غروب شمس الداعية المجاهد حسن أيوب
منذ 2008-07-30
نعم... نحن في وقت الغروب المشتبك مع الليل والذي تختلط فيه الأشكال والأصوات، وإن كان والحمد لله مازال للبقية المخلصة من دعاة الحق نور يهتدي به الحيارى في الظلمات رغم أنف ظلمة الظالمين وارتفاع صوت المدّعين...
بينما كنت يوم الخميس 17يوليو مشغولاً بتحضير مقالي وكانت فكرته الأساسية عن انقلاب يوليو وخاصة ما فعله انقلاب يوليو بالدعاة والدعوة الإسلامية فى مصر فوجئت بخبر يأتيني عبر البريد الألكتروني: "لقد توفى اليوم الداعية حسن أيوب رحمه الله عن تسعين عامًا".
فهيج الخبر في نفسي دمعة انسابت حزناً على رحيل هذا الداعية المجاهد العظيم وكأني أشهد غروب شمس الدعوة في مصر... وسرعان ما سرحت بخاطري إلى الوراء سنوات عديدة عندما سمعت أول شريط كاسيت للشيخ حسن أيوب رحمه الله وكنت في الثانوية العامة ولم أكن سمعت به مطلقاً فأعجبني مادة الشريط جداً وقلت لمن أهداني الشريط: "من هذا الأخ المتحمس؟"، فضحك صديقي وقال: "ربما تظنه شاب؟"،اً فقلت بسرعة: "نعم وهل هو رجل كبير؟"، فضحك مرة ثانية وقال لي: "نعم، إنه شيخ في الستين من عمره تقريباً"، فقلت: "يالله، كل هذا الحماس والقوة وشيخ كبير ماشاء الله".
وتوالى سماعي لشرائط الداعية المجاهد حسن أيوب فلم أعرفه مطلقاً إلا عبر شرائط الكاسيت داعياً مخلصاً صادقاً ربّانياً.
ورحمه الله بلغت عدد شرائطه المسجلة حوالي ألف شريط وهو خريج جامعة الأزهر كلية أصول الدين في نهاية الأربعينات وله العديد من المؤلفات في الفقه والسيرة وعلوم القرآن والأخلاق والحديث وله مؤلف عظيم عنوانه الموسوعة الإسلامية الميسرة.
واعتقل الشيخ حسن أيوب رحمه الله عشرين عاماً ظلماً في عهد انقلاب يوليو، صاحب التاريخ الأسود فى اعتقال الدعاة وغلق أبواب الدعوة في مصر... تخيلوا: عشرون عامًا لداعية وليس عشرين يوماً أو عشرين شهراً.
ورحل قبل أن يحتفلوا بمرور56 عام على 23 يوليو منها عشرون عاما قضاها في ضيافة سجون يوليو.
وهكذا بفضل الله لن يستطيع الظالمون أن يطفئوا نور الله.
فالشيخ حسن أيوب خرج من السجن قويًا صامداً صابراً محتسباً مؤمناً برسالته وحق الدعوة عليه فلم ينكص على عقبيه ولم يتراجع ولم يدخل إلى داخل الحيط ويقول لن أتكلم فى السياسة ولن ولن، وستكون دعوتي في الأخلاق فقط كالدعوة للبوذية والنصرانية.
وعندما وجد باب الدعوة مغلقا في مصر سافر خارج مصر وجاهد بدعوته، وكان حقاً الداعية المجاهد.
ولم يكن طريق دعوته في الغربة ممهدًا كما يظن البعض، فقد اعترض طريق دعوته عقبات فتغلب عليها بصدقه في دعوته، ولم يأكل على موائد السلاطين ولم ينافق وجهر بكلمة الحق في كل مكان ذهب إليه، وكان صوته الصادق القوي المتحمس للحق ولدعوة الاسلام يَدُلُكَ على معدن هذا الداعية المجاهد الذي كان يتحدث في الإسلام وعن الإسلام بشموله، ولايختار طريقاً واحداً في الدعوة خوفاً من السير في الطرق الوعرة كجهاد أعداء الإسلام في فلسطين وأفغانستان.
لذلك ليس غريبًا أن يكون تلميذه وثمرة من ثمراته عندما كان في الكويت يدعو إلى سبيل الله خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، نعم.. فحسن أيوب كان رحمه الله شجرة عظيمة النفع والخير لأمة الإسلام وتلاميذه لاحصر لهم في شتى مجالات الخير والنفع للإسلام والمسلمين.
وليس غريباً أن يقول الداعية الكويتي الشيخ أحمد القطان: "أنا حسنة من حسنات حسن أيوب فقد تبت على يديه واهتديت".
أين فسيفساء بعض دعاة الفضائيات من ذلك النموذج العظيم للدعاة، شتان بين شجر النخيل وشجر التين الشوكي... كلاهما شجر وكلاهما ينبت وكلاهما يقفان على أرض واحدة، ولكن شتان بين الشجرتين وشتان بين ثمرتهما وفوائدهما، وهكذا الفرق الواسع بين ثمار الدعاة المخلصين كالشيخ حسن ايوب وكشك وإبراهيم عزت وعبد الرشيد صقر وصلاح أبو اسماعيل ومصطفى درويش ومشتهري وعبد الوهاب فايد وصفوت نور الدين رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة وجزاهم خيرًا عن الإسلام والمسلمين، وغيرهم كالشيخ المحلاوي وممن سار على دربهم.
إنهم كشجر النخيل المثمر كله فوائد وفي كل بلد إسلامي عرف المسلمون دعاة صادقين كانوا كشجر النخيل كلهم فوائد بفضل الله "والله أعلم حيث يجعل رسالته".
وبعض دعاة الفضائيات اليوم كثير منهم كشجر التين الشوكي قريب من الأرض لتعلقهم بالمادة والشهرة والناس والإعلام والمعجبين، فهم كشجر التين الشوكي قريب من الأرض لايمكن أن يسمو إلى السماء كالنخيل، وثمارهم من المعجبين ملمسها كله شوك وثمرته كلها حصى وفوائدها قليلة بل نادرة، فالخير فيهم قليل لأن الأصل لم يقف على أرض ثابتة من إتباع الكتاب والسنّة، ولم يسمو عن حب الدنيا الذي هو الداء اللعين للدعاة إن إبتلوا به سقطوا وسقطت دعوتهم....
نعم... غربت شمس الدعوة برحيل حسن أيوب وكشك وغيره من المخلصين والتضييق على البقية المخلصة.
نعم... نحن في وقت الغروب المشتبك مع الليل والذي تختلط فيه الأشكال والأصوات، وإن كان والحمد لله مازال للبقية المخلصة من دعاة الحق نور يهتدي به الحيارى في الظلمات رغم أنف ظلمة الظالمين وارتفاع صوت المدّعين.
وأخيراً... رحم الله الشيخ الحبيب الداعية المجاهد حسن أيوب رحمة واسعة وكل دعاة المسلمين أصحاب الخير والفضل في الدعوة بفضل الله وجمعنا الله وإياهم في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
ممدوح إسماعيل محام وكاتب elsharia5@hotmail.com
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
- التصنيف: