع الإنسان الشيء أو يراه ثم هو لا يتصور قيمته ، وهؤلاء هم الذين عطلوا سمعهم وبصرهم فأصبحوا بذلك إما منافقين أو كفار ، ووجود سمعهم وبصرهم مهملا حجة عليهم.
  3.  يسمعون ويبصرون مكلفين : وهؤلاء هم الذين لم يعطلوا سمعهم وبصرهم وهؤلاء هم المؤمنين.

- فمن قال أنه بلغته دعوة الرسل وسمع منهم عن وجود الآخرة وهو يتناساها ولا يشعر لها بقيمة في نظره فهو كذاب وحقيقة أمره أنه لم يسمع عن الآخرة لأنه لم ينتفع بسمعه ، فهو عطل سمعه عن معرفة الآخرة.


ـ وكذلك فالناس بالنسبة للعقل ثلاثة أصناف : 

  1. لا يعقلون غير مكلفين : وهؤلاء حدث لهم خلل عضوي في العقل لمرض أصابهم مثلا .
  2. لا يعقلون مكلفين : وهؤلاء أفسدوا عقولهم بعدم تصور ما يعقلونه فأصبحت عقولهم بلا قيمة ، فهم لا ينتفعون بعقولهم ، فما الفائدة من أن يعقل الإنسان الشيء ثم هو لا يتصور قيمته ، وهؤلاء هم الذين عطلوا عقولهم فأصبحوا بذلك إما منافقين أو كفار ، ووجود العقل مهملا حجة عليهم.
  3. يعقلون مكلفين : وهؤلاء هم العقلاء الذين لم يعطلوا عقولهم وهؤلاء هم المؤمنين.
     

حسني البشبيشي

باحث إسلامي

المقال السابق
الغفلة عن الله والآخرة
المقال التالي
اليقين الكاذب (اليقين مع التغافل):