حوار مع الكاتب الإسلامي محمد أبو الهيثم
منذ 2008-08-22
مشرف الكتابات في موقع طريق الإسلام حفظه الله ورعاه ...
يسر مجلة أنا المسلم في عددها الخامس اللقاء مع الكاتب الإسلامي المعروف الشيخ محمد أبو الهيثم حفظه الله تعالى وذلك للتعرف عليه عن قرب، وحتى يعلم من يتابع مقالاته المتنوعة سواء في موقع طريق الإسلام أو لواء الشريعة وغيرها من الموقع أن يعرف عن كثب من هو (محمد أبو الهيثم).
س - نبدأ معكم الحوار بطلب تعريف القارئ بالكاتب الإسلامي محمد أبو الهيثم؟؟
ج - أخوكم محمد أبو الهيثم كاتب إسلامي ومشرف الأعمال الكتابية بموقع إذاعة طريق الإسلام وكاتب بموقع لواء الشريعة ولي صفحات بعدة مواقع منها الحقيقة والمختار الإسلامي، أعمل مدير مشروعات في إحدى شركات البرمجيات بالخليج العربي، حاصل على بكالوريوس في تكنولوجيا التعليم، ودبلوم في الدعوة بتقدير جيد جداً بجانب الدراسة لعامين بمعهد القرآن والحديث بدار علمية متخصصة وكنت فيها الأول على أقراني ولله الحمد بجانب إجازة في قراءة حفص، وتعلمت على يد العديد من مشايخ الدعوة الفضلاء وفقهم الله وحفظهم.
س- تنوعت مقالاتك بين الدعوي والسياسي ويقول البعض أنك تتجه نحو السياسة أكثر في الفترات الأخيرة فما السبب؟؟
ج- الأصل دعوة الناس إلى التوحيد الخالص، والتركيز على مفهوم لا إله إلا الله وتوصيله للخلق وتعليم الناس تطبيق لا إله إلا الله وجعلها واقعاً معاشاً منظوراً، ودعوة الخلق إلى التعايش الحقيقي في ظل شريعة الخالق، التي تضمن لهم الأمن والأمان واكتمال السلامة والاهتداء، هذا هو الأصل الدعوة إلى الشريعة بشموليتها كتاباً وسنة، فرائض ومندوبات، عقائد وعبادات وأخلاق.
أما الكتابة عن السياسة فهي جزء لا يتجزأ من الدعوة فالدين لا ينفصل عن الدولة والدولة لابد حتماً ألا تنفصل عن الدين، فالحكم لله وحده سبحانه ولا مشرع غيره ولا حكم إلا هو، نزل الشرع للعالمين لصيانة حياتهم ومعاشهم على وجه الأرض حتى يلاقوه سالمين فالسلامة كل السلامة في إتباع شرعه ومنهج أنبياءه والندامة في مخالفتهم، ولا يتحقق كمال الأمن وتكتمل السلامة إلا باكتمال الإيمان وتطبيقه تطبيقاً واقعياً في حياة الأفراد ألم تسمع لقول الحق تبارك وتعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [سورة الأنعام: 82].
ومن هنا فالدعوة إلى الله لا تنفك عن ربط الدين بالحياة فالشريعة الإسلامية شريعة تنظم الحياة البشرية وترتقي بها وكلما ابتعد المسلمون عن تطبيقها كلما ابتعدوا عن الرقي والتحضر، فتكامل الدين مع الدنيا مقصد شرعي وتطبيق التوحيد لا يكون إلا من خلال دولة وسلطان وشعب يطبق الشريعة ويعتنقها وينشرها وهذه هي السياسة بمعناها التطبيقي.
وقد كان التوحيد الخالص هو أول منطلقات الدعوة الإسلامية، فلما بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً إلى اليمن قال له: «إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» [الراوي: - - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: ابن تيمية - المصدر: جامع الرسائل]، وفي رواية: «إنك تقدم على قوم أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل» [رواه البخاري ومسلم].
