البحث و التنقيب في تراثنا!

منذ 2015-01-21

لا يمكن أن نعتكف فقط على النظريات الحديثة، فالمعمول هو النبش في تراثنا المغربي، حتى نعيد المجد لعلمائنا؛ من خلال فكرهم النير والثاقب.

فقد كتبت مقالًا سابقًا في الفكر التربوي الإسلامي من خلال كتابات (ابن سحنون) و(القابسي) وغيرهم، إلا أن هذه المرة سأحط الرحيل والزاد للفكر المغربي خصوصًا، مع مجموعة من المفكريين؛ الذين تحدثوا عن أهم النقط التي تناولتها النظريات الحديثة.

بداية يمكن القول بأن كل من (المختار السوسي) المتوفى عام ثلاثة وثمانين وألف من الهجرة؛ صاحب كتاب (سوس العالمة)، و(المعسول)، و(المساري) المنحدر من  قبيلة (مسارا) بجبال الريف صاحب منظومة (سراج الطلاب)، و(أحمد البلغيثي الفاسي) صاحب كتاب (مقنع المحتاج)، ثم (الابتهاج بنور السراج)، و(الطرنباطي الفاسي) صاحب كتاب (بلوغ أقصى المرام)؛ فهؤلاء العلماء تناولوا قضايا تربوية كانت بدايتها الحديث عن تربية الطفل، ثم جسدوا لنا كيفية العلاقات التربوية التي تربط كل من المدرس والمتعلم.

ثم تحدثوا عن منهجية التدريس من خلال إعطاء المتعلم فسحة للأسئلة وحرية التعبير، كما أن الإجابة يجب أن تكون من طرف المدرس بصدر رحب، ووجه بشوش، ثم أكدوا على ضرورة مخاطبة المتعلمين حسب عقولهم، فليس شأن المبتدأ، شأن الفحول، وهي ما نسميها بمراعاة الفروق الفردية.

كما أكدوا على ضرورة تسلح المدرس بما هو معرفي، وما هو بيداغوجي وأخلاقي، إلا أن من بين النقط التي يمكن أن أقارن بين الفكر التربوي المغربي، والنظريات الحديثة هما: الخطأ بالنسبة للمتعلم، ثم مسألة التحفيز.

الخطأ بالنسبة للمتعلم وارد عند كل من (المساري) و(البلغيثي) اللذان أكدا على ضرورة الخطأ لدى المتعلم، والذي من خلاله يمكن للمدرس أن يبني درسه، أو إن صح التعبير أن يبني تعلمات المتعلم، ومن هنا نرى أن النظريات الحديثة، وأخص  بالذكر النظرية البنائية مع (جون بياجي)، التي تعتبر بأن الخطأ شرط في التعلم.

التحفيز كذلك موجود لدى هؤلاء المفكرين المغاربة، من خلال ربطه بالدرس، فالتحفيز ضروري في المنظومة التربوية، فيعتبر من بين الوسائل التي يطور بها المدرس أجوبة المتعلمين، وإليكم بعض الأبيات التي تدعوا لأهميته:

وإن ترى القلوب حينا فاتــرة   .:.     لكسل فاقصص عليهم نــادرة

ليست بأجنبية في الدرس       .:.         تدني بواسق الأنس

من ملح الأكياس تجلب الفرح   .:.        وتبسط الروح وتقبض الترح

ليحصل النشاط للقلوب       .:.         ويظفروا بغاية المطلوب

وهذه النقطة كذلك واردة في المدرسة السلوكية؛ التي تتمحور نظريتها حول المثير والمستجيب، إلا أن (سكينر) -وهو من رواد المدرسة السلوكية- أضاف نقطة التحفيز للمثير حتى ينتظر دائمًا من المتعلم إجابات عديدة، كما أنه قسم التحفيز إلى إيجابي وسلبي، فالأول مثير ومريح عند إضافته للموقف يزيد من معدل احتمالية الإستجابة، والثاني مثير غير سار، عنده سحبه يكون العكس.

وختامًا فَكِلا النقطتين موجودتين في فكرنا المغربي، كما لا يمكن أن نعتكف فقط على النظريات الحديثة، فالمعمول هو النبش في تراثنا المغربي، حتى نعيد المجد لعلمائنا؛ من خلال فكرهم النير والثاقب.

 

بقلم/ الحسين باروش

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام