ما وراء الحرب الروسية الجورجيـة
منذ 2008-08-13
"هذا عدوان روسي مكشوف جداً.. ونحن في وضع
الدفاع عن النفس ضد جار كبير وقوي، ونحن بلد يقل عدد سكانه عن خمسة
ملايين وطبعاً قواتنا لا تقارن" (بالقوات الروسية) ، واعتبر ساكاشفيلي
انه "إذا لم يعاقبوا (الروس) على ما يحصل في جورجيا، فإن العالم أجمع
سيواجه مشاكل "
هكذا صرخ الرئيس الجورجي ساكاشفيلي على قناة أمريكية يستنجد ، وبالمقابل جاءه الرد الأمريكي بأن أعلن مسؤولون كبار في البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) ، أن القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة في جورجيا ، لا دخل لها إطلاقا في النزاع الجاري بين جورجيا وروسيا!
ولاريب أنَّ أمريكا لم تعد في حالة قادرة على الدفاع عن جورجيا ، وهي غارقة في مستنقع أطماعها في بحيرة النفط الخليجية.
الحرب التي تدور اليوم رحاها بعنف بين روسيا وجورجيا ، هي في الحقيقة ، حرب بين الغرب وروسيا ، وبهذا تردّ روسيا على أطماع أمريكا التي وصلت إلى حدودها ، وحطّـت رحالها في جمهوريات تكتسب أهميتها في نظر الغرب بكونها تحتوي على النفط ، أو واقعـة في طريق أنابيبه ، فحسـب.
كما أن روسيـا أيضا تنتقـم بسبب ما فعله الغرب في تركتها في وسط أوربا ، عندما كَنَـس الغرب بقيادة أمريكا ، ما تبقى من مخلفات الإتحاد السوفيتي فيما كان يسمى يوغسلافيا السابقة ، واتخذت أمريكا من القرارات الدولية غطاء لتحجيم صربيا الأرثوذكسية ، والقضاء على النفوذ الروسي .
ولهذا السبب فقط ، دافع الغرب عن مسلمي البوسنة والهرسك تلك الأيـام ، وغض الغرب بقيادة أمريكا الطرف ، عن الجهاد الإسلامي هنـاك ، فقـد كان المجاهدون المواجهون لأطماع صربيا الموالية لروسيا في التسعينات ، كالمستكملين لدور الجهاد الإسلامي الذي واجه أطماع الإتحاد السوفيتي السابق في أفغانســتان في الثمانينات.
فأولئك استطاعوا بعون الله إنزال هزيمة ساحقة بالإتحاد السوفيتي فيما أدى إلى تفكّكه ، وهؤلاء قاتلوا ما تبقى من نفوذ روسيا في وسط أوربا ، ذلك النفوذ الذي بقى شوكة في خاصرة حلف الناتو ، فقرر إنهاء كل ما له علاقة بروسيا في أوربا كله .
ولهذا السبب أيضا صدرت (الفتاوى السلطانية ) بدعم جهاد المجاهدين الأفغان ، ثـمّ المجاهدين في البوسنة ، وعُـدُّوا آنذاك أبطالا .
ثم لما قام هؤلاء المجاهدون بجهاد الأطماع الغربية التي تستهدف أمتنا ، وجميع مقدساتهـا ، حتـّى غدت تلاحق اليوم جمعيات تحفيظ القرآن ، وهيئات الإغاثة وإطعام الأيتام في بلادنا ، وتتهـم كلّ من يدعو إلى مواجهة تلك الأطماع من علماءنا ، ودعاتنا بالإرهاب ، والتطرّف .
لما قام هؤلاء المجاهدون بواجبهـم ، انقلبت تلك (الفتاوى السلطانية ) إلى الضـدّ تماما ، وأصبح الجهاد إرهابا ، والمجاهدون متطرفين !!
ولاريب أنه لو كان ثمة مسلمون في جورجيا يقاتلون روسيا هذه الساعة ، لأصبح جهادهم مشروعا ، ولغـدا التبرع لهم عملا صالحا ، ونصرتهم قربة إلى الله تعالى !