لذا نجد أن الدعاة والمفكرين النابهين يتنوعوا في النصح والمقال بين الدعوة والواقع والتطبيق، والواقع والتطبيق يعني بكل بساطة السياسة كما أسلفت ولا يعني هذا الإغراق في أحوال الواقع وترك توصيل أصول الشريعة الإسلامية للناس وإنما الشمولية في الدعوة والتركيز على إصلاح العقائد ولتصورات والمفاهيم حتى نبني جيلاً رائداً قادراً على النهوض بالأمة من كبوتها.
س2- ما هي نظرتكم للوسائل الحديثة كوسائل دعوية يمكن أن يستفاد منها لنشر الشريعة الإسلامية؟؟
ج- الوسائل الحديثة مثلها مثل أي وسيلة يمكن أن تستخدم لخدمة الدين ونشر الشريعة كما أن يمكن أن تستخدم لهدم أخلاق الناس ومعتقداتهم، وقد أنشئت هذه الوسائل في الأصل لأغراض بعيدة تماماً عن الدين ونشر الإصلاح فالآلة الإعلامية أنشأها في الأصل أعداء الإسلام وأقل ما يمكن أن يقال أنها أنشئت لأغراض ترفيهية لنشر تجارتهم الفنية وثقافتهم الجنسية الداعرة على العالم، وبفضل الله تعالى ثم بجهود النابهين من أبناء الدعوة الإسلامية انقلب السحر على الساحر وبدأت الدعوة الإسلامية تغزو فضائيات الدنيا لتهدي العالم الحائر إلى صراط الله المستقيم وشرعه القويم وإن كانت تحتاج للكثير والكثير من الجهد لترقى للتمثيل العالمي.
وفي نفس الاتجاه كانت الشبكة العنكبوتية التي بدأت كغرض عسكري علمي ثم انتشرت كمجال إخباري ترفيهي ثم بدأت الدعوة الإسلامية تدلو بدلوها في مضمار الشبكة فكان لها عظيم الأثر ولله الحمد ، وهذا مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [سورة الأنفال: 36].
لذا أرى أن اقتحام أبناء الدعوة للوسائل الحديثة واستغلالها لنشر دين الله هو من الجهاد في سبيل الله وهو من سبيل الأنبياء شريطة أن تكون الدعوة إلى الله على بصيرة، سواء بصيرة بما يدعو إليه أو بصيرة بالواقع المحيط به وطبيعة المدعوين ومتطلبات الشعوب الإسلامية في الوقت الراهن مع عدم تقديم أي تنازلات في أصول الشريعة أو تمييع دين الله من أجل الاستمرار وإنما الصدع بالحق مهما كلف ونشر الدعوة على منهج الكتاب والسنة دون مداهنة أو تنازل أو تمييع.
س3- مع انتشار الدعوة الإسلامية على الفضائيات والشبكة العنكبوتية أصبح العلم الشرعي سهل المنال !! هل هذه العبارة صحيحة؟؟
ج - الحقيقة أن معظم الأعمال المقدمة للآن في وسائل الإعلام الحديثة تفتقد للتأصيل العلمي فمعظم الفضائيات تركز جهدها في تقديم الوعظ الدعوي، والوعظ في ذاته لا يكفي وإنما هو من أجل تجديد الإيمان وتذكير المؤمنين، وتجديد النشاط، بينما بناء المسلم يحتاج لما هو أكبر من الوعظ، يحتاج إلى تلقي العقيدة الصحيحة وتثبيت مفاهيمها في قلوب الجماهير وتصحيح المفاهيم والتصورات، كذا تصحيح المسالك وفي مقدمتها العبادات، وتخليصها من شوائب الشرك والبدع التي نشبت في أرجاء الأمة، لذا أرى أن الخطوة القادمة في العمل الإعلامي الإسلامي سواء الفضائي أو الشبكي هي تأصيل العقائد وتطهيرها من الشركيات والشبهات حتى لا يفلح مع أبناء الأمة كيد أعداءها من المنصرين والعلمانيين والروافض وغيرهم، كذا تطهير العبادات من البدع التي انتشرت في الأمة وتأصلت في سلوكيات أفرادها منذ قرون؛ حتى تقوم للمجتمعات الإسلامية قائمة ويسودوا العالم من جديد، وحتى يحمل أبناء الأمة مشاعل النور إلى العالم وينهضوا بأمتهم.
