بين موازين الحقّ وإرادة الإصلاح

منذ 2015-01-16

الغفلة عن موازين الحقّ والعقل وغيبة إرادة الإصلاح سبب كلّ المشكلات، تأمّلت حال أكثر الناس فيما يشتكون في علاقاتهم من مشكلات وخلافات، حتّى بين أهل الدين والالتزام، فوجدت أنّ تصعّد المشكلات وتأزّمها سببه الأكبر الغفلة عن تفعيل مُعادل الإيمان بحقيقته ومقتضاه، ومَنطق العقل بحكمته ورشده.

الغفلة عن موازين الحقّ والعقل وغيبة إرادة الإصلاح سبب كلّ المشكلات، تأمّلت حال أكثر الناس فيما يشتكون في علاقاتهم من مشكلات وخلافات، حتّى بين أهل الدين والالتزام، فوجدت أنّ تصعّد المشكلات وتأزّمها سببه الأكبر الغفلة عن تفعيل مُعادل الإيمان بحقيقته ومقتضاه، ومَنطق العقل بحكمته ورشده.

وبين الإيمان والعقل حبل متين، واتّصال وثيق، كما هو بين الإيمان والفطرة، وأحدهما أو كلاهما يضع الأمور في نصابها الموزون، ويعطيها حجمها الصحيح، ولا شكّ في رجحان تأثير الأوّل على الثاني، فمن لم يكن على دين يردعه، فليكن على عقل يرشده ويمنعه.

فعندما ينظر إلى أيّة مشكلة بمنظار الإيمان بمفهومه الشامل الكامل، وتوزن بميزان الشرع أو العقل، بعيداً عن الهيجان العاطفيّ، الذي تهدر به أحكام الشرع وآدابه، ويعطّل به منطق العقل وحكمته فلا بدّ أن يعتدل موقف الإنسان ويتغيّر، وأن يكون عليه من نفسه بصيرة ناقدة، تكبح جماح نفسه عن الغلوّ في تنزيه مواقفه والاعتداد بها إلى درجة المئة، واتّهام الآخرين إلى درجة ما تحت الصفر.

فإذا أضيف إلى ذلك بُعدُ الاحتساب لله تعالى، وما يمليه على الإنسان من السموّ الإيمانيّ والأخلاقيّ نزل مستوى المشكلة في تقويم الإنسان واستعداده النفسيّ إلى الحدّ الذي يخفّف من غلوائه، ويجعل حلّها في متناول يديه، وينأى بها عن التصعيد، الذي يجعلها تستعصي على حكمة الحكماء، وحلول المُحكَّمين.

وهذا ما يزرع في نفس الطرفين في أيّة مشكلة إرادة الإصلاح والاستعداد النفسيّ للتنازل عن كثير من المطالب، أو التعنّت في المواقف.

ولكنّ الواقع يقول: إنّ أكثر الناس غير مؤهّلين علميّاً، ولا نفسيّاً وتربويّاً للوقوف هذا الموقف، فكان لا بدّ لهم من الرجوع إلى من يثقون بدينه وعلمه وحكمته، كما يرجع المريض إلى الطبيب لكشف علّته، وتقديم العلاج الناجع له، ومن هنا جاء الحلّ القرآنيّ: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا} [النساء من الآية:35].

ثمّ جاء قولُ الله تعالى: {إِن يُرِ‌يدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّـهُ بَيْنَهُمَا} [النساء من الآية:35]. وهذه الإرادة تشمل الحكمين، كما تشمل المُتنازِعَين المُختلِفَين.

وإخفاق الحكمين في مهمّة الإصلاح سببه في أكثر الأحوال أنّ أحد الطرفين لا يريد الإصلاح، أو هو يائس منه، ومصرّ على الفراق، أو أنّ الحكمين لم يزرعا إرادة الإصلاح في نفوس المختلفين، ولم ينتزعا منهما الرغبة فيها، والحرص عليها، وما يتطلّبه ذلك ممّا أسلفنا من القول، ومن التهيئة النفسيّة، التي تُفعّلُ مَوازينَ الحقّ والإيمان، وترجّح منطق العقل والحكمة.

إضاءة: غفلتك عن ربّك وتعطيلك لعقلك وحكمتك يضاعف مشكلاتك، ويجعلك تهرب من مشكلة إلى ما هو أكبر منها.

 

عبد المجيد البيانوني