كانت جورجيا عبر التاريخ ، مملكة نصرانيـة يتنازعها الصفيون ، والعثمانيون ، حتى ضمتها روسيا عام 1801 ، وبعد إعلان استقلالها عام 1918، احتل الجيش الأحمر جورجيا عام 1921 ثم باتت جزءا من الاتحاد السوفيتي .
ومنذ الاستقلال في 1991، انشقت عنها منطقتا أوسيتيا الجنوبية ، وأبخازيا ، وطالبتا بالانضمام إلى روسيا وباتتا دولتين مستقلتين بحكم الامر الواقع ، وتتهم جورجيا القوات الروسية بدعمهما.
وفي تموز/يوليو 2006 تم تدشين أنبوب النفط "بي تي سي"، باكو تبيليسي جيهان، الذي يربط اذربيجان بتركيا عبر جورجيا.
ومع أن جورجيا أصبحت عضوا في مجلس أوروبا منذ اغسطس 1999 ، وتتطلع للإنضمام للاتحاد الاوروبي ، ولحلف شمال الاطلسي ، وثمة اتفاقات شراكة وتعاون وقعت مع الاتحاد الاوروبي عام ،1996 ودخلت حيز التطبيق في تموز/يوليو 1999،غير أنها لاتزال نسبة الفقر كبيرة ، والعدالة الإجتماعية معدومة ، ولهذا أصيب الناس الذي ظنوا أن اندفاعهم نحو الغرب سيفتح لهم أبواب النعيم ، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة.
هكذا صرخ الرئيس الجورجي ساكاشفيلي على قناة أمريكية يستنجد ، وبالمقابل جاءه الرد الأمريكي بأن أعلن مسؤولون كبار في البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) ، أن القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة في جورجيا ، لا دخل لها إطلاقا في النزاع الجاري بين جورجيا وروسيا!
ولاريب أنَّ أمريكا لم تعد في حالة قادرة على الدفاع عن جورجيا ، وهي غارقة في مستنقع أطماعها في بحيرة النفط الخليجية.
الحرب التي تدور اليوم رحاها بعنف بين روسيا وجورجيا ، هي في الحقيقة ، حرب بين الغرب وروسيا ، وبهذا تردّ روسيا على أطماع أمريكا التي وصلت إلى حدودها ، وحطّـت رحالها في جمهوريات تكتسب أهميتها في نظر الغرب بكونها تحتوي على النفط ، أو واقعـة في طريق أنابيبه ، فحسـب.
كما أن روسيـا أيضا تنتقـم بسبب ما فعله الغرب في تركتها في وسط أوربا ، عندما كَنَـس الغرب بقيادة أمريكا ، ما تبقى من مخلفات الإتحاد السوفيتي فيما كان يسمى يوغسلافيا السابقة ، واتخذت أمريكا من القرارات الدولية غطاء لتحجيم صربيا الأرثوذكسية ، والقضاء على النفوذ الروسي .
ولهذا السبب فقط ، دافع الغرب عن مسلمي البوسنة والهرسك تلك الأيـام ، وغض الغرب بقيادة أمريكا الطرف ، عن الجهاد الإسلامي هنـاك ، فقـد كان المجاهدون المواجهون لأطماع صربيا الموالية لروسيا في التسعينات ، كالمستكملين لدور الجهاد الإسلامي الذي واجه أطماع الإتحاد السوفيتي السابق في أفغانســتان في الثمانينات.
فأولئك استطاعوا بعون الله إنزال هزيمة ساحقة بالإتحاد السوفيتي فيما أدى إلى تفكّكه ، وهؤلاء قاتلوا ما تبقى من نفوذ روسيا في وسط أوربا ، ذلك النفوذ الذي بقى شوكة في خاصرة حلف الناتو ، فقرر إنهاء كل ما له علاقة بروسيا في أوربا كله .