س4- ما نصيحتكم للشباب؟؟
ج - نصيحتي للشباب هي نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: «اتق الله حيثما كنت» [الراوي: أبو ذر الغفاري و معاذ بن جبل و أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: حسن - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع]، كما أنصحهم بالعقيدة التي هي أمانة في أعناقهم يجب أن يجتهدوا في تلقيها سليمة ليحملوها بحقها ويهدوها للأجيال القادمة ناصعة بيضاء كما وصلتهم، وليعلم كل شاب أن طلب العلم الشرعي وعلى رأسه العقيدة والتي من أخص خصائصها التوحيد إنما هو فرض عين عليه يأثم بالتكاسل في تعلمه.
كذا تصحيح العبادات تعلمها فرض عليه وهو ما يتمثل في علم الفقه، وقد أجمع العلماء على أن من العلوم من هو فرض عين على المسلم أن يتعلمه ولخصوه بقولهم: "ما لا يسع المسلم جهله" فيما يتعلق بالعقيدة والتوحيد حتى يعلم من يعبد وما هو حق الله على العبيد، وحتى يعلم أنواع الشرك والكفر فلا يقع فيها أو يلتبس إيمانه بظلم، وكذا تصحيح العبادات والمعاملات والتي في مجملها تصحيح المسلك وهي أيضاً فرض عليه يجب ألا يتهاون فيه، وليعلم الشباب أن العمل بما تعلم هو فرض عين أيضاً كما أن العلم فرض، لذا يجب أن يكتمل العلم والعمل في حياة أفراد الأمة وضمائرهم.
ثم أنصح الشباب بالابتعاد عن مواطن الشبهات والشهوات والحفاظ على نقاءهم من تلك السهام الموجهة إليهم سواء من شبهات يلقيها شياطين المنصرين وأعداء الدين، وكذا الابتعاد عن الشهوات المؤججة التي تقابلهم في الفضائيات وفي الجامعات، بل وفي الطرق والشوارع التي أضحت تكتظ بالعري والاختلاط وسعار الشهوات.
على الشاب أن يلجأ إلى دينه فهو الركن الركين ولن يضل أبداً ما تمسك به: قال صلى الله عليه وسلم: وفى صحيح مسلم عنه من حديث جابر أنه قال في خطبة الوداع: «تركت فيكم شيئين، لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع].
وعلى الفتاة كذلك أن تعلم أنها نصف الأمة وحصنها الحصين فهي صانعة الرجال ومربية الأجيال وحاملة الأمانة في أحضانها، فهي الأم والأخت والزوجة الصالحة التي إن فسد فسد معها نصف المجتمع وأغوت النصف الآخر، لذا تنبه أعداء الإسلام لدورها فحاولوا الولوج من خلالها ولكن هيهات هيهات، فالله متم دينه ومعز أولياءه و رافع منهج رسله.
وفي نهاية لقاءنا مع الشيخ محمد أبو الهيثم نتوجه إليه بجزيل الشكر والعرفان على إتاحة هذه الفرصة للقاء معه وندعو له بالتوفيق في جميع أمره كله.
محمد المصري.
رئيس تحرير مجلة أنا المسلم.
المصدر: مجلة أنا المسلم
محمد المصري
معلم وباحث إسلامي مهتم بالقضايا التربوية والاجتماعية ،وله عديد من الدراسات في مجال الشريعة والعقيدة والتربية الإسلامية.
- التصنيف: