كُنْ سلفي العقيدة تسلَم!
يقول الإمام الغزالي رحمه الله: "قِس عقيدة أهل الصلاح والتُّقى من عوام الناس بعقيدة المتكلمين والمجادلين، فترى اعتقاد العامي في الثبات كالطود الشامخ لا تُحرِّكه الدواهي والصواعق، وعقيدة المُتكلِّم الحارس اعتقاده بتقسيمات الجدل كخيطٍ مرسل في الهواء تفيئه الرياح مرة هكذا ومرة هكذاْ"...
كانت العقيدة السلفية -ولا تزال، وستبقى- عقيدة سمحة سهلة.. ليس فيها تعقيدات المتكلمين، ولا جفوة المتفلسفين.. فقواعدها قواعد الكتاب والسنة، ومنهجها طريقة سلف الأمة.. قال الله تعالى.. قال النبي صىلى الله عليه وسلم.. قال السلف.. خِلافًا لقواعد الخلف التي أتعبت أصحابها، وأضلت أتباعها.. ابتدعوا بها لأنفسهم عقيدة من نظرية يونانية.. فتكلموا عن الجوهر والعرض.. ثم زعموا أن من لم يستدل على وجود الله عن طريقة إثبات العرض ثم الجوهر ففي إيمانه دخن ودخل.. وفاتهم أن القرآن والسنة خاطبًا الناس على فطرتهم.. فاستدل الأعرابي بالأثر على صاحبه.. وبالفعل على فاعله.. ولذلك فبعض عوام المسلمين آمن على دينه من أكثر المتكلمين من المعتزلة والكلابية والأشاعرة والماتريدية..
أفلا يسعنا ما وسع الصحابة الكرام أهل العلم والإيمان؟! بلا ونحن على ممهيعهم سالكون.
وأما الرد على الخصوم فطريقة القرآن أسلم وأعلم.. وعليها بنى الإمام أحمد رحمه الله رده على الجهمية.. فمنطق القرآن أعلا وأكمل.. فلا يدانيه منطق بني يونان ولو بجزءٍ لا يتجزأ!
ففي القرآن من أنواع الأقيسة وأشكالها، وطرق الاستدلال باللوازم وأنواعها ما يفي ويكفي.. ولكن المتكلمين لا يفقهون.
ومن قبائح نظريات المتكلمين قولهم بأن العرض لا يستمر على الجوهر زمانين.. أي أن الصفة لا تكون على الموصوف على سبيل الدوام.. بل ترتفع عنها فيخلو الموصوف عن الصفة ثم ترجع إليه.. مِرارًا وتكرارًا.. ومن لوازم هذه النظرية أن الحياة وهي صفة في الإنسان.. ترتفع عنه مِرارًا ثم تعود.. فيموت ويحيى ويموت ويحيى ويموت ويحيى ويموت ويحيى وهكذا.. فأي عقيدة هذه التي تُفسِد الفطرة، وتسلب العبد استقرار عقله وإيمانه.
عليكم إخواني وأخواتي بعقائد العجائز..
فالمسلمون بملايينهم لا يعرفون لا أشعرية ولا معتزلية.. إنما يعرفون الفطرة والوحي.. على طريقة السلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وباقي الصحب والأئمة رضي الله عنهم.. فلم نسمع عن أحد منهم تأويلًا ولا تعطيلًا ولا تكلُّفًا في شيء.
واسمع أبا حامد الغزالي الأشعري يقول: "قِسْ عقيدة أهل الصلاح والتقى من عوام الناس بعقيدة المتكلمين والمجادلين، فترى اعتقاد العامي في الثبات كالطود الشامخ لا تُحرِّكه الدواهي والصواعق، وعقيدة المُتكلِّم الحارس اعتقاده بتقسيمات الجدل كخيطٍ مُرسل في الهواء تفيئه الرياح مرةً هكذا.. ومرةً هكذا" (الإحياء: [1/132]).
ثم يُفصِّل القول في مضرته ومنفعته.. فيقول:
أما مضرته: فإثارة الشبهات، وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم والتصميم.. فهذا ضرره في الاعتقاد الحق..
أما منفعته فقد يظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه، وهيهات، فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف، ولعل التخبيط والتضليل فيه أكثر من الكشف والتعريف" (الإحياء: [1/136]).
وله رحمه الله كلام مثل هذا.. يُرجى مراجعته..
وشهد شاهد من أهلها.
فكُنْ سلفي العقيدة تسلَم وتهنأ.. مطمئنًا إلى عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين.. لا تبغي بها بديلًا.. ولا ترجو عنها تحويلًا.. فتلقى الله بقلبٍ سليم.
ولي عودة إلى مثل هذا -إن شاء الله- معًا لنصرة العقيدة السلفية.. عقيدة السلف الصالحين والأئمة المتبعين.
طارق الحمودي