ولهذا السبب أيضا صدرت (الفتاوى السلطانية ) بدعم جهاد المجاهدين الأفغان ، ثـمّ المجاهدين في البوسنة ، وعُـدُّوا آنذاك أبطالا .
ثم لما قام هؤلاء المجاهدون بجهاد الأطماع الغربية التي تستهدف أمتنا ، وجميع مقدساتهـا ، حتـّى غدت تلاحق اليوم جمعيات تحفيظ القرآن ، وهيئات الإغاثة وإطعام الأيتام في بلادنا ، وتتهـم كلّ من يدعو إلى مواجهة تلك الأطماع من علماءنا ، ودعاتنا بالإرهاب ، والتطرّف .
لما قام هؤلاء المجاهدون بواجبهـم ، انقلبت تلك (الفتاوى السلطانية ) إلى الضـدّ تماما ، وأصبح الجهاد إرهابا ، والمجاهدون متطرفين !!
ولاريب أنه لو كان ثمة مسلمون في جورجيا يقاتلون روسيا هذه الساعة ، لأصبح جهادهم مشروعا ، ولغـدا التبرع لهم عملا صالحا ، ونصرتهم قربة إلى الله تعالى !
كانت جورجيا عبر التاريخ ، مملكة نصرانيـة يتنازعها الصفيون ، والعثمانيون ، حتى ضمتها روسيا عام 1801 ، وبعد إعلان استقلالها عام 1918، احتل الجيش الأحمر جورجيا عام 1921 ثم باتت جزءا من الاتحاد السوفيتي .
ومنذ الاستقلال في 1991، انشقت عنها منطقتا أوسيتيا الجنوبية ، وأبخازيا ، وطالبتا بالانضمام إلى روسيا وباتتا دولتين مستقلتين بحكم الامر الواقع ، وتتهم جورجيا القوات الروسية بدعمهما.
وفي تموز/يوليو 2006 تم تدشين أنبوب النفط "بي تي سي"، باكو تبيليسي جيهان، الذي يربط اذربيجان بتركيا عبر جورجيا.
ومع أن جورجيا أصبحت عضوا في مجلس أوروبا منذ اغسطس 1999 ، وتتطلع للإنضمام للاتحاد الاوروبي ، ولحلف شمال الاطلسي ، وثمة اتفاقات شراكة وتعاون وقعت مع الاتحاد الاوروبي عام ،1996 ودخلت حيز التطبيق في تموز/يوليو 1999،غير أنها لاتزال نسبة الفقر كبيرة ، والعدالة الإجتماعية معدومة ، ولهذا أصيب الناس الذي ظنوا أن اندفاعهم نحو الغرب سيفتح لهم أبواب النعيم ، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة.
في مايو عام 2006م ، كتبت "نيويورك تايمز"
مقالا جاء فيه : "إن طعن روسيا ومغازلة جيرانها اللاديمقراطيين في
الوقت ذاته، يربك رسالة أمريكا، خاصة وأن ذلك يتم على يد نائب رئيس
عُـرف بارتباطاته بمصالح النفط" .
وكان هذا تعليقها على زيارة لتشيني إلى ليتوانيا ، ألقى فيها كلمة أمام مؤتمر لقادة من دول البلطيق ، والبحر الأسود، تحرش في تلك الكلمة بروسيا ، وأشار إلى أن الغرب يهمين على ما حولها ، فعـدَّه العديدون تأريخاً لحرب باردة جديدة بين روسيا وأمريكا.
ولاشك أن الحرب عادت من جديد ، ولكنها حرب نفطية بإمتياز .
وقد سجلت فيها أمريكا أكبر جولة نصر على روسيا ، في ديسمبر 2001،بإحتلالها أفغانسـتان ، ولهذا أعلن الرئيس بوش انسحاب أمريكا بشكل مُـنفرد من معاهدة حظر الدفاع ضد الصواريخ (أي. بي. ام) ، فور إحتلاله أفغانستـان .
وكان هذا تعليقها على زيارة لتشيني إلى ليتوانيا ، ألقى فيها كلمة أمام مؤتمر لقادة من دول البلطيق ، والبحر الأسود، تحرش في تلك الكلمة بروسيا ، وأشار إلى أن الغرب يهمين على ما حولها ، فعـدَّه العديدون تأريخاً لحرب باردة جديدة بين روسيا وأمريكا.
ولاشك أن الحرب عادت من جديد ، ولكنها حرب نفطية بإمتياز .
وقد سجلت فيها أمريكا أكبر جولة نصر على روسيا ، في ديسمبر 2001،بإحتلالها أفغانسـتان ، ولهذا أعلن الرئيس بوش انسحاب أمريكا بشكل مُـنفرد من معاهدة حظر الدفاع ضد الصواريخ (أي. بي. ام) ، فور إحتلاله أفغانستـان .
وقد بدا بوتين حزينا ، ومصدوما ، بعد هذا
الإعلان ، ولم يكن يدرك بعـد ، أن ما سيصيبه من الغـمّ ، والخوف أكبر
بكثيـر ، عندما يعلـم أن سبب الألغاء هو أن الدرع الدفاعي الصاروخي ،
الذي يتطلب بناؤه إلغاء تلك المعاهدة ، سيكون أكبر تهديد لروسيا ، فهو
برنامج هجومـي بطبيعته ، وسيسمح لأمريكا بتوجيه الضربة الأولى لروسيا
، والصين ، وهي في أمن تام من ضربة مضادة ، كما اعتـرف بذلك البروفسور
الأمريكي كير ليبر .
وفـي أوائل 2002، أعلن بوش أنه سيرسل فرقة
القبعات الخضر الأمريكية الشهيرة إلى جمهورية جورجيا لمقاتلة عناصر
القاعدة في مقاطعة بانكيسي جورج، غيـر أن الهدف الحقيقي لهذه الفرقة،
كان تدريب جيش جورجي قوي موال لواشنطن لضمان أمن خط أنابيب نفط، مقرر
إنشاؤه في بحر قزوين يمر عبر جنوب جورجيا في طريقه إلى تركيا، وذلك
بهدف تجنب المرور من روسيا.
كان تشيني وهو يضع اللّـمسات الأخيرة على
إستراتيجية السيطرة الأمريكية على كل نفط العالم، والتي وضعت ملامحها
الأولى في أوائل التسعينات، قد أعلن عام 1998، حين كان مديراً في شركة
هاليبورتون: "ليس هناك منطقة أصبحت فجأة مهمة في عصرنا كما الأمر مع
منطقة بحر قزوين".
إنها إذن الحرب النفطية الباردة ، انقلبت فجأة
إلى ساخنة ، واشتعـلت في صراع جديد في منطقة نفطية حساسة ، سيكون له
تداعيات خطيرة على منطقة القوقاز بأسرها .
ولسنا كارهين لهـذه الحرب ، ولا لكلّ قوة تمنع
تفرد أمريكا بالسيطـرة على العالم ، فدعوها تلقى جزاء بغيها ، وذروها
ترى عاقبة عدوانها .
غير أننا نسأل الله تعالى أن يجعل عاقبـة كلّ حرب ، خيرا على مسلمي تلك البقاع ، وعلى أمتنا الإسلامية في العالم بأسره ، وأن يورث هذه الأمـّة أمراً رشيداً ، يعـزُّ الله في شأنها، ويعلي رايتها ، ويوحـد كلمتها آمين.
غير أننا نسأل الله تعالى أن يجعل عاقبـة كلّ حرب ، خيرا على مسلمي تلك البقاع ، وعلى أمتنا الإسلامية في العالم بأسره ، وأن يورث هذه الأمـّة أمراً رشيداً ، يعـزُّ الله في شأنها، ويعلي رايتها ، ويوحـد كلمتها آمين.
المصدر: موقع الشيخ حامد العلي
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